إذا نشبت الحرب بين العراقيين والأحلاف ومن المعلوم أن الكفار سيقدمون المسلمين المتعاونين معهم في المقدمة ، وسيقع القتل بين الفئتين المسلمين فأيهما توصف بالشهادة .؟ حفظ
أبو مالك : و له تتمّة الحقيقة السّؤال أو السّؤالين الّذي هو إذا حدث القتال و معلوم بأنّ الكفّار من دهائهم و مكرهم أنّهم لا يواجهون العراقيّين في القتال و إنّما يقدّمون بين أيديهم المسلمين ، يقدّمون المصريّين و الباكستانيّين و القطريّين و غيرهم من المقاتلين الّذين يشتركون معهم في هذه المعركة ، فلا شكّ أنّ المعركة ستبدأ بين الفريقين بمقتلة بين المسلمين من هؤلاء و هؤلاء ، فهل يعدّ القتلى من الطّرفين أو من طرف واحد و أيّ الطّرفين من الشّهداء ؟
الشيخ : أوّلا من هم الشّهداء ؟ فنحن نقول علمهم عند الله لأنّ الشّهادة لا تنطوي تحت مجرّد القتال و لو قتال المسلم للكفّار و إنّما تتحقّق الشّهادة بأن تكون النّيّة للجهاد في سبيل الله و ليس في سبيل دفاع عن أرض إلاّ لتكون أرضا إسلاميّة يطبّق فيها شرع الله تبارك و تعالى ، فكما جاء في بعض الرّوايات عن النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم و لكن فيها رجل من الرّواة ضعيف الحفظ و هو عبد الله بن لهيعة القاضي ، " لا تشرب يا غلام بيدك اليسرى " ، الشّاهد جاء في حديث في إسناده عبد الله بن لهيعة المعنى جميل جدّا لكن ما نستطيع أن نقول قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لأنّه لم يرد من طريق ثقة حافظ ضابط ما هو لفظ الحديث ( ربّ قتيل بين الصّفّين الله أعلم بنيّته ) و هذا المعنى صحيح يشهد له ما جاء في صحيح البخاري من قصّة ذلك الرّجل أظنّ اسمه قزمان أو ماذا ؟
الحلبي : قزمان .
الشيخ : الاسم ليس في صحيح البخاري أمّا القصّة فهي في صحيح البخاري أنّ رجلا من أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم قاتل قتالا شديدا حتّى عجب الصّحابة من شدّة قتاله فسارعوا إلى النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم ليقولوا له فلان يقاتل كذا و كذا فكان جوابه عليه السّلام ( هو في النّار ) و هكذا القصّة فيها شيء من الطّول و خلاصتها ثلاث مرّات الصّحابة يعودون إلى الرّسول متعجّبين من شدّة قتاله و استبساله و جواب الرّسول لا يتغيّر ( هو في النّار ) و أخيرا رجل من أصحابه عزم على أن يكون لهذا المقاتل و لا أقول الآن مجاهد أن يكون صاحبه ليراقبه فكان عاقبة هذا المقاتل أنّ الجراحات كثرت عليه و لم يصبر عليها فوضع رأس السّيف على بطنه و اتّكأ عليه حتّى خرج من ظهره و مات ، فسارع الرّجل الّذي كان مصاحبا له إلى النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم ليقول له يا رسول الله فلان الّذي قلت فيه كذا و كذا فعل كذا و كذا فقال عليه الصّلاة و السّلام ( الله أكبر صدق الله و رسوله إنّ الله لا ينصر هذا الدّين بالرّجل الفاجر و إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الجّنّة فيما يبدوا للنّاس و هو من أهل النّار ) إذا صدق قول بن لهيعة فيما رواه ( ربّ قتيل بين الصّفّين الله أعلم بنيّته ) و لذلك نحن لا نستطيع أن نقول لو رفعت راية الجهاد في سبيل الله و في مقاتلة أعداء الله أنّ كلّ من وقع قتيلا فهو في شهيد نحن نتمنّى ذلك و نعامله معاملة الشّهداء لا نصلّي عليه و لا نغسّله و لا نكفّنه و ندفنه في ثيابه و دمائه ، هذا حكم دنيوي ، أمّا في الآخرة فالله أعلم بنيّته . هذا لو كان هناك مجتمع إسلامي و جهاد إسلامي فكيف بنا اليوم و كثير من النّاس لا يصلّون و مع ذلك يزعمون بأنّهم يريدون أن يجاهدوا . إذا عرفنا هذه الحقيقة فنحن لا نقول إنّ في صفّ الّذين يقاتلون الكفّار من مات فهو شهيد أو ليس بشهيد . كذلك من مات من المسلمين و هو يقاتل مع الكفّار المسلمين أولى و أولى أن لا نقول إنّه شهيد و لكنّنا نقول المسلمون الّذين يقاتلون مع الكفّار اليوم العراقيّين هؤلاء مخطؤون أشدّ الخطأ ثمّ الله أعلم بنيّاتهم . قد يكونوا مغرورين ، قد يكون بعضهم مجتهدا اجتهادا خاطئا أمّا الطّرف الآخر الّذي يدافع الآن عن بلاده المسلمة فهؤلاء على حقّ كذلك نقول فالله أعلم بنيّاتهم و لذلك فلا ينبغي أن نتعمّق بمثل هذا السّؤال هل كلّ من الفريقين شهداء ؟ نحن نقول الفريق الّذي الحقّ معه إذا كان يقصد الجهاد في سبيل الله فهو شهيد أمّا إن كان لا يقصد ذلك فهو قتيل و ليس بشهيد .