فوائد حديث ( إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة ...) حفظ
الشيخ : وفي هذا الحديث من عناية الله عز وجل بالمؤمن ما هو ظاهر، ملائكة مسخرون على أبواب المساجد، يكتبون الأول فالأول، ومتى تنشر هذه الصحف؟ يوم القيامة (( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك )).
وفي هذا حث على التقدم ليكون الإنسان من الأوائل، وإذا كان الإنسان لو دعي إلى وليمة يعطى الأول منها طبخة طيبة، والثاني دون، والثالث دون، والرابع دون، هل يتقدم الناس بسرعة ؟ نعم يتقدمون بسرعة، ومعلوم أن ثواب الآخرة خير للذين اتقوا، فالذي ينبغي لنا أن ننتهز هذه الفرص.
يستثنى من ذلك الإمام، فالإمام لا ينبغي أن يتقدم بل السنة ألا يأتي إلا عند إرادة الصلاة كما جاء في الأحاديث السابقة ( فإذا خرج الإمام ) وهنا قال : ( فإذا خرج الإمام ) دل ذلك على أن الإمام لا يتقدم.
وأما ما ظنه بعض الناس أن الإمام ينبغي له أن يتقدم في الساعة الأولى كغيره فهذا وهم خطأ أو غلط، لأن هذا النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يتقدم.
وهذا نظير من أخذ بعموم قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن صوم يوم عرفة قال : ( يكفر السنة التي قبله والتي بعده ) فصار بعض الحجاج يصوم يوم عرفة ويقول أريد أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده، وهذا غلط أيضا، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام ثبت عنه أنه كان مفطرا، وأرسلت له إحدى امهات المؤمنين أو غيرها لبنا فشربه والناس ينظرون، تحقيقا لكونه مفطرا، بل روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة، فمثل هذه المسائل ينبغي للإنسان أن يكون فيها دقيقا في تحري السنة، ولا ينظر إلى مجرد السنة القولية بل السنة القولية والفعلية العملية، فالذي حث على التقدم للصلاة هو الذي لا يأتي إلا عند إرادة الصلاة لأنه الإمام، وكذلك يقال في مثل صوم يوم عرفة، الذي رخص في صوم يوم عرفة كان مفطرا في عرفة، فلا يسن للحاج أن يصوم يوم عرفة بعرفة، والله أعلم.