قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ . حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم، قال ابن رجب رحمه الله تعالى في * فتح الباري * : " تضمن هذا الذي ذكره مسألتين: إحداهما:
أن من هو في قرية تقام فيها الجمعة، فإنه إذا نودي فيها بالصلاة للجمعة وجب عليه السعي إلى الجمعة وشهودها، سواءً "

الشيخ : سواءٌ، شوف كل ما جاءت سواء في الغالب مرفوعة.
القارئ : " سواء سمع النداء أو لم يسمعه، وقد حكاه عن عطاء.
وهذا الذي في القرية إن كان من أهلها المستوطنين بها، فلا خلاف في لزوم السعي إلى الجمعة له، وسواءُ سمع النداء أو لم يسمع، وقد نص على ذلك الشافعي وأحمد، ونقل بعضهم الاتفاق عليه.
وإن كان من غير أهلها، فإن كان مسافراً يباح له القصر، فأكثر العلماء على أنه لا يلزمه الجمعة مع أهل القرية، وقد ذكرنا فيما تقدم أن المسافر لا جمعة عليه.
وحكي عن الزهري والنخعي، أنه تلزمه تبعاً لأهل القرية، وروي عن عطاءٍ - أيضاً -، أنه تلزمه.
وكذا قال الأوزاعي: أن أدركه الأذان قبل أن يرتحل فليجب، وإن كان المسافر قد نوى إقامة بالقرية تمنعه من قصر الصلاة، فهل تلزمه الجمعة؟ "

الشيخ : طيب، عرفتم الأول المسافر الذي لا يلزمه الإتمام، ذكر فيه قولين للعلماء، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في * الفتاوي * أن الظاهر وجوبها عليه، وهذا هو الصحيح أنه تجب عليه، ولا يعقل أن رجلا إلى جنب باب المسجد يريد أن يبيع بضاعته ويمشي والناس يصلون وهو باق على بضاعته، فالصواب وجوبها عليه، ويقال أهو داخل في المؤمنين أو لا ؟ داخل، إذن ما الذي أخرجه؟ نعم.
القارئ : " وإن كان المسافر قد نوى إقامة بالقرية تمنعه من قصر الصلاة، فهل تلزمه الجمعة؟ فيه وجهان لأصحابنا، وأوجب عليه الجمعة في هذه الحال: مالكٌ وأبو حنيفة، ولم يوجبها عليه الشافعي وأصحابه ".
الشيخ : والصحيح أنه يجب إذا كان الأولى تجب فهذا من باب أولى.
القارئ : " المسألة الثانية: أن من كان خارج القرية أو المصر الذي تقام فيه الجمعة، هل تلزمه الجمعة مع أهل القرية أو المصر، أم لا؟ هذا مما اختلف فيه العلماء: فقالت طائفةٌ: لا تلزم من كان خارج المصر أو القرية الجمعة مع أهله بحالٍ، إذا كان بينهم وبين المصر فرجة، ولو كانوا في ربض المصر، وهذا قول الثوري وأبي حنيفة وأصحابه، إلحاقاً لهم بأهل القرى، فإن الجمعة لا تقام عندهم في القرى.
وقال أكثر أهل العلم: تلزمهم الجمعة مع أهل المصر أو القرية مع القرب دون البعد، ثم اختلفوا في حد ذلك، فقالت طائفةٌ: المعتبر إمكان سماع النداء، فمن كان من موضع الجمعة بحيث يمكنه سماع النداء لزمه، وإلا فلا. هذا قول الشافعي وأحمد وإسحاق، واستدلوا: بظاهر قول الله تعالى: (( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّه )) وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص وسعيد بن المسيب وعمرو بن شعيب، وروي عن أبي أمامة الباهلي -معناه.
وخَّرج أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( الجمعة على من سمع النداء ) وروي موقوفاً، وهو أشبه.
وروى إسماعيل، عن عبد العزيز بن عبد الله، عن محمد بن عمرو بن عطاءٍ، عن عبد الله بن كعب بن مالكٍ، عن أبيه -يرفعه -، قال: ( لينتهين أقوامٌ يسمعون النداء يوم الجمعة، ثم لا يشهدونها، أو ليطبعن الله على قلوبهم، وليكونن من الغافلين، أو ليكونن من أهل النار ) عبد العزيز هذا، شامي تكلموا فيه.
وقالت طائفةٌ: تجب الجمعة على من بينه وبين الجمعة فرسخٌ، وهو ثلاثة أميالٍ، وهوقول ابن المسيب والليث ومالكٍ ومحمد بن الحسن، وهو رواية عن أحمد.
ومن أصحابنا من قال: لا فرق بين هذا القول والذي قبله، لأن الفرسخ هو منتهى ما يسمع فيه النداء - غالباً -، فإن أحمد قال: الجمعة على من سمع النداء، والنداء يسمع من فرسخٌ، وكذلك رواه جماعة عن مالكٍ، فيكون هذا القول والذي قبله واحدا.
وخرّج الخلال من رواية مندل، عن ابن جريج، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( عسى أحدكم أن يتخذ الصبة على رأس ميلين أو ثلاثة، تأتي عليه الجمعة لا يشهدها، ثم تأتي الجمعة لا يشهدها -ثلاثاً -، فيطبع على قلبه ) مندل فيه ضعف "
.
الشيخ : الصبة الطائفة من الغنم يرعاها ثم يتلهى بها عن الجمعة، نعم.
القارئ : " وخرّج الطبراني نحوه من حديث ابن عمر - مرفوعاً وفي إسناده: إبراهيم بن يزيد الخوزي، وهو ضعيف.
وروى معدي بن سليمان، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ألا هل عسى أحدكم أن يتخذ الصبة من الغنم على رأس ميل أو ميلين، فيتعذر عليه الكلأ، فيرتفع، ثم تجئ الجمعة، فلا يجيء ولا يشهدها، وتجيء الجمعة، فلا يشهدها، وتجيء الجمعة حتى يطبع على قلبه ) خرّجه ابن ماجه.
وخرّجه أبو بكر النجاد وابن عبد البر، وفي روايتيهما: ( ميلين أو ثلاثة ) ومعدي هذا، تكلم فيه أبو زرعة وغيره، وقال أبو حاتم: شيخ.
وقالت طائفة: تجب الجمعى على من بينه وبينها أربعة أميال، وروي عن ابن المنكدر والزهري وربيعة.
وروي عن الزهري -أيضاً - تحديده بستة أميالٍ، وهي فرسخان، وروي عن أبي هريرة، قال: تؤتى الجمعة من فرسخين، خرّجه ابن أبي شيبة بإسناد ضعيف.
وروى عبد الرزاق بإسناد منقطع، عن معاذ، أنه كان يقوم على منبره، فيقول لقوم بينهم وبين دمشق أربع فراسخٍ وخمس فراسخ "
.
الشيخ : فراسخَ صيغة منتهى الجموع.
القارئ : " فيقول لقوم بينهم وبين دمشق أربع فراسخٍ وخمس فراسخ: إن الجمعة لزمتكم، وأن لا جمعة إلا معنا.
وبإسناد منقطع، عن معاوية، أنه كان يأمر بشهود الجمعة من بينه وبين دمشق أربعة عشر ميلاً.
وقال بقية عن محمد بن زياد: أدركت الناس بحمص تبعث الخيل نهار الخميس إلى جوسية وحماة والرستن يجلبون الناس إلى الجمعة، ولم يكن يجمع إلا بحمص "
.
الشيخ : الله أكبر سبحان الله، إذا رأيت أحد السلف تعظيمهم للجمعة إلى هذا الحد يبعثون لأهل القرى من يأتي بهم ليوم الجمعة، بينما الوقت الحاضر الآن في بعض البلاد تقام في كل مسجد تقام فيه صلاة الظهر، نعم فرقوا الناس وجعلوهم أوزاعا، والعياذ بالله، نعم.
القارئ : " وعن عطاءٍ، أنه سئل: من كم تؤتى الجمعة؟ قال: من سبعة أميالٍ.
وعنه، قال: يقال: من عشرة أميالٍ إلى بريد.
وعن النخعي، قال: تؤتى الجمعة من فرسخين. وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أنه أمر أهل قباء، وأهل ذي الحليفة، وأهل القرى الصغار حوله: لا يجمعوا، وأن يشهدوا الجمعة بالمدينة.
وعن ربيعة - أيضاً -، أنه قال: تجب الجمعة على من إذا نودي بصلاة الجمعة خرج من بيته ماشياً أدرك الجمعة.
وقالت طائفةٌ: تجب الجمعة على من آواه الليل إلى منزله.
وقال ابن المنذر "
.
الشيخ : كم المسافة ؟ نصف يوم تقريبا. يعني إذا انطلق من الجمعة وصل أهله في الليل.
القارئ : " وقال ابن المنذر: روي ذلك عن ابن عمر وأبي هريرة وأنس والحسن ونافع مولى ابن عمر ".