تتمة الشرح حفظ
الشيخ : ( فيعطي الله ما يشاء من عهد وميثاق فيصرف الله وجهه عن النار، فإذا أقبل به على الجنة رأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم قال يا رب يا رب قدمني عند باب الجنة ) سبحان الله لما أنجاه الله من النار وقربه إلى الجنة ... ورأى الجنة ونعيمها وسرورها وما فيها من الخير سأل الله أن يقربه إلى باب الجنة. الإنسان كما يقول العوام: الإنسان طماع، حين نجا من المكروه وقرب من المحبوب أراد قربا أكثر. قال ( يا رب قدمني عند باب الجنة فيقول الله له: أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت؟ فيقول: يا رب، لا أكون أشقى خلقك )، في نسخة عندي: ( لا أكونن أشقى خلقك ).
( فيقول: فما عسيت إن أعطيت ذلك أن لا تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزتك لا أسأل غير ذلك، فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق، فيقدمه إلى باب الجنة، فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور، فيسكت ما شاء الله أن يسكت فيقول: يا رب أدخلني الجنة ) يتقرب شيئا فشيئا، ( يا رب أدخلني الجنة فيقول الله: ويحك يا ابن آدم ما أغدرك ) ويحك هذه كلمة تقال عند التعجب، وليست كويل، ويل للوعيد، وأما ويح فهي للتعجب، يعني يتعجب الله عز وجل أنه أعطى العهود والمواثيق ألا يسأل غيره فسأل، هذه الرابعة أو الثالثة ؟ الثالثة، طيب.
فيقول ( يا رب أدخلني الجنة، ويحك يا ابن آدم ما أغدرك، أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي أعطيت؟ فيقول: يا رب لا تجعلني أشقى خلقك، فيضحك الله عز وجل منه، ثم يأذن له في دخول الجنة ) ويضحك الله سبحانه وتعالى منه عجبا لطمعه وشدة يعني حرصه، وهذا كضحك النبي عليه الصلاة والسلام الذي جاء وهو قد جامع زوجته فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم طعاما يطعمه قال: ( والذي بعثك بالحق لا أعلم أهل بيت أفقر مني ) أو ( ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني ) فضحك النبي عليه الصلاة والسلام لطمعه وحرصه، فالرب عز وجل يضحك لهذا الرجل ثم يأذن له في دخول الجنة.
ولما حدث النبي صلى الله عليه وسلم عن الله بأنه يضحك قال الأعرابي وأظنه أبي رزين العقيلي، قال: أو يضحك ربنا يا رسول الله ؟ قال: ( نعم ) قال: لن نعدم من رب يضحك خيرا، لأن الضحك يدل على الفرح، وأما التقتيب والتعبيس فيدل على ضد ذلك.
نعم، ( ثم يأذن له في دخول الجنة فيقول: تمن ) الآن لما دخل الجنة صار من أهلها الذين لهم فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، ولهذا لم يعاهد الله عز وجل ألا يسأل غير الدخول، لأنه لما دخل صار من أهلها، وإذا صار من أهلها حصل له كل ما يتمنى (( لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد )) ولهذا قال له هنا: ( تمن ) ولم يقل لا تسأل غيره.
فقال : ( تمن، فيتمنى حتى إذا انقطعت أمنيته قال الله عز وجل: من كذا وكذا، أقبل يذكره ربه، حتى إذا انتهت به الأماني قال الله تعالى: لك ذلك ومثله ) أنا عندي نسخة: ( تمن كذا وكذا ) وهذه أقرب للصواب ( تمن كذا وكذا أقبل يذكره ربه حتى إذا انتهت به الأماني، قال الله تعالى: لك ذلك ومثله معه ) وفي رواية أبي سعيد: ( لك ذلك وعشرة أمثاله ) الحمد لله، يعني هذا الرجل تمنى كل شيء حتى انقطعت أمنيته، وصار لا يتصور شيئا يتمناه، وزاده الله تعالى قال: تمن كذا وكذا وكذا، يعرض عليه عز وجل الكرم والفضل، ثم يقول: ( لك مثله وعشرة أمثاله )، وهذا هو آخر أهل الجنة دخولا، فما بالك بالسابقين، اللهم اجعلنا منهم.
الشاهد من هذا الحديث: أن الله حرم على النار أن تأكل إيش؟ أعضاء السجود، وهذا يدل على فضل السجود.