فوائد حديث حلة سيراء . حفظ
الشيخ : في هذا الحديث فوائد، أولا: أنه يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يلبس يوم الجمعة أحسن ثيابه، يعني يوم الجمعة يوم عيد، وكذلك أيام العيد ينبغي أن يلبس أحسن الثياب، لأن الله تعالى جميل يحب الجمال يحب التجمل، وأنسب ما يكون التجمل في الأعياد عيد الجمعة وعيد العام.
وفيه دليل على جواز البيع والشراء عند المسجد، وأن هذا معهود، فعلى هذا الذين يبيعون أعواد الأراك عند مسجدنا هذا يكونون مطبقين للسنة ولا لا ؟
على كل حال في هذا دليل على أن البيع عند أبواب المساجد معروف من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام.
وفيه حسن أدب عمر رضي الله عنه مع النبي عليه الصلاة والسلام فقال: ( لو اشتريت ) ولو هذا عرض، وليس أمرا، وهكذا ينبغي للإنسان مع الأكابر أن يكون متأدبا في الكلام، لأن لكل مقام مقال.
وفيه دليل على أن الدين الإسلامي موافق للفطرة والعادة الجميلة حيث قال: ( وللوفد إذا قدموا عليك ) فدل هذا على أن الإنسان ينبغي له أن يتجمل عند قدوم الوفد عليه، لكن هل المراد كل وفد أو الوفد الذي يكون من غير البلد حتى يعرف أنه قد أكرم في ضيافته؟ أجيبوا يا جماعة، الثاني، الجواب هو الثاني، لأن الوفد الذين من أهل البلد أنت وإياهم سواء.
وفيه أيضا دليل على أنه لا يجوز أن يلبس الإنسان ما فيه حرير، لأن الحلة السيراء هي التي مخططة بأعلام من حرير، ودليل ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : ( إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة ) أي: من لا نصيب له فيها وهم الكفار.
طيب، فإن قال قائل: إذا كان الخلط يسيرا؟ قلنا: لا يضر إذا كان في موضع واحد أربع أصابع فأقل، فهذا قد أجازه الشرع لإعطاء النفس بعض الحظ من لباس ما تهواه وتستأنس به، فمثلا إذا كان الإنسان في جبته ... من حرير بمقدار أربع أصابع فأقل فهذا جائز، أو كان في طرف الكم ذلك الحرير فهو جائز.
وهل يلحق بذلك الذهب؟ يعني: مثلا بعض المشالح يكون فيها طوق من ذهب خالص فهل يلحق بذلك أو لا؟ أكثر العلماء أن لا، لا يلحق، وأن هذه المشالح المعصبة بالذهب حرام، لأن الحرير ورد فيه الاستثناء، والذهب لم يرد فيه، فيبقى الذهب على إطلاقه، ويبقى الحرير على تقييده.
واختار شيخ الإسلام رحمه الله أن حكم الذهب حكم الحرير، وأنه إذا كان في الثوب علم من الذهب أربع أصابع فأقل فلا بأس، وهذا بالنسبة للرجال أما النساء يجوز لهم، ولكن الاحتياط ما ذهب إليه الجمهور أنه لا يحل.
لكن بقي علينا الآن هذه المشالح والعباءة التي فيها أطواق من الذهب هل نقول إنها حرام؟ نقول: أولا لا بد أن نتحقق هل هذا ذهب حق خالص أو لا ؟ هذا محل نظر، لأن كثيرا من الناس يقولون هذه ليس ذهبا، ولكنه ملون بالذهب، أما هو فليس بذهب، فإذا شككنا رجعنا إلى إيش؟ أجيبوا ؟ إنه مباح.
طيب، وفي هذا الحديث أن الصحابة يراجعون الرسول عليه الصلاة والسلام في الأحكام، شوف الفرق بين كلام عمر: ( لو اشتريت هذا ) وهنا قال: ( يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت ) فبين العبارتين فرق لأن هذا مراجعة في حكم شرعي وتحريم ومعصية، لكن ذاك مجرد مشورة فبينهما فرق.
وفي هذا أيضا دليل على العمل بالقرائن، لأن لفظ الحديث: ( فأعطى عمر منها حلة فقال كسوتنيه ) والرسول ما قال: خذها البسها حتى يقول كسوتنيها، لكن قرينة الحال تدل على أنها للكسوة، ولهذا لو أعطاك إنسان ثوبا ففيه احتمال أنه أعطاك إياه هدية أو أعطاك إياه لتعطيه غيرك أو أعطاك إياه لتبيعه أو ما أشبه ذلك فعلى أي شيء تدل القرينة ؟ تدل على أنه لك، ولهذا قال : ( كسوتنيها وقد قلت في حلة العطارد ما قلت ) فقال صلى الله عليه وسلم : ( إني لم أكسكها لتلبسها ) وهنا قال: لم أكسكها لتلبسها، قد يقول قائل: بين العبارتين تناقض، كيف يقول أكسكها ويقول لم يكن ذلك للبس، إذ لا كسوة إلا بلبس؟
فإما أن يقال إن هذا من باب مقابلة اللفظ بمثله لأنه قال كسوتنيه، فيكون المعنى: لم أكسكها لم أعطكها لتلبسها، وإما أن يقال إن الكسوة نوعان، مطلق كسوة، وكسوة مطلقة، فالكسوة المطلقة هي الكاملة والتي يلبسها المعطى، ومطلق الكسوة هي التي يعطاها وقد يلبسها وقد لا يلبسها، فيحمل قوله: ( لم أكسكها ) على مطلق الكسوة، واللبس على الكسوة المطلقة، فكساها عمر بن الخطاب لأخيه.
وفي هذا الحديث من الفوائد أيضا اختلاف التعبير لاختلاف الأحوال.
وفيه أيضا دليل على أن المشرك يجوز له لبس الحرير، ولهذا كساها عمر أخا له بمكة مشركا. وفيه أيضا دليل على جواز مواصلة الأقارب المشركين، لأن عمر.
كمال أنت معنا ؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب، للمشرك القريب لما في ذلك من صلة الرحم.
وفيه أيضا كما قلت دليل على جواز لباس الكافر الحرير، إذ لو لم يكن جائزا لم يكن إعطاؤه ذلك جائزا.
وهنا مسألة: هل يجوز أن نعطي المشرك أو بعبارة أعم أن نعطي الكافر ما يجوز له ممارسته مع تحريمه؟ يعني: مثلا هل يجوز أن أعطيه خمرا؟ يجوز أن يشرب الخمر، هل يجوز أن نهدي إليه خمرا ؟ فيه إشكال، هل يجوز أن ننحت له صنما يعبده ؟ عندك شرح فتح الأول.
القارئ : إي نعم يا شيخ، أقرؤه؟
الشيخ : اقرأه.
القارئ : ما تعرض له، إنما يتكلم على البرد والثوب فقط، يعني ما استطرد إلى هبة المشرك.
الشيخ : ابن حجر؟ ابن حجر رحمه الله من أكبر خصائصه في الفتح أنه يحيل دائما، أو يقول سبق، ثم تراجع ما سبق ما تجده، وتراجع ما أحال به ما تجد، سبحان الله، ما ذكر شيء ابن حجر ؟ طيب إذن راجعوها، لأن الواقع أنه محل إشكال، إن قلنا بأنه يجوز أن نهدي على المشرك ما يلبسه ولو كان محرما علينا كالحرير وسوار الذهب وكذلك الذهب، وكذلك الخمر، وكذلك الصنم بقينا في إشكال، وإن قلنا لا يجوز فهذا الحديث يدل على الجواز، فلا بد إن شاء الله من التحرير.
العيني؟ طيب من معه القسطلاني؟ ترى مهم تجيبون القسطلاني والعيني يصير فيهما فائدة كثيرة. كمال عندك في المكتبة عندك القسطلاني ؟
الطالب : ...
الشيخ : ليش ما تجيبو؟ قل إن شاء الله، طيب وأنت عندك العيني؟ وواحد معه الفتح الأول، وواحد معه الفتح الثاني، نعم.