حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن زيد بن رباح وعبيد الله بن أبي عبد الله الأغر عن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ) حفظ
القارئ : حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن زيد بن رباح وعبيد الله بن أبي عبد الله الأغر عن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ) .
الشيخ : قوله : ( في مسجدي هذا ) ، استدل بعض العلماء على أن ما زيد في المسجد النبوي لا يكون فيه هذا الفضل ، لأنه أشار إليه ( هذا ) والإشارة تعين المشار إليه ، ولكن في هذا نظر ، لأن الصحابة رضي الله عنهم زادوا في المسجد النبوي ، وصاروا يصلون في الزيادة دون المسجد النبوي ، فعثمان رضي الله عنه زاده من القبلة ، وصار الناس يصلون وراء عثمان في الصف الأول ويدعون الروضة ، ويدعون المسجد النبوي الأول ، فالصواب أن قوله : ( هذا ) من باب التوكيد فقط ، وليس من باب التعيين الذي معناه : أن ما زاد عليه فلا ينال هذا الفضل الثاني قال : ( خير من ألف صلاة ) ، وما يعبر به كثير من الناس اليوم ، صلاة في المسجد النبوي بألف صلاة غلط ، لأنه يخالف الحديث ، الحديث يقول : ( خير من ألف صلاة ) فرق بين بألف وبين خير ، الذي يحسن هو التعبير بما جاء في الحديث ، وقوله : ( إلا المسجد الحرام ) ، لا شك أن المراد به المسجد الذي تشد إليه الرحال ، كما في حديث أبي هريرة السابق وهو المسجد الذي فيه الكعبة ، ويدل لهذا ما جاء مصرحاً به فيما رواه مسلم عن إحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة ) وهذا نص واضح صريح ، وهذا هو ظاهر كلام أصحاب الإمام أحمد رحمه الله ، كما حكاه عنه صاحب الفروع ، أن التفضيل خاص في مسجد الكعبة فقط ، أما بقية مكة : فهي أفضل مما كان خارج حدود الحرم ، لا شك في هذا ، بدليل أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما نزل الحديبية ، وبعضها حرم وبعضها حل صار في نفس الحل نازلاً ، لكن عند الصلاة يدخل فيصلي في الحرم ، وهذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم يدل على أن الصلاة في الحرم أفضل من الصلاة في الحل ، لكن التفضيل لا ، إنما هو في مسجد الكعبة ، فإذا قال قائل : إذا قلتم هكذا حصرتم الناس في أيام المواسم في المسجد الحرام ، وحصل الضيق والزحام ؟
فنقول : إذا حصل الضيق والزحام فالأفضل أن يصلوا في المساجد الأخرى ، لأن الضيق والزحام يخل بنفس العبادة ، والصلاة في المسجد الحرام يتعلق بالمكان ، وما يتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة مما يتعلق بمكانها أو زمانها ، فنقول للإخوان في أيام المواسم والزحام صلوا في مساجدكم ، لأنكم تصلون بطمأنينة لا تؤذُون ولا تؤذَون ، لكن في أيام السعة لا شك أن الفضل هو في مسجد الكعبة .