قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ حفظ
" قراءة من فتح الباري لابن حجر "
القارئ : " قوله باب الخطبة قائما، قال ابن المنذر: الذي حمل عليه جل أهل العلم من علماء الأمصار ذلك، ونقل غيره عن أبي حنيفة أن القيام في الخطبة سنة وليس بواجب، وعن مالك رواية أنه واجب فإن تركه أساء وصحت الخطبة، وعند الباقين أن القيام في الخطبة يشترط للقادر كالصلاة، واستدل للأول بحديث أبي سعيد ".
الشيخ : هذا مو صحيح، مذهب الحنابلة عندنا أنه سنة وليس بواجب، أما أنه شرط لصحة الصلاة هذا ثقيل، والله المستعان.
القارئ : " واستدل للأول بحديث أبي سعيد الآتي في المناقب: أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله، وبحديث سهل الماضي قبل: مري غلامك يعمل لي أعوادا أجلس عليها، والله الموفق، وأجيب عن الأول ".
الشيخ : يقول في المناقب يأتي؟ حديث أبي سعيد؟
القارئ : إي الآتي في المناقب.
الشيخ : عندكم، بعد الباب اللي ... .
القارئ : " وأجيب عن الأول أنه كان في غير خطبة الجمعة، وعن الثاني باحتمال أن تكون الإشارة إلى الجلوس أول ما يصعد وبين الخطبتين، واستدل للجمهور بحديث جابر بن سمرة المذكور، وبحديث كعب بن عجرة أنه دخل المسجد وعبد الرحمن بن أبي الحكم يخطب قاعدا فأنكر عليه وتلا (( وتركوك قائما )) وفي رواية ابن خزيمة: ما رأيت كاليوم قط إماما يؤم المسلمين يخطب وهو جالس يقول ذلك مرتين، وأخرج بن أبي شيبة عن طاوس خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما وأبو بكر وعمر وعثمان، وأول من جلس على المنبر معاوية، وبمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على القيام وبمشروعية الجلوس بين الخطبتين، فلو كان القعود مشروعا في الخطبتين ما احتيج إلى الفصل بالجلوس، ولأن الذي نقل عنه القعود كان معذورا، فعند ابن أبي شيبة من طريق الشعبي أن معاوية إنما خطب قاعدا لما كثر شحم بطنه ولحمه، وأما من احتج بأنه لو كان شرطا ما صلى من أنكر ذلك مع القاعد فجوابه أنه محمول على أن من صنع ذلك خشي الفتنة أو أن الذي قعد قعد باجتهاد كما قالوا في إتمام عثمان الصلاة في السفر، وقد أنكر ذلك ابن مسعود ثم إنه صلى خلفه فأتم معه واعتذر بأن الخلاف شر.
قوله: وقال أنس إلى آخره هو طرف من حديث الاستسقاء أيضا وسيأتي في بابه.
ثم أورد في الباب حديث ابن عمر وقد ترجم له بعد بابين: القعدة بين الخطبتين، وسيأتي الكلام عليه ثمَّ.
وفي الباب حديث جابر بن سمرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب أخرجه مسلم، وهو أصرح في المواظبة من حديث ابن عمر إلا أن إسناده ليس على شرط البخاري.
وروى ابن أبي شيبة من طريق طاوس قال: أول من خطب قاعدا معاوية حين كثر شحم بطنه، وهذا مرسل يعضده ما روى سعيد بن منصور عن الحسن قال: أول من استراح في الخطبة يوم الجمعة عثمان، وكان إذا أعيا جلس ولم يتكلم حتى يقوم، وأول من خطب جالسا معاوية.
وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة "
.
الشيخ : صار عثمان رضي الله عنه يلاحظ أنه إذا عيا وتعب جلس وسكت لئلا يخطب وهو قاعد، أما معاوية فالظاهر والله أعلم أنه يعجز عن القيام ولو مدة يسيرة، فلهذا كان يخطب قاعدا من أول الأمر.
القارئ : " وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يخطبون يوم الجمعة قياما حتى شق على عثمان القيام فكان يخطب قائما ثم يجلس، فلما كان معاوية خطب الأولى جالسا والأخرى قائما، ولا حجة في ذلك لمن أجاز الخطبة قاعدا لأنه تبين أن ذلك للضرورة ".
الشيخ : أحسنت.
على كل حال الصحيح أن الخطبة قائما أفضل لا شك، أولا: لأنه أبين، ولأنه أعون للإنسان على الكلام الذي يريد أن يتكلم ارتجالا، وليتبين الفصل بين الخطبتين.
أما أن نجعله شرطا لصحة الخطبة، والخطبة شرط لصحة الصلاة، وبناء على ذلك إذا خطب قاعدا فإنه لا تصح صلاته ويجاب عن ذلك بأن الناس صلوا خلف معاوية من أجل ألا يكون خلاف كما صلوا خلف عثمان من أجل ألا يكون خلاف ففيه نظر، فالصواب أن الخطبة قائما سنة وليست بواجب.
لكن ينبغي للخطيب إذا عرف من نفسه أنه سيبقى دائما عاجزا أن يتنازل ويدع المنبر لغيره، اما إذا كانت وعكة يسيرة حصلت مثلا في يوم من الجمع فهذه ربما يقال يعفى عنه، والله أعلم.
القارئ : أما بعد فقد قال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الجمعة :
حدثنا آدم، حدثنا ابن ابي ذئب.
الشيخ : في أي باب؟
القارئ : في باب الخطبة على المنبر، آخر حديث.
حدثنا آدم، حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر فقال : ( من جاء إلى الجمعة فليغتسل ).
الشيخ : الشاهد قوله : ( يخطب على المنبر ) فدل ذلك على استحباب صعود الإمام الذي يخطب على المنبر حتى يبدو للناس ويشاهدوه ويسمعوه أكثر مما لو كان غير مرتفع، نعم.
القارئ : يعني باب الخطبة قائما والحديث الذي قبله قرأناه، وإنما القراءة باب يستقبل الإمام القوم.