فوائد حفظ
الشيخ : قوله : ( خر عليه جراد من ذهب ) في هذا دليل على كمال قدرة الله عز وجل وإلا فإن العادة أن الذهب لا يطير وأنه لا ينزل من السماء ولكن قدرة الله تعالى فوق كل شيء، وفيه دليل على جواز الاستزادة من المال إذا كان على وجه مباح ولكن هل هذا ينافي الورع أو ينافي الزهد؟
السائل : الزهد.
الشيخ : نقول لا ينافيهما وقد ينافيهما، إذا كان يأخذه لينتفع به في الآخرة فإنه لا ينافيه لا الورع ولا الزهد مثل أن يستكثر من المال للجهاد في سبيل الله أو لإعانة طلبة العلم أو لبناء المساجد أو ما أشبه ذلك فهذا لا ينافي الزهد ولا الورع، وأما إذا استزاد من المال من أجل أن يترفه في الدنيا بما أحل الله فهذا ينافي الزهد ولا ينافي الورع، ووجه ذلك أن الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة والورع ترك ما يضر في الآخرة، الفرق واضح الزهد ترك ما لا ينفع والورع ترك ما يضر، فالذي يكسب المال بطريق محرم هذا ليس بورع والذي يكتسبه بطريق مباح لكنه لا حاجة له فيه يعني عنده ما يكفيه لكنه يحب الاستزادة فهذا متورع ولكنه ليس بزاهد، والذي يترك المال إلا ما ينتفع به في الآخرة فهذا زاهد وبهذا نعرف أن الزهد ليس معناه لبس الثياب الخرقة أو ترك الأكل أو ما أشبه ذلك، بل إن من امتنع من الطيبات بدون سبب شرعي فإنه مذموم لأن الله أنكر على من حرموا ذلك فقال : (( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباه والطيبات من الرزق ))، تجد بعض الناس قد أنعم الله عليه وتيسر له أن يأكل لحما طريا وأن يأكل فاكهة وأن يأكل أشياء طيبة ولكنه يقول أنا زاهد تكفيني كسرة خبز وكأس ماء، نقول لست بزاهد أنت الآن بظلم نفسك أقرب منك إلى العدل، الزاهد من هو ؟ هو الذي يترك ما لا ينفعه في الآخرة فكل مما أحل الله لك ولهذا نقول من امتنع من أكل الطيبات بلا سبب شرعي فقد خالف هدي النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم وارتكب أمرا مذموما، لكن لو فرض أن هذا الرجل لا يستقيم أمره ولا يصلح قلبه إلا بمثل هذا العمل فإننا نقول لكل مقام مقال، وداوي المريض بالدواء المناسب.