فوائد حفظ
الشيخ : وفي هذا الأحاديث دليل على أن الأذان يتبع الصلاة لا الوقت ، وهذا فيما إذا كان القوم مجتمعين ، فإنه لا يؤذن لهم بأول الوقت يؤذن لهم إذا أرادوا أن يصلوا ، وإلا لكان الرسول عليه الصلاة والسلام لم يأمر بالانتظار .
أما إذا كان الانسان في بلد فإنه وإن كانوا يريدون أن يؤخروا الصلاة فليؤذنوا في أول الوقت من أجل من كان في البيوت ممن لا يصلي حتى يصلي في أول الوقت .
وفي هذا الحديث أيضا إشارة إلى أن الأذان تبع الإمام ، صح ؟ أو تبع الأمير ؟ .
تبع الأمير ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا السفر أميرهم فهو تبع الأمير ، أما إذا كنا في البلد فليس الأذان تبع الإمام ، تبع المؤذن هو الذي يتولاه ، وليس للإمام سلطة عليه ، الإمام له سلطة على الإقامة ، لا يقيم المؤذن قبل أن يأتي الإمام ويأذن بالإقامة ، أما الأذان فهو من مسؤولية المؤذن .
وفي هذا الحديث دليل على أن الجمادات لها إحساس ، لقوله : ( اشتكت النار إلى ربها فقالت : يارب أكل بعضي بعضا من شدة الحر وشدة البرد ) فإذن الله لها أن تتنفس في الشتاء وتتنفس في الصيف ، تتنفس في الصيف ليخرج منها أو يخف عليها الحر ، وفي الشتاء ليخف عليها البرد ، وعلى هذا فأشد ما نجد من الحر يكون من فعل جهنم ، وأشد ما يكون من الزمهرير من زمهرير جهنم .
فإن قال قائل : هذا مشكل حسب الواقع ، لأن من المعروف أن سبب البرودة في الشتاء هو بعد الشمس عن مسامتة الرؤوس ، وأنها تتجه إلى الأرض على جانب بخلاف الحر ؟.
فيقال : هذا سبب حسي ، لكن هناك سبب وراء ذلك وهو السبب الشرعي الذي لا يدرك إلا بالوحي ، ولا مناقضة أن يكون الحر الشديد الذي سببه أن الشمس تكون على الرؤوس أيضا يؤذن للنار أن تتنفس فيزداد حر الشمس ، وكذلك بالنسبة للبرد ، الشمس تميل إلى الجنوب ويكون الجو باردا بسبب بعدها عن مسامتة الرؤوس ، ولا مانع من أن الله تعالى يأذن للنار بأن يخرج منها شيء من الزمهرير يبرد الجو ، فيجتمع في هذا السبب الشرعي المدرك بالوحي والسبب الحسي المدرك بالحس .
ونظير هذا الكسوف والخسوف ، الكسوف معروف سببه ، والخسوف معروف سببه ، سبب خسوف القمر حيلولة الأرض بينه وبين الشمس ، ولهذا لا يكون إلا في المقابلة يعني لا يمكن يقع خسوف القمر إلا إذا قابل جرمه جرم الشمس ، وذلك في ليالي الإبدار حيث يكون هو في المشرق وهي في المغرب أو هو في المغرب وهي في المشرق .
وأما الخسوف فسببه حيلولة القمر بين الشمس والأرض ، ولهذا لا يكون إلا في الوقت الذي يمكن أن يتقارب جرما النيرين وذلك في التاسع والعشرين أو الثلاثين أو الثامن والعشرين ، هذا أمر معروف مدرك بالحساب ، لكن السبب الشرعي الذي عرفناه بالوحي هو أن الله يخوف بهما العباد ، ولا مانع من أن يجتمع السببان الحسي والشرعي .
لكن من ضاق ذرعا بالشرع قال : هذا مخالف للواقع ولا نصدق به ، ومن غالى في إثبات الشرع قال : لا عبرة لهذة الأسباب الطبيعية ، ولهذا قالوا : يمكن أن يكسف الشمس القمر في ليلة العاشر من الشهر ، وبنوا على ذلك أنه لو كسف القمر قبل الدفع من عرفة فهل يدفع ؟ . لأن السنة المبادرة بالدفع بعد غروب الشمس أو يصلوا الخسوف ثم يدفع ؟ .
قالوا يصلي الكسوف ثم يدفع ، لكن نقول هذا لا يمكن ، إذا قالوا أن الله على كل شيء قدير ، نقول : الله على كل شيء قدير أن يطلع الشمس نصف الليل ، وهل يمكن عادة أن تطلع الشمس نصف الليل ؟ هذا لا يمكن ، مسألة القدرة شيء آخر ، لكن هذا حسب سنة الله عز وجل في هذا الكون أنه لا يمكن أن ينخسف القمر في الليلة العاشرة أبدا .
وعجباً لبلدٍ قبل سنتين قام المؤذن ليلة اثنين وعشرين من الشهر فقام ولما رأى القمر ليلة اثنين يكون منثلما أليس كذلك ؟ . قام فزعاً فنادى في الميكرفون الصلاة جامعة ، ثم سمعه مساجد أخرى مثله فقالوا الصلاة جامعة ، ففزع الناس ، ولا فيه واحد انتبه للموضوع ذهبوا إلى المساجد وقاموا يصلون صلاة الخسوف ليلة اثنين ، مع أنهم لو فطنوا عرفوا أن انثلام القمر هنا ما هو خسوف حسب الأمر الطبيعي العادي .