فوائد حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بمنى . حفظ
الشيخ : وفي قوله فاسترجع ، ما يدل على أن ابن مسعود رضي الله عنه يرى وجوب القصر في السفر ، وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم فمن العلماء من يقول : إن القصر في السفر واجب ، وأكثر العلماء يقولون : إنه ليس بواجب ، والصحيح أنه ليس بواجب ، لأن عبد الله بن مسعود وهو الذي استرجع من إتمام عثمان رضي الله عنه ، كان يصلي خلفه أربعة ، ولو كان القصر واجبا ًما صلى خلفه أربعاً ، لأن الإنسان إذا زاد ركعة واحدة عن الصلاة الواجبة بطلت صلاته ، فالذي يتبين لي أخيراً أنه ليس بواجب ، لأن الصحابة لم يتركوا الصلاة مع عثمان رضي الله عنه ، ولما سئل ابن مسعود : كيف تنكر على عثمان رضي الله عنه الإتمام ، وتصلي معه أربعاً ؟ قال : إن الخلاف شر ، فانظر إلى فقه الصحابة رضي الله عنهم في موافقة الإمام على ما فعله ، مع إنكارهم عليه ، لأن الخلاف مع الأئمة شرٌ عظيم ، يجعل في قلوب الناس كراهة الأئمة ، وعدم انقيادهم لأوامرهم ، وبالتالي ومع التراجع في الكلام ، ونقل الكلام بعضهم إلى بعض ، يحصل الخروج الكامل ، لأن الخروج على الأئمة أوله كلام وآخره سهام ، ولا مانع أن نقول : إن الكلام الذي يؤدي إلى إيغار الصدور على الأئمة لا مانع أن نقول : إنه خارجي ، ولهذا قال العلماء : إن الذي قال للرسول عليه الصلاة والسلام : اعدل يا محمد ، أنه أول الخوارج ، ثم إن مقدمات الشيء قد توصف بوصف الشيء ، فالنظر للمرأة والكلام مع المرأة يسمى زنا ، لكنه ليس الزنا الذي قال عليه الصلاة والسلام : ( الفرج يصدق ذلك أو يكذبه ) ، لكنه لما كان سبباً موصلاً إلى ذلك استحق أن يوصف به ، فالناس مثلا ًإذا اختلفوا على الأئمة ، وقالوا : هذا عمل منكر ولا نوافقهم وسنصلي وحدنا ، فهذا لا شك أنه أول الخروج على الأئمة بالسهام ، وهذه مسألة قلّ من يتفطن لها من طلبة العلم ، والواقع شاهد بهذا ، هذه المعارك التي نسمعها عن يميننا أو شمالنا ، أصلها إيش هو ؟ كلام ، أصلها كلام ، ثم تطاير هذا الكلام وزيد فيه ونقص حتى أدى إلى المقابلة بالسلاح ، نعم