باب : هل يدخل الجنب يده في الإناء قبل أن يغسلها ، إذا لم يكن على يده قذر غير الجنابة ، وأدخل ابن عمر والبراء بن عازب ، يده في الطهور ولم يغسلها ، ثم توضأ . ولم ير ابن عمر ، وابن عباس بأساً بما ينتضح من غسل الجنابة . حفظ
القارئ : باب هل يدخل الجنب يده في الإناء قبل أن يغسلها إذا لم يكن على يده قذر غير الجنابة.
( وأدخل ابن عمر والبراء بن عازب يده في الطهور ولم يغسلها ثم توضأ ).
( ولم ير ابن عمر وابن عباس بأسا بما ينتضح من غسل الجنابة ).
الشيخ : هذه المسألة أشار إليها البخاري رحمه الله بترجمة مبنية على استفهام هل وذلك أن بعض العلماء يقول أن الجنب لا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها لأن الجنابة حلت جميع البدن فإذا أدخل يده في الإناء أدخلها في جنابة وحينئذ يفسد الماء ويكون طاهرا غير مطهر، ولكن الصحيح أنه ليس في الشريعة قسم يسمى طاهرا غير مطهر وأن الماء قسمان فقط إما طهور وإما نجس فإن تغير بالنجاسة فهو نجس وإن لم يتغير بالنجاسة فهو طهور وهذا القول هو الصحيح، أما ما يتعلق بغمس اليد في الإناء وهو عليه جنابة فإننا نقول لا شك أن الأفضل عدمه لكن لو فعل فإن الماء يكون باق على طهوريته ولا يكون بذلك نجسا ولا طاهرا غير مطهر قال : ( ولم ير ابن عمر وابن عباس بأسا فيما ينتضح من غسل الجنابة ) يعني إذا اغتسل الإنسان فهل الماء الذي ينزل من اغتساله هل فيه بأس؟ نقول فيه خلاف، من العلماء من قال فيه بأس وأنه لا يرفع الحدث ولا يزيل النجس أيضا لأنه طاهر غير مطهر حيث استعمل في طهارة واجبة، ولكن الصحيح أنه لا بأس أن يزال به النجاسة ولا بأس أن يرفع به الحدث لأنه طهور ولا يكون طاهرا غير مطهر، أعرفتم الآن؟ ما أدري عنك، أعرفت؟ اغتسل رجل من الجنابة وصار الماء يتناثر من بدنه فمن العلماء من يقول هذا الماء المتناثر طاهر غير مطهر لأنه استعمل في طهارة واجبة، أفهمت؟ طيب ومنهم من يقول أنه طهور ولا بأس به لأنه حتى وإن استعمل في طهارة واجبة فهو ماء ما زال على اسمه ماء وهذا القول هو الصحيح، وكما ذكر البخاري علقه جازما به عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وليعلم أن الماء المستعمل إما أن يكون في طهارة واجبة أو طهارة مستحبة أو للتبرد، يعني إنسان اغتسل قد يكون عن جنابة، فالماء المتناثر منه يكون طاهرا غير مطهر على قول مرجوح استعمل الماء في غسل مستحب كغسل الجمعة على القول بأنه مستحب يكون هذا الماء طهورا حتى إن الذين قالوا أنه في الأول يكون طاهرا غير مطهر يكون هنا طهورا لماذا؟ لأنه لم يرفع به حدث، لكن كرهه بعضهم قالوا طهور مكروه والتعليل أن العلماء اختلفوا هل يكون طاهرا غير مطهر إذا استعمل في طهارة مستحبة أو يكون طهورا فمراعاة لهذا الخلاف نقول هو طهور مكروه، الثالث إذا استعمل في غير طهارة للتبرد أو لتنظيف الجسم فماذا يكون؟ يكون طهورا ولا كراهة فيه والصحيح أنه في كل الأقسام هذه طهور لا كراهة فيه هذا الصحيح، فإن قال قائل لماذا لا تكرهونه مراعاة للخلاف؟ فالجواب : أن الخلاف ليس من الأدلة التي تثبت بها الأحكام والتعليل بمراعاة الخلاف عليل لكن يقال الخلاف إذا كان هناك شبهة في دليله فربما نسلك سبيل الاحتياط ونقول بالكراهة لا من أجل الخلاف ولكن من أجل الدليل، الدليل الذي حصل به الاختلاف، وأما إذا كان خلاف مجرد نظر ليس له دليل من الكتاب والسنة ولا من الإجماع فإنه لا يعتبر ولا مراعاة ولا يقال يكره هذا مراعاة للخلاف وهذه مسألة يجب على طالب العلم أن ينتبه لها، التعليل بالخلاف عليل لكن إن كان الخلاف له وجهة نظر من الأدلة وأن الدليل يحتمله فهنا لا نكرهه من أجل الخلاف ولكن لأجل الدليل أنه محتمل فنقول الاحتياط أن تترك أو أن تفعل حسب ما يقتضيه الدليل ونحن إذا تأملنا لم نجد لمن قال بأن من استعمل الماء في طهارة واجبة صار طاهرا غير مطهر أو من استعمله في طهارة مستحبة يكون طهورا مكروها لم نجد لهذا دليلا وعلى هذا فنقول هو طهور غير مكروه.