فوائد حفظ
الشيخ : ففي هذا الحديث دليل على مسائل متعددة أولا أن العرب صاروا يفرون إلى الرسول عليه الصلاة والسلام من كل صوب وذلك بعد انتصار الإسلام وعزته ، صاروا هم الذين يأتون وليسوا هم الذين يؤتى إليهم ، ومن هؤلاء مالك بن الحويرث ومن معه من قومه ، وفيه أيضا أن الليل والليلتين لا تكفيان لتأثر الناس بمن كان عندهم بل لا بد من إقامة حتى يصطبر الإنسان بالبيئة التي أقام فيها . صحيح أن الإقامة ليلة أو ليلتين فيها فائدة ، لكن الفائدة التي تصل إلى أعماق القلب هي في طول المدة ، ومن فوائد هذا الحديث وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو أهله من كونه رحيم ، وهذا جاء في القرآن الكريم حيث قال تعالى : (( بالمؤمنين رؤوف رحيم )) أما بالكفار فليس كذلك بل قد قال الله : (( محمد رسول الله والذين معه )) إيش ؟ (( أشداء على الكفار )) وقال الله تعالى : (( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين )) فلا ينبغي للإنسان أمام الكافر أن يري الكافر أنه في منزلة الذل بل يجب عليه أن يري الكافر أنه في مقام العزة والقوة ، وفي هذا الحديث أيضا الاستدلال بلسان الحال أو الإكتفاء بلسان الحال عن لسان المقال من أي تؤخذ ؟
الطلاب : فلما رأى
الشيخ : فلما رأى شوقنا إلى أهالينا ، هؤلاء الوفد لم يقولوا يا رسول الله اشتقنا لأهلنا لكن من حسن رعاية الرسول عليه الصلاة والسلام للأمة لما رأى أنهم اشتاقوا إلى أهلهم أمرهم أن ينصرفوا ، وفيه أيضا من فوائده أن الإنسان لا ينبغي أن يغيب عن أهله إلا في أمر لا بد منه ، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسافر إذا قضى حاجته أن يعجل إلى أهله لأن بقاءه في أهله آنس له ، وآنس لهم وأقرب إلى القيام بواجب الرعاية وغير ذلك من المصالح العظيمة بخلاف السفر والعزبة والبعد عن الأهل ولهذا قال فكونوا فيهم ، ومن فوائد الحديث أنه يجب على الإنسان أن يعلم أهله نسأل الله العون على ذلك
الطلاب : آمين
الشيخ : يجب أن يعلمهم إذا كان يجب على الإنسان أن يعلم الأجانب فتعليمه لأهله
الطلاب : من باب أولى
الشيخ : من باب أولى وإنا لنسر كثيرا إذا نزلنا ببيت إنسان وجاء أولاده الصغار لم يدركوا التمييز إلا قريبا فتجدهم يقرؤون الفاتحة ، يقرؤون التشهد ، يقرؤون السور القصيرة يسر الإنسان بهذا ويعرف أن هذا الرجل قد قام بواجب الرعاية ، فالواجب أن نعلم أهلنا بقدر ما نستطيع ، والتعليم كما يكون بالقول يكون أيضا بالفعل ربما وجود الإنسان معهم على الغداء وعلى العشاء وعلى القهوة يحصل به التعليم يسمي إذا بدأ ويحمد إذا انتهى ويجالسهم بالأنس والإنشراح ، ومن فوائد هذا الحديث الإحالة على الفعل دون التفصيل بالقول ، لقوله وصلوا كما رأيتموني أصلي ، ما قال صلوا إقرأوا الفاتحة قوموا كبروا اقرأوا الفاتحة إركعوا قال كما رأيتموني أصلي ففيه جواز الإحالة على الفعل دون التفصيل بالقول ولكن هذا بشرط أن يكون الفعل
الطلاب : معلوما
الشيخ : إيش ؟
الطلاب : معلوما
الشيخ : معلوما ، طيب ، ومن فوائد هذا الحديث وجوب الأذان بعد دخول وقت الصلاة لقوله : إذا حضرت الصلاة والصلاة لا تحضر إلا بدخول وقتها فيكون في الحديث دليل على ضعف قول من يقول إنه يجوز أن يؤذن لصلاة الفجر قبل طلوع الفجر بل بالغ بعضهم حتى قال من بعد منتصف الليل ، وعلى هذا القول يجوز لأهل البلد إذا صارت الساعة الثانية عشرة أن يؤذنوا لصلاة الفجر ثم يذهبوا فيناموا فإذا طلع الفجر قاموا وصلوا بلا أذان وهذا اللازم لا شك أنه مخالفة لشعائر الإسلام لكن أحيانا العالم يقول قولا ثم لا يستحضر لوازمه ، ولو استحضر لوازمه لرجع عنه ، ولهذا اختلف العلماء في لازم القول هل هو قول أو لا ، والصواب أن لازم قول الله ورسوله قول وحق لأن الله يعلم ما يلزم من قوله والرسول يعلم ما يلزم من قوله ، وأما أقوال العلماء فليس لازمها بقول لهم لأنه قد يناقش في هذا اللازم ، فيمنع أن يكون لازما ويقول هذا لا يلزم من قولي ويجد منفكا عنه وقد يلزم به فيلتزم ثم يقول هذا ليس بفاسد فيقبله لازما ولا يقبله إيش ؟ فاسدا وهذا ربما يقع ، وربما يذكر له هذا اللازم فيقتنع بكونه فاسدا ثم يرجع ، كثير من الناس إذا قال قولا ثم تأمل ما يلزم على هذا القول من اللوازم الفاسدة رجع فصار الآن لازم قول غير قول الله ورسوله ليس بقول له لوجود هذه الموانع الأربعة ، طيب ، إذا فالصواب أنه لا يصح الأذان للصلاة أيًا كانت قبل دخول وقتها حتى الفجر وأما أذان بلال في آخر الليل فقد بين الرسول صلوات الله وسلامه عليه أنه من أجل أن يوقظ النائم ويرجع القائم لا لأنه لصلاة الفجر ، ومن فوائد هذا الحديث أن الأذان فرض كفاية ، أما كونه فرضا فمأخوذ من قوله : فليؤذن ، واللام
الطالب : للأمر
الشيخ : للأمر وأما كونه فرض كفاية فلقوله : أحدكم ، فليؤذن لكم أحدكم ، واضح ؟ طيب ، وفيه دليل على أنه لا يجب رفع الصوت بأكثر من إسماع الحاضرين الذين يؤذن لهم الدليل ؟
الطالب : لكم
الشيخ : لكم وعلى هذا فإذا كانوا كلهم حاضرين وأذن بصوت عادي اجزأ الأذان لكن الأفضل أن يرفع صوته بذلك ليشهد له ما يسمعه من شجر ومدر وحجر فإنه يشهد له يوم القيامة أنه أعلن الأذان بصوت مرتفع ، ومن فوائد هذا الحديث أن الأذان يجب أن يسمعه من أذن له ، فلو كان بينه وبين أصحابه الذين يؤذن لهم مسافة ثم أذن قليلا أي بصوت منخفض فإن ذلك لا يجزيء بل لا بد من إسماع من يؤذن له وهذا مأخوذ من أي ؟ من قوله لكم ، فليؤذن لكم ومن فوائد هذا الحديث أن الأذان لا يتعين في الأكبر بل قد يكون في الأصغر ووجه ذلك أنه قال في الإمامة : وليؤمكم أكبركم ، وليؤمكم أكبركم ووجه ذلك أن الإمام قدوة وعلى اسمه إمام فلا ينبغي أن يتولاه صغير مع وجود كبير إلا لميزة شرعية وأما الأذان فالمقصود به الإعلان وعلى هذا قد يكون في الصغير أبلغ منه في الكبير ولهذا قال فليؤذن لكم أحدكم ، ومن فوائد هذا الحديث أن الأولى بالإمامة الأكبر لقوله وليؤمكم أكبركم .