باب : الماء الذي يغسل به شعر الإنسان ، وكان عطاء لا يرى به بأساً : أن يتخذ منها الخيوط والحبال . وسؤر الكلاب وممرها في المسجد ، وقال الزهري : إذا ولغ في إناء ليس له وضوء غيره يتوضأ به . وقال سفيان : هذا الفقه بعينه ، يقول الله تعالى : (( فلم تجدوا ماءً فتيمموا )) . وهذا ماء ، وفي النفس منه شيء ، يتوضأ به ويتيمم . حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرّحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الوضوء من صحيحه :
" باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان "
وكان عطاء لا يرى به بأسا أن يتخذ منها الخيوط والحبال وسؤر الكلاب وممرها في المسجد.
الشيخ : ...
القارئ : " وقال الزهري : إذا ولغ في إناء وليس له وضوء غيره يتوضأ به، وقال سفيان : هذا الفقه بعينه ، يقول الله تعالى : (( فلم تجدوا ماءا فتيمموا ))، وهذا ماء ، وفي النفس منه شيء يتوضأ به ويتيمم ".
الشيخ : هذه آثار ذكرها البخاري رحمه الله ، الماء الذي يغسل به شعر الإنسان هل يكون نجسا أو طاهرا ؟ .
يكون طاهرا لأن شعر الإنسان طاهر ، وما تغير بالطاهر فهو طاهر ، وهذا يدلنا على أن البخاري رحمه الله لا يرى قسما ثالثا في باب المياه ، وأن أقسام المياه اثنان فقط : طهور ونجس، خلافا لمن قال أن هناك قسما ثالثا بينهما وهو الطاهر ، فالمياه إما طاهر مطهر وإما نجس منجس، وإما طاهر غير مطهر على رأي بعض العلماء .
والصواب أنه قسمان فقط : طاهر مطهر ونجس منجس، فما تغير بالنجاسة فهو نجس منجس، وما لا فهو طاهر مطهر هذا هو الصحيح.
وقال : " وكان عطاء لا يرى بأسا أن يتخذ منها الخيوط والحبال " يعني من شعر الإنسان و، كانت الشعور في ذلك العهد تطال يعني الرجل يكون عليه شعر طويل ، فيقول لا بأس أن يتخذ منها الخيوط والحبال، الخيوط الدقيقة والحبال الغليظة.
ولكن في النفس من هذا شيء ، لأن في هذا نوع امتهان للإنسان أن يجعل شعره حبالا وخيوطا، ثم هذه الحبال ما الذي يربط بها ؟ .
يمكن ربط بها العنز أو الكلب ، ومشكلة هذه ، ففي النفس من هذا شيء.
قال : " وسؤر الكلاب وممرها في المسجد "، سؤر الكلاب بقية شرابها وطعامها هل هو نجس أو ليس بنجس ؟ .
نقول إن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : ( إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبعا )، وهذا يقتضي أن يكون نجسا ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلّم أمر بغسله ولا غسل إلا من نجاسة، بل إنه صلّى الله عليه وسلم قال : ( عفروه الثامنة بالتراب ) وهذا يدل على غلظ نجاسته .
ولكن بعض العلماء يرى أن هذا من باب التطهير ، تطهير غير النجس، وذلك لأن الماء قد لا يتغير بولوغ الكلب فيه فلا يتغير بالنجاسة ، ولو كان من أجل النجاسة لكان إذا طهر ولو بثلاث كفى ، وإذا طهر ولو بغير التراب كفى، ولكنه شيء وراء النجاسة كما يأتي في الآثار .
ولكن جمهور العلماء على أنه نجس وأن نجاسته مغلظة ، ولهذا قالوا النجاسات ثلاثة أقسام : مغلظة ومخففة ومتوسطة، فالمغلظة نجاسة الكلب ، والمخففة نجاسة بول الصغير الذي لا يأكل الطعام ، وكذلك على القول الراجح المذي فإن نجاسته مخففة يكفي فيه النضح ، والمتوسطة ما عدا ذلك.
وأما قوله : " وممرها في المسجد " فيشير إلى ما ثبت أن الكلاب في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم كانت تقبل وتدبر في المسجد وتبول ، لكن كلمة تبول معناها وهي تبول ومع ذلك لم تمنع ، وليس المعنى أنها تبول في المسجد لأنها لو بالت في المسجد لنقل تطهيرها ، فالكلاب تمر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام في المساجد ذاهبة وأيبة ولا بأس بذلك . فهل نقول أن هذا يدل على طهارتها كما ذهب إليه الإمام مالك رحمه الله ؟ .
الجواب لا، لا نقول بهذا، لماذا ؟ . لأنها تمر بالمسجد يابسة فلا يعلق بالمسجد شيء من نجاستها ، والمسجد كذلك يابس فلا يعلق شيء من نجاستها بالمسجد، ولهذا قال العامة قاعدة فقهية مفيدة وهي : ليس بين اليابسين نجاسة، قاعدة عامية يتداولها النساء العجائز لكنها فقهية تماما ، ليس بين اليابسين نجاسة، يعني إذا تلاقى شيئان يابسان ولو كان أحدهما نجسا فلا نجاسة .