فوائد حديث : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) مع الشرح . حفظ
الشيخ : هذا أيضاً فيه إثبات التطوع مثنى مثنى
، وهذا دليل على أن البخاري رحمه الله يرى أن تحية المسجد من باب التطوع ، وليست من باب الواجب ، وقد اختلف العلماء رحمهم الله في تحية المسجد : أواجبة هي أم سنة ؟ فأكثر العلماء على أنها سنة ، وقال بعض أهل العلم : إنها واجبة ، واستدل بدليل قوي ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب الناس يوم الجمعة ، فدخل رجل فجلس فقطع النبي صلى الله عليه وسلم خطبته وقال : ( أصليت ) ؟ قال : لا ، قال : ( قم فصل ركعتين وتجوز فيهما ) ، ووجه الاستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع خطبته وكلم الرجل ، وأمره أن يصلي ويتجوز ، وهو في صلاته للركعتين سوف ينشغل عن استماع الخطبة ، ولا يجوز أن يشتغل بسنة عن شيء واجب ، ويدل أيضاً ، وجه ثالث ، أنه أمره أن يتجوز فيهما ، مما يدل على أن فعلهما للضرورة ، فيتجوز حتى يتفرغ لاستماع الخطبة ، وهذا لا شك أنه قول قوي ولا يعارض هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله عن الصلوات وذكر أنها خمس ، قال : هل علي غيرها ؟ قال : ( لا ، إلا أن تطوع ) ، لا يعارضه ، لأن المراد بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إلا أن تطوع ) ، يعني الصلوات الراتبة التي ليس لها سبب فهي خمس ، أما ما له سبب ، فهو مقرون بسببه ، لكن وردت آثار ، بل وردت نصوص تدل على عدم الوجوب ، منها : أن الإمام إذا دخل يوم الجمعة فإنه لا يصلي ركعتين ، وإنما يتقدم إلى المنبر ويسلم على الناس قائماً ، ثم يجلس إلى فراغ الأذان ، ثم يجلس أيضاً بين إيش ؟ الخطبتين ، ومنها : قصة كعب بن مالك رضي الله عنه حينما دخل على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وهو في المسجد ، ولم يأمره بصلاة الركعتين ، ومنها : قصة الثلاثة الذين أتوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو مع أصحابه ، فمنهم من جلس ومنهم من دخل في الحلقة ومنهم من انصرف ، ولم يذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم ، وهذه الأدلة الثلاثة في النفس منها شيء ، يعني ليست قوية ، تعارض مثل هذا الحديث ، وقوله : ( فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) ، ظاهر الحديث أنه سواء دخل في وقت النهي أو في غيره ، وهو كذلك ، ولهذا نقول : إذا دخلت المسجد في أي وقت فلا تجلس حتى تصلي ركعتين ، فإن قال قائل : كيف نجمع بين هذا وبين أحاديث النهي ؟ فالجواب : أن بينه وبين أحاديث النهي عموم وخصوص من وجه ،
من جهة الزمن أيهما أخص ؟ أحاديث النهي
أخص ، لأنها مخصوصة بأوقات معينة ، وهذا عام ، من جهة الصلاة هذا أخص ، لأنه خاص بتحية المسجد ، وإذا كان بينهما عموم وخصوص ، فإننا ننظر أيهما أحفظ ، أي عموميهما أحفظ ، نجد أن عموم هذا الحديث : ( فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) أحفظ ، إذ لم يرد تخصيصه ، وأما الأوقات فورد تخصيصها في عدة صلوات ، منها ركعتي الطواف ، ومنها ركعتي الوضوء ، ومنها ركعة المتصدق على من دخل وقت العصر ، وقد قال العلماء : " العام المحفوظ مقدم على العام المخصوص " ، فإن قال قائل : لو دخل المسجد وصلى ركعة الوتر واحدة ، أيجزئ أو لا ؟ فالجواب : نعم يجزئ ، لأن قوله : ( فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) ، مبني على الغائب ، فلو قال : لو دخل ولم يجلس حتى صلى ثلاث ركعات الوتر ، أوتر بثلاث ، يجزئ أو لا يجزئ ؟ يجزئ بلا شك ، لأنه صلى ركعتين وزيادة ، فإن قال قائل : وهل تجزئ عنهما الراتبة ؟ فالجواب : نعم ، فلو دخل المسجد لصلاة الظهر وصلى ركعتين بنية الراتبة ، كفى ذلك عن تحية المسجد ، لأن المقصود من تحية المسجد أن لا تجلس حتى تصلي ركعتين ، طيب لو دخل المسجد الحرام ليطوف عن عمرة أو للقدوم ، هل يصلي ركعتين ثم يطوف أو يطوف ثم يصلي ركعتين للطواف ؟ الثاني ، وقد وهم بعض الناس فأطلق عبارة عامة لا صحة لها ، وهي أن تحية المسجد الحرام الطواف ، هذا غلط ليس بصواب ، بل إذا دخلت المسجد الحرام إن دخلت للطواف كفاك عن التحية بالصلاة ، وإن أردت الصلاة فهو كغيره من المساجد ، يعني لو دخلت المسجد الحرام لإحدى الصلوات المفروضة ، أو لطلب علم ، أو ما أشبه ذلك ، فإن تحيته كغيره أن تصلي ركعتين ، طيب ، والمكان المعد للصلاة ، وليس بالمسجد ، هل له هذا الحكم ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لا ، ولذلك لا يصح الاعتكاف فيه ، لأنه ليس من المساجد ، فالمصلى الذي يكون في دوائر الحكومة ، أو مصلى في البيت ، أو مصلى في الاستراحة ، أو ما أشبه ذلك ، ليس له حكم المسجد ، فمن دخله وجلس فلا شيء عليه ، نعم