باب : ما جاء في سجود القرآن وسنتها حفظ
القارئ : باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا غندر قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت الأسود عن عبد الله رضي الله عنه ..
الشيخ : سجود التلاوة ، السجود الذي سببه التلاوة ، ولكن ليس كل تلاوة تكون سبباً للسجود ، بل هذا موقوف على ما ورد ،وسيتبين إن شاء الله فيما بعد ، وسجود التلاوة سنة مؤكدة ، حتى قال بعض أهل العلم بوجوبها ،كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، واستدل لذلك بقول الله تعالى : (( فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون )) ، ووجه الدلالة أن قوله : (( وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون )) يجب أن يحمل على سجود التلاوة ، لأنه ليس كل القرآن يسجد إذا قرئ على الإنسان ، والجمهور على أنه أي سجود التلاوة سنة ، وهذا هو القول الراجح أنه سنة ، ودليل ذلك أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب الناس ذات يوم بسورة النحل ، فلما بلغ السجدة وهو على المنبر نزل وسجد ، وفي الجمعة الأخرى خطب بها ولما مر بالسجدة لم يسجد ، وهذا فعل الخليفة الراشد ، وبمحضر من الصحابة ، ترك السجود مع القدرة عليه ثم قال : ( إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء ) والاستثناء هنا منقطع يعني لكن إن شئنا سجدنا وإن شئنا لم نسجد ، وأما الآية التي استدل بها من أوجب سجود التلاوة فهي في الحقيقة دليل عليه وليست دليلاً له ، لأننا إذا أخذنا بظاهر اللفظ : (( إذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون )) تبين أن معنى السجود هنا الذل والخضوع ، وحينئذ يكون مطابقاً لظاهر قوله : إذا قرئ القرآن ، لأن ظاهر الآية إذا قرئ القرآن كله لا يذلون ولا يخضعون ، وحملها على سجود التلاوة مخالف لظاهر اللفظ ، إذن فالصواب ما عليه جمهور العلماء من أن سجود التلاوة سنة مؤكدة لكنه ليس بواجب ، ثم هل هو صلاة أو غير صلاة ؟ اختلف العلماء فيه أيضاً : فمنهم من قال إنه صلاة لكنه كصلاة النافلة يشترط له ما يشترط لصلاة النافلة ومنها الطهارة واستقبال القبلة ، ومنهم من قال إنه ليس بصلاة ، وذلك لأنه ليس فيه قراءة الفاتحة ، ولو كان من الصلوات لوجبت فيه قراءة الفاتحة ، لقوله عليه الصلاة والسلام : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ، وأما كونه لا يشترط الطهارة فلأنه يأتي قد يأتي والإنسان ليس على وضوء ، لكن الذي يظهر أنه من جنس النافلة ، وأما سقوط الفاتحة فلأنه ليس هناك قيام حتى تقرأ فيه الفاتحة ، وإذا قلنا إنه صلاة أو في حكم الصلاة ، فهل يشرع في وقت النهي كما بعد صلاة الفجر أو صلاة العصر ؟ الجواب : ينبني على القول بجواز ذات الأسباب ، والصحيح جواز ذات الأسباب ، وعلى هذا فيسجد الإنسان إذا مر بآية سجدة في أي وقت كان ، نعم