حدثنا عمرو بن عون قال حدثنا خالد عن يونس عن الحسن عن أبي بكرة قال ( كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكسفت الشمس فقام النبي صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى دخل المسجد فدخلنا فصلى بنا ركعتين حتى انجلت الشمس فقال صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد فإذا رأيتموهما فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم ) حفظ
القارئ : حدثنا عمرو بن عون.
الشيخ : يجب أن نعلم ما هو الكسوف ؟ الكسوف في الحقيقة هو اختفاء ضوء الشمس أو القمر، وليس محو ضوء الشمس أو القمر، لكنه يختفي.
أما الشمس فإنه يختفي نورها بالقمر إذا حال بينها وبين الأرض.
وأما القمر فإنه يختفي نوره بالأرض إذا حالت بينه وبين الشمس.
ولهذا لا يمكن أن يوجد كسوف القمر في غير ليالي الإبدار، لأنه يكون هو في الشرق وهي في الغرب، والأرض تحول بينهما، ولهذا خطأ شيخ الإسلام رحمه الله قول بعض الفقهاء إنه إذا وقع الكسوف في عرفة صلى ثم دفع، وقال: هذا لا يمكن، لأن هذه الليلة تصادف ليلة عشرة، ولا يمكن أن يقع الكسوف في هذه، لكن قد يعتذر عن الفقهاء الذين قالوا ذلك بأن الفقهاء رحمهم الله يفرضون مسائل قد لا تقع ولكن لتمرين الطالب، كذلك لا يمكن أن يوجد خسوف الشمس في غير ليالي الإسرار أو الاستسرار يعني آخر الشهر، لأنه هو الذي يمكن أن يتقارب القرصان قرص الشمس وقرص القمر.
فلو قال قائل: هل يمكن أن تنكسف الشمس في نصف الشهر؟
فالجواب: لا يمكن، هو ليس مستحيلا على قدرة الله عز وجل، لكن أجرى الله عز وجل العادة ألا يكون الكسوف في مثل هذا اليوم، كما لو قال قائل: هل يمكن أن تخرج الشمس نصف الليل؟ نقول: حسب العادة لا يمكن، لكن بأمر الله يمكن.
هذا الكسوف له سبب حسي معلوم عند الناس وهو حيلولة الأرض بين الشمس والقمر في إيش؟ في كسوف القمر، حيلولة القمر بين الشمس والأرض في كسوف الشمس، هذا سبب حسي معلوم يدرك بالحساب، لكن هل من المستحسن أن يبين للناس هذا من أجل أن يستعدوا له في وقته أو الأفضل ألا يبين ؟ نرى أن الأفضل ألا يبين، أولا: لأن الناس إذا بين لهم وقيل مثلا في الساعة العاشرة من الليل تجد الناس يترقبون الكسوف في تلك الساعة، مع أن الكسوف إنذار من الله عز وجل لعقوبة جرت انعقدت أسبابها فيكون الناس يترقبون هذا الكسوف عند قرب وقته كأنما يترقبون هلال رمضان أو الفطر، وهذا لا شك أنه يسقط الهيبة ويزيل الخوف من الناس، ولهذا كنا في زمن مضى إذا حدث الكسوف تجد رهبة عظيمة من الناس وبكاء شديدا ويخرجون إلى المساجد خاشعين متذللين الآن أصبحوا وكأنه أمر عادي بسبب نشر أخباره قبل أن يقع.
وأما قولي يتأهب فنقول إذا حدث لكل حادث حديث، إذا حدث تأهب الناس والرسول عليه الصلاة والسلام لم يأمرنا أن نتأهب قبل أن يوجد بل قال ( إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله )، فلهذا نرى أن من الخطأ أن ينشر في التقاويم أو غير التقاويم متى يكون الكسوف، دعوا الناس، وقد يكون الكسوف كسوفا اصطلاحيا وليس كسوفا شرعيا بمعنى أن يكون الكسوف ظلا فقط فيقل الضوء في الشمس أو القمر ولكن النور باقي، فهو كسوف عند علماء الفلك، لكنه ليس كسوفا شرعيا لأنه لا يؤثر على ضوء القمر أو ضوء الشمس.
أما صلاة الكسوف فإنها صلاة غريبة، لأنها لحادثة غريبة فتطابق الشرع والقدر، القدر بالكسوف أمر غريب ليس كغيبوية الشمس أو طلوع الفجر، لكنه شيء غريب، فلهذا كان من حكمة الشريعة العظيمة أن تكون الصلاة أيضا غريبة لا نظير لها في الصلوات، ولم يقع الكسوف بعد الهجرة إلا مرة واحدة فقط، وهو كسوف الشمس بعد أن ارتفعت بمقدار الرمح، كسفت كسوفا كليا حتى صارت كأنها قطعة نحاس، وضج الناس لها لأن الكسوف الكلي يعني فيه رهبة عظيمة ترى النجوم في النهار وترى السماء ليست كالعادة زرقاء او شهباء أو ما أشبه ذلك تجدها كأنها خضراء، ويكون فيها رهبة شديدة جدا ولهذا فزع النبي عليه الصلاة والسلام فزعا عظيما حتى أنه لحق بردائه وجعله على بعض كتفيه وصار يجر لشدة فزعه عليه الصلاة والسلام، وأراه الله تعالى في تلك الصلاة من الآيات ما لم يكن يره من قبل، فهو حدث عظيم يجب أن نعظمه، وما يدرينا لعل العقوبة قريبة ما الذي يدرينا أن تكون زلازل أو يكون فساد في الأرض أو ما أشبه ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( يخوف الله بهما عباده ).
القارئ : حدثنا عمرو بن عون، حدثنا خالد، عن يونس، عن الحسن عن أبي بكرة قال : ( كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكسفت الشمس، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى دخل المسجد، فدخلنا فصلى بنا ركعتين حتى انجلت الشمس، فقال صلى الله عليه وسلم : إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد، فإذا رأيتموهما فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم ).
الشيخ : الله أكبر، قال هذا: ( إن الشمس والقمر لا يكسفان لموت أحد ) لأنه في الجاهلية يعتقدون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم، وصادف أن مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن ابنه وكسفت الشمس في ذلك اليوم، فقالوا: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يمحو هذه العقيدة من قلوب الناس وأن يبين أن الشمس والقمر لا يتأثران بما يحدث في الأرض، ولكنهما آيتان.
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا رأيتموهما ) أي كاسفين فالمفعول الثاني محذوف، وليس المعنى إذا رأيتم الشمس والقمر لا، إذا رأيتموهما إيش؟ كاسفين فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم.