فوائد حفظ
الشيخ : ومن فوائد هذا الحديث هذا التفويض التام لله رب العالمين لأن الإنسان الآن نائم مفوض أمره إلى الله تفويضا تاما ( اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك ) من كل جانت من الوجه والظهر والأمر يعني الشأن فوضت أمري يعني شأني إليك، ( رغبة ورهبة إليك ) رغبة فيما لديك من الفضل والثواب ورهبة مما عندك من العقاب، ( لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ) لا ملجأ يعني لا يمكن أن ألجأ إلى أحد دونك (( وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له )) كذلك لا يمكن أن أنجو إلا بك إذا أردت بي شيئا لا يمكن أن أنجو إلا بك ولهذا قال الله تعالى : (( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء )) ، ( اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ) يحتمل أن يكون المراد عموم الكتب ويحتمل أن يكون المراد به القرآن الذي أنزل على محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلم وهذا هو الأقرب، قال ( وبنبيك الذي أرسلت ) يعني محمّدا صلّى الله عليه وعلى آله وسلم، ( فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة ) الفطرة يعني التوحيد الخالص إن مت من نومتك هذه فأنت على الفطرة، ( واجعلهن آخر ما تتكلم به ) وعلى هذا فيكون هذا الدعاء بعد التسبيح والتحميد والتكبير الذي أمر به النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم عليا وفاطمة لأن فاطمة طلبت من النبي عليه الصلاة والسلام خادمة وأخبرت أن يديها ما أدري تشققت أو تفطرت من الرحى لأنها هي التي تطحن، فقال عليه الصلاة والسلام : ( ألا أدلكما على خير من خادم ؟ تسبحون ثلاثا وثلاثين وتحمدون ثلاثا وثلاثين وتكبرون أربعا وثلاثين عند النوم فهذا خير لكما من خادم ) فهذا الذكر يعطي الإنسان القوة والعزيمة على شؤون بيته، لكن ظاهر الحديث حديث البراء هذا أن الدعاء الذي علمه النبي صلّى الله عليه وسلم البراء يقال بعد التسبيح المذكور وبعد كل الأذكار النومية ، يقول : ( فرددتها على النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ) لأجل أن يتيقن من ضبطها وغلط فيها أو لا؟ غلط غلطة واحدة هو الآن أبي أسألكم أنتم هل حفظتموها؟ من قبل؟ من الآن؟ المهم على كل حال نحن نقر بأنه ليس عندنا حفظ كحفظ الأولين، يقول : ( فلما بلغت اللهم آمنت بكتابك الذي أرسلت قلت ورسولك قال : لا ونبيك الذي أرسلت ) يعني أن البراء قال ورسولك الذي أرسلت لكن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : ( ونبيك الذي أرسلت ) فاختلف العلماء رحمهم الله في توجيه هذا التغليظ من الرسول عليه الصلاة والسلام، لماذا قال له قل ونبيك مع أن الرسول يتضمن النبي ولا عكس، فقال بعض العلماء : في هذا دليل على أن ألفاظ الأذكار توقيفية وأنه لا يجوز فيها التغيير ولو بالمعنى وقال بعض العلماء : إنما قال : ( ونبيك الذي أرسلت ) لأن الرسول يشمل الرسول البشري والرسول الملكي فلو قال ورسولك الذي أرسلت لم يتعين أنه محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلم يحتمل أنه من؟ جبريل فأراد أن يأتي باللفظ الذي لا يحتمل هذا الاحتمال، ووجه آخر قالوا : إن تضمن الرسالة للنبوة أن دلالة الرسالة على النبوة دلالة تضمن ودلالة التضمن دون دلالة المطابقة فإذا قال نبيك الذي أرسلت صرح بالنبوة وصرح بالرسالة وهذا الوجه أصح يعني بمعنى أنه ليس السبب في كونه يقول : ( نبيك الذي أرسلت ) أن ألفاظ الدعاء والأذكار لا تغير بل لأنه إذا قال رسولك الذي أرسلت تغير المعنى، وجه التغير يا جماعة ؟ أنه يحتمل الرسول الملكي فإذا قال نبيك الذي أرسلت صار الرسول البشري لأن الرسول الملكي لا يسمى نبينا، ثانيا أنه لو قال رسولك لكانت دلالة هذه الكلمة على النبوة دلالة الالتزام لأن اللازم الرسول أن يكون نبيا وأما إذا قال نبيك الذي أرسلت صارت دلالة ومطابقة ومعلوم أن دلالة المطابقة أولى من دلالة الالتزام وهذان التعليلان هما الصحيح وكلاهما صحيح .