فوائد حديث عائشة : كنت أمد رجلي في قبلة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فإذا سجد غمزني فرفعتها فإذا قام مددتها حفظ
الشيخ : في حديث عائشة رضي الله عنها دليل على صغر حجرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، لأن عائشة إذا اضطجعت تمد رجليها في قبلة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ومن فوائد هذا الحديث أيضاً أن بيوت الرسول عليه الصلاة والسلام ليس فيها إضاءة ، ليس فيها مصابيح ، لأنها لو كان فيها ما احتاج إلى الغمز ، لكانت هي تعرف أنه يريد السجود فتكف رجليها ، ومن فوائده أن مس المرأة لا ينقض الوضوء ، كما استدل بذلك بعضهم ، لكن في الاستدلال في هذا نظر ، لإمكان أنه يمس رجليها من وراء الثياب ، وحينئذ لا يكون فيه دليل ، لكن لدينا دليل على أن مس المرأة لا ينقض الوضوء ، وهو البراءة الأصلية ، لأن الإنسان إذا توضأ وضوءاً صحيحاً بمقتضى الكتاب والسنة ، فلا يمكن أن ينقض هذا الوضوء إلا إيش ؟ إلا بدليل ، أي إنسان يقول لك هذا من نواقض الوضوء ، قل هات الدليل ، لأن عبادتي الآن تمت بمقتضى الدليل الشرعي ، ولا يمكن أن تنقض إلا بدليل شرعي ، وهذه القاعدة تنفعك في كل المسائل المتعلقة بمفسدات
العبادة ، طالِب من يقول بإفسادها بالدليل ، ولذلك بناءً على القاعدة : لا ينتقض الوضوء إذا خلع الإنسان ما يمسح من خف أو جورب ، ولا ينتقض الوضوء بحلق شعر الرأس ، ولا ينتقض الوضوء بمس الفرج ، ولا ينتقض الوضوء بمس المرأة ، وغير ذلك ، إلا بدليل ، المرأة لا دليل على نقض الوضوء بمسها ، ولو كان لشهوة ما لم يحدث ، وأما قوله تعالى : (( أو لامستم النساء )) ، وفي قراءة : (( لمستم )) ، فالمراد به الجماع بلا شك ، كما فسره بذلك ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه ،
وكما هو مقتضى البلاغة ، لأن آية الوضوء ذكر الله فيها طهارتين وسببين ، طهارة الماء وطهارة التيمم ، سببين : الحدث الأصغر في قوله : (( أو جاء أحد منكم من الغائط )) ، والحدث الأكبر في قوله : (( أو لامستم النساء )) ، لو قلنا : (( لامستم النساء )) ، يعني لمستموهن
فانتقض الوضوء ، لكان في ذلك خلل في البلاغة ، الخلل أنه أُهمل في الآية موجب الغسل ، وكرر موجب الوضوء ، وهذا خلاف البلاغة ، مع أن الله ذكر الطهارتين : الماء والتراب ، والحدثين : الأكبر والأصغر ، فلا بد أن يذكر السببين ، سبب الحدث الأصغر وسبب الحدث الأكبر ، فيتعين أن يكون المراد بالآية : (( لامستم )) أو (( لمستم )) : الجماع ، فنحن لا نحتاج إلى أن نستدل بحديث عائشة هذا ، لأن الاستدلال به يبطل باحتمال أن يكون يمسها من وراء الثياب ، نعم ، ومن فوائد هذا الحديث أن جلوس المرأة أمام المصلي بكل بدنها أو بعضه لا يبطل صلاته ، لا يبطل صلاته ، وقد احتجت عائشة رضي الله عنها بهذا الحديث على أن المرأة لا يقطع مرورها صلاة الرجل ، ولكنه لا دليل لها فيه ، لأن الجالسة أو النائمة غير مارة ، والذي ينقض هو المرور ، وما دام الحديث قد صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( أن المرأة إذا مرت بين يدي الرجل انقطعت صلاته ) ، فإنه يجب أن نقول به وأن نجيب عن حديث عائشة وأشباهه بأن هذا ليس بمرور ، ومن فوائد هذا الحديث ما ترجم له البخاري رحمه الله ، أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد غمز عائشة فرفعت رجليها ، وهو رحمه الله أراد أن يسوقه للعمل في الصلاة الذي لا يتعلق بها ، وعندي أن هذا عمل يتعلق بالصلاة ، لأنه لا يمكن السجود على إيش ؟ على رجليها ، فهو من مصلحة الصلاة ، حركته هذه من مصلحة الصلاة ، إلا أن يقال : بإمكان النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لعائشة : لا تفعلي أصلاً ، تكف رجليها سواءٌ كان قائماً أو ساجداً .