قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ حفظ
القارئ : " ... فاستدل بهذا الحديث على أن تبدل الصفة يؤثر في الموصوف، فكما أن تغير صفة الدم بالرائحة الطيبة أخرجه من الذم إلى المدح فكذلك تغير صفة الماء إذا تغير بالنجاسة يخرجه عن صفة الطهارة إلى النجاسة ، وتعقب بأن الغرض إثبات انحصار التنجيس بالتغير وما ذكر يدل على أن التنجيس يحصل بالتغير وهو وفاق لا أنه لا يحصل إلا به وهو موضع النزاع، وقال بعضهم مقصود البخاري أن يبين طهارة المسك ردا على من يقول بنجاسته لكونه دما انعقد، فلما تغير عن الحالة المكروهة من الدم وهي الزهم وقبح الرائحة إلى الحالة الممدوحة وهي طيب رائحة المسك دخل عليه الحل ، وانتقل من حالة النجاسة إلى حالة الطهارة كالخمرة إذا تخللت، وقال ابن رشيد : مراده أن انتقال الدم إلى الرائحة الطيبة هو الذي نقله من حالة الذم إلى حالة المدح فحصل من هذا تغليب وصف واحد وهو الرائحة على وصفين وهما الطعم واللون ، فيستنبط منه أنه متى تغير أحد الأوصاف الثلاثة بصلاح أو فساد تبعه الوصفان الباقيان ، وكأنه أشار بذلك إلى رد ما نقل عن ربيعة وغيره أن تغير الوصف الواحد لا يؤثر حتى يجتمع وصفان ، قال ويمكن أن يستدل به على أن الماء إذا تغير ريحه بشيء طيب لا يسلبه اسم الماء كما أن الدم لم ينتقل عن اسم الدم مع تغير رائحته إلى رائحة المسك لأنه قد سماه دما مع تغير الريح ، فما دام الاسم واقعا على المسمى فالحكم تابع له، انتهى كلامه، ويرد على الأول أنه يلزم منه أن الماء إذا كانت أوصافه الثلاثة فاسدة ثم تغيرت صفة واحدة منها إلى صلاح أنه يحكم بصلاحه كله وهو ظاهر الفساد ، وعلى الثاني أنه لا يلزم من كونه لم يسلب اسم الماء أن لا يكون موصوفا بصفة تمنع من استعماله مع بقاء اسم الماء عليه والله أعلم، وقال ابن دقيق العيد لما نقل قول من قال أن الدم لما انتقل بطيب رائحته من حكم النجاسة إلى الطهارة ومن حكم القذارة إلى الطيب بتغير رائحته حتى حكم له بحكم المسك وبالطيب للشهيد ، فكذلك الماء ينتقل بتغير رائحته من الطهارة إلى النجاسة قال هذا ضعيف مع تكلفه ".
الشيخ : الذي يظهر لي ما قلته أولا ، إثبات أن الدم له رائحة فإذا تغير ما سقط فيه الدم بهذه الرائحة صار حكمه حكم الدم ، فإن كان الدم طيبا فالماء طيب ، وإن كان خبيثا فالماء خبيث .
وهنا دماء طيبة دم الكبد طيب ودم القلب طيب ودم الحوت طيب ، فإذا سقط هذا الدم في ماء وتغير به فالماء باق على طهوريته .
أما الدم المسفوح فهو نجس ، فإذا سقط في ماء وتغير به كان نجسا ، وهذا الذي ذكرته والله أعلم أقرب الاحتمالات ، لأن هذه الاحتمالات التي ساقها فيها شيء من التعسف ويبعد ان البخاري أرادها ،