فوائد حديث : ( العبد إذا وضع في قبره وتولي وذهب أصحابه ... ) حفظ
الشيخ : فيه دليل على أن الميت من حين أن ينصرف الناس عنه يأتيه الملكان ، وفيه دليل على أنه إذا بقي الميت لم يدفن فإنه لا يأتيه الملكان وعلى هذا لو بقي الميت في الثلاجة أحيانا يبقى في الثلاجة يومين أو ثلاثة أو أكثر فإنه لا يأتيه الملكان حتى يسلمه الأحياء إلى دار الجزاء ، وفيه أيضا دليل على أن الميت يسمع فهل هذا السماع مطلق بمعنى أنه يسمع في هذه الحال التي هو فيها قريب من الحياة أو مطلقا ؟ قال بعض أهل العلم إنه يسمع مطلقا ولكنه لا يستجيب وأن ما ورد ما هو إلا ذكر أعيان ومسائل أما المعنى العام فهو يسمع ، وإلا فمن المعلوم أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقف على قتلى بدر على القليب وجعل يخاطبهم وقال لأصحابه : ( ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ) لما قالوا يا رسول الله كيف تكلمهم وقد ماتوا قال : ( ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ) في هذا خلاف فمن العلماء من قال إن الموتى لا يسمعون وما ورد في النص فلا بد من قبوله والتصديق به ، وجعلوا الأصل عدم السماع ، ومن العلماء من قال إنه يسمع وما ورد من سماعهم فهو على سبيل التمثيل أو على سبيل القضية الواقعة فالله أعلم ، ومن فوائد هذا الحديث أن الملكين يقعدان الميت وهنا قد يورد بعض الزنادقة إشكالا على هذا ويقول كيف يقعد واللبن عليه وهو ممدود تحت اللبن وإننا إذا حفرنا القبر لا نجد فيه تغيرا فما موقف المؤمن من هذا ؟ موقف المؤمن أن يقول سمعنا وصدقنا ونقول لهؤلاء الزنادقة أليس النائم تحت الغطاء يرى في المنام أنه يقوم ويقعد ويذهب ويجيء ، وهذا أمر لا ينكر فإذا كان هذا تصرف الروح في الوفاة الصغرى فما بالك في الوفاة الكبرى ! ، ومن فوائد هذا الحديث أن ما جاء في هذا السياق خاص بالشهادة بالرسالة ولكن الأحاديث الأخرى تبين أنه يسأل عن ثلاثة أشياء عن ربه ودينه ونبيه ، فإما أن يكون هذا اختصارا من بعض الرواة وإما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم يحدث عن كل شيء بما يقتضيه المقام ، الأول محتمل ولكنه أضعف من الثاني لأن الأول يقتضي أن يتهم الرواة بحذف أشياء مهمة من الحديث لأن الإخبار يأنه يسأل عن ربه ودينه مهم فيكون الأولى أن يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم يحدث في كل وقت أو في كل موضع بما يناسب المقام ، ومن فوائد هذا الحديث أن الإنسان يكتب له مقعدان مقعد في الجنة ومقعد في النار ، فيرى مقعده في النار من أجل أن يتبين له نعمة الله تعالى عليه حيث أبدله الله به مكانا من الجنة اللهم اجعلنا منهم ، ومن فوائد هذا الحديث أن المنافق والعياذ بالله يحجب عنه قول الحق فيقول لا أدري ، وقوله الكافر أو المنافق شك من الراوي والظاهر أن الصواب المنافق ، لأن الكافر لا يقول ما يقول الناس لا يشهد أن محمدا رسول الله فيتعين أن يكون الصواب هو المنافق ، طيب يقول فيقال لا دريت أي لا علمت ولا تليت أي لا تقدمت لأن التالي في المسابقة هو الذي يلي الأول فالمعنى لا دريت ولا بلغت مرادك ، وهذا توبيخ له وإلا فهو قد جهل يعني لا يحتاج أن يدعى له أو أن يدعى عليه لأنه قد حصل أنه لم يدر ولم يسمع لكن من باب التوبيخ ، ومن فوائد هذا الحديث إثبات عذاب القبر لقوله : ( ثم يضرب بمطرقة من حديد ) وعذاب القبر ثابت بالقرآن والسنة وإجماع المسلمين ، أما الكتاب فاسمع قول الله تعالى : (( ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم )) في حال توفيهم ، واسمع إلى قول الله تبارك وتعالى في الكفار يحتضرون فإنه يقال لهم : (( اليوم تجزون عذاب الهون )) اقرأ الآية من أولها : (( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون )) اليوم ..