باب : قراءة القرآن بعد الحديث وغيره ، وقال منصور عن إبراهيم : لا بأس بالقراءة في الحمام ، ويكتب الرسالة على غير وضوء . وقال حماد عن إبراهيم : إن كان عليهم إزار فسلم ، وإلا فلا تسلم . حفظ
القارئ : " باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره "
وقال منصور عن إبراهيم : " لا بأس بالقراءة بالحمام ، وبكتب الرسالة على غير وضوء ". وقال حماد عن إبراهيم : " إن كان عليهم إزار فسلِّم وإلا فلا تسلِّم ".
الشيخ : قال المؤلف رحمه الله تعالى : " باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره " يعني أنها تجوز قراءة القرآن بعد الحدث وبعد غيره أو وفي غير هذا الحال ، وظاهر كلام البخاري رحمه الله أنه يجوز للجنب أن يقرأ القرآن ، لأن الحدث يشمل الأصغر والأكبر ، وهذا مبني على أن الحديث الوارد في ذلك لا يدل على التحريم أو أنه غير صحيح .
وقد اختلفت مسالك العلماء في ذلك ، فمنهم من قال أن أحاديث أو إن حديث النهي عن قراءة القرآن في حال الجنابة ضعيف ، ومنهم من قال أنه ليس فيه تصريح بتحريم القراءة على الجنب ، لأن أحسن ما فيه حديث علي : ( كان النبي صلّى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن ما لم نكن جنبا - وفي لفظ - ما لم يكن جنبا )، وهذا لا يدل على أنه يحرم، اللهم إلا من وجه بعيد بأن يقال تعليم القرآن واجب ولا يترك الواجب إلا لواجب ، فإذا قيل بهذا استقام الدليل على أنه لا يجوز للجنب أن يقرأ القرآن ، وهذه مسألة مختلف فيها . وهي غير مسألة مس المصحف فإن مس المصحف له حكم آخر.
وقد اختلف العلماء في حكم مس المصحف بغير طهارة ، فمنهم من قال أنه لا يجوز أن يمس القرآن إلا وهو طاهر لحديث عمرو بن حزم المشهور وفيه : ( ألا يمس القرآن إلا طاهر ) وهذا الحديث وإن كان ضعيفا من حيث السند لكن قواه العلماء لاشتهاره والعمل به ، وقالوا إن المرسل إذا اشتهر وعمل به الناس كان دليلا على أنه صحيح، طيب وفيه ( ألا يمس القرآن إلا طاهر ) .
ومع ذلك اختلف المصححون للحديث في كلمة : ( طاهر )، فقيل معناه إلا مؤمن لقول النبي صلّى الله عليه وسلم : ( المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا ) فيكون ( إلا طاهر ) أي إلا مؤمن ، ولكن التعبير عن المؤمن بطاهر غير معروف ولا مألوف في الشرع ، وإنما المعروف التعبير عن المؤمن بوصفه ، وعن التقي بوصفه، ثم إن كلمة الطهر في القرآن الكريم جاءت في الطهارة من الحدثين ، فقال الله تعالى بعد أن ذكر آية الوضوء، بعد أن ذكر الوضوء والغسل قال : (( ما يريد الله يجعل عليكم في الدين من حرج ولكن يريد ليطهركم )) وجاء في الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلم : ( لا يقبل الله صلاة بغير طهور ) أي بغير وضوء.
وكنا نرى أنه لا يجب الوضوء لمس المصحف لكن بعد التأمل يتبين لنا أن القول قول جمهور أنه لا يجوز مس المصحف بغير طهارة ، ولكن يرد على هذا إذا احتاج الإنسان إلى القراءة في المصحف فماذا يصنع وهو على غير وضوء ؟ .
نقول يضع حائلا لأنه إذا وضع حائلا لم يصدق عليه أنه مسه لوجود الحائل بينه وبين المصحف.
ثانيا : هل هذا الحكم يشمل الصغار الذين يدرسون في المدارس الابتدائية ؟ .
قال بعض العلماء يشملهم إلا أنه يستثنى من ذلك مسهم لجوانب اللوح الذي ليس فيه كتابة ، يعني يكتب القرآن في اللوح ويجعل حاشية من أجل أن يمسكه الصبي فلا يمس القرآن بل يمس هذا اللوح، وقال بعض العلماء بل يجوز للصبيان أن يمسوه مطلقا لأن الصبيان غير ملزمين ولا مكلفين بالعبادات ، وهذا مبني على أصل أن ما وجب على المكلف لا يجب على الصبي.
ولهذا أجاز القائلون بهذا أجازوا للصبي إذا دخل في النسك حجا كان أم عمرة أن يتحلل منه بدون أي شيء ، وهذا فيه تفريج للناس وتسهيل عليهم ، لأن إلزام هؤلاء الصغار بالطهارة فيه مشقة لا سيما في أيام الشتاء.
لكن القلب قد لا يطمئن إلى هذا من جهة أن المقصود بالطهارة تعظيم القرآن ، وتعظيم القرآن مطلوب من البالغ وغير البالغ بخلاف من شرع في النسك من الصغار وأراد أن يتحلل فهذا لم ينتهك حرمة شيء معين، على كل حال المسألة فيها خلاف، المذهب عندنا أنه يجوز للصغير أن يمس اللوح الذي كتب فيه القرآن لكن مع الخالي، ماذا ؟ يمس الخالي من الكتاب .