فوائد حديث نهي نساء جعفر عن النوح . حفظ
الشيخ : هذا الحديث فيه فوائد منها إثبات الحزن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه كغيره يفرح ويحزن ويسر كغيره من البشر ، وفيه آية من آيات النبي صلى الله عليه وسلم حيث علم بقتل هؤلاء الثلاثة في حينه وكأنه يشاهد فيقول : ( أخذها زيد فقتل وأخذها جعفر فقتل وأخذها عبد الله فقتل وعيناه تذرفان صلى الله عليه وسلم ) ، وفيه أيضا أنه يجوز للإنسان الحزين أن ينفرد عن الناس في موضع وهذا هو ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في نهيه أن تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج ، ومن الإحداد أن ينعزل الإنسان عن الناس ويبعد عنهم لأنه إذا اختلط بهم ربما يجددون له الحزن كل واحد يأتي يقول أعظم الله أجرك بهذه المصيبة وما أشبه ذلك ، فيتجدد الحزن ويزداد ، ومنها أن بعض الناس استدل بهذا الحديث على جواز الجلوس للتعزية وفي هذا الاستدلال نظر ، نظرٌ ظاهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجلس ليعزيه الناس ولهذا ما عزاه أحد وإنما جلس كما قلت لكم إيش ؟ إحدادا على هؤلاء وحبا للانفراد ، ومنها جواز اطلاع المرأة من شق الباب على من في الشارع أو من في المسجد أو ما أشبه ذلك ، لأن عائشة كانت تفعل هذا ، ومنها أن بيوت النبي صلى الله عليه وسلم لهن أبواب لقولها ( من شق الباب ) ، ومنها جواز نظر المرأة للرجال لأن عائشة تنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم والناس يأتون إليه - يرحمك الله - ، ومنها أنه لا يجوز اجتماع النساء للبكاء حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من أخبره عن نساء جعفر بأنهن يبكين أمره أن ينهاهن وهذا دليل على أن هذا الفعل لا يرضي الله ورسوله وإلا لما نهي عنه ، ومنها أن من الرجال من هو ضعيف الشخصية وذلك أن النساء غلبنه غلبن هذا الرجل ولم يطعنه ، ومنها جواز تعزير المخالف بحثو التراب في فيه لقوله : ( احث في أفواههن التراب ) وهذا حقيقة يعني ليس مبالغة في زجرهن بل حقيقة أن يأخذ التراب ويحثوه في أفواههن لماذا ؟ تعزيرا لهن ليسكتن عن غلبة ، لأن التراب إذا وقع في الفم فإنه سيغلب البكاء ، ومنها فهم عائشة رضي الله عنها قوة فهمها حيث وصفت الرجل بأنه لن يفعل يعني لن يحثو في وجوههن التراب ، إذا كان عجز عن إسكاتهن فكيف يستطيع أن يحثو التراب في أفواههن ، وهذا استنباط منها رضي الله عنها بأن الرجل ضعيف ، ومنها جواز الدعاء بما لا يقصد لقولها ( أرغم الله أنفك ) أي أذله حتى يقع في الرغام وهو التراب ، لكن هذه كلمة تقال لا على سبيل القصد بل على سبيل إظهار الانفعال وعدم الرضا ، ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا خولف أمره فسيلحقه العناء والمشقة لقولها رضي الله عنها ( وما تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء ) ولا شك أن هذا يقع من الرسول أن يلحقه العناء إذا لم يُمتثل أمره حتى أن الله قال له : (( لعلك باخعٌ نفسك ألا يكونوا مؤمنين )) أي مهلكها وقال : (( أفانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )) والآيات في هذا المعنى كثيرة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم يكره أن يعصى ويضيق صدره ، ولكن الله تعالى يسليه ويبين له أنه قام بما عليه وهو البلاغ صلوات الله وسلامه عليه نعم.