فوائد حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على أهل أحد . حفظ
الشيخ : ومن فوائد هذا الحديث استعمال المنبر وهو كذلك فالمنبر يوم الجمعة مشروع لأن الخطيب يقوم عليه فيعلو وكلما علا ازدادت رقعة الصوت ، ومنها استحباب طلب ما يرفع الصوت حتى يسمع الحاضرين ، وبناء عليه نقول إن مكبرات الصوت اليوم من الأمور المشروعة وليست من الأمور المبتدعة ، لكنها مشروعة لغيرها لا لذاتها كما لو لبس الإنسان على عينه نظارة لتكبر الحرف حتى يقرأ القرآن ، نقول لبس النظارة في هذه الحال يعتبر قربة وعبادة لأنه يتوصل به إلى عبادة ، ويدل أيضا على طلب رفع الصوت وبلوغه مبلغا واسعا أن النبي صلى الله عليه وسلم في عام حنين أمر العباس بن عبد المطلب وكان جهوري الصوت أن ينادي الصحابة بالرجوع إلى موضع القتال فيثبتوا ، ومن فوائد هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم فرط أمته أي مقدمهم عليه الصلاة والسلام ، فهو فرط يشهد علينا ويشهد لنا صلوات الله وسلامه عليه ولهذا قال : ( فإني فرطكم وأنا شهيد عليكم ) يعني يوم القيامة ، اللهم اجعله يشهد لنا بخير ، ومن فوائد هذا الحديث أن حوض النبي صلى الله عليه وسلم موجود الآن لقوله : ( والله لأنظر إلى حوضي الآن ) ولم يقل كأني أنظر بل أثبت النظر وأكده بإن واللام والقسم ، لأن هذا أمر غريب قد تستبعده النفوس أن ينظر إلى حوض يرده الناس يوم القيامة وينظره الآن ، فلما كان هذا غريبا وبعيدا أقسم عليه الصلاة والسلام وهو الصادق البار بدون قسم ، أقسم أنه ينظر إليه الآن ، والآن بمعنى الوقت الحاضر ، وأخبر أيضا في غير هذا الحديث أن منبره على حوضه ، المنبر على الحوض ، وإذا أخذنا بالظاهر قلنا منبره في الحياة الدنيا على حوض وليس المنبر الذي يوضع في الحوض يوم القيامة كما قاله بعضهم ، ومن فوائد هذا الحديث أن ما فتح بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم كالذي فتح في حياته تماما لقوله : ( أعطيت مفاتيح خزائن الأرض ) أو ( مفاتيح الأرض ) ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته لم يفتح إلا الجزيرة وما حولها مما قرب جدا جدا ، الشام لم تفتح والعراق لم تفتح ومصر لم تفتح لكن فتحت هذه البلاد بإيش ؟ بشريعته ورجاله وخلفائه فكأنه هو الفاتح عليه الصلاة والسلام ، ومن فوائد هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم أنه لا يخاف أن نشرك بعده يعني أن نعبد الأصنام ما يخاف هذا ، لأنه عليه الصلاة والسلام استبعد جدا أن يشرك الناس بعد أن دخلوا في دين الله أفواجا ، فلا يمكن في خوفه صلى الله عليه وسلم أن يشرك الناس بعده ، وهذا مما وقع في نفسه فلا يرد علينا أن يقول قائل إن الناس أشركوا في الجزيرة ، فصار بعضهم يدعو النبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم يدعو فلان وفلان من أولياء الله أو العلماء ، هذا واقع ولا غير واقع ؟ واقع يشرك حتى تحت الكعبة يدعى علي يدعى الحسين يدعى فلان يدعى فلان في وسط المسجد الحرام ، فكيف نجمع بين قوله : ( والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ) الجمع سهل جدًا وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أخاف باعتبار ما في نفسه ، ولم يقل والله لا تشركوا بعدي لو قال والله لا تشركوا بعدي صار فيه إشكال كبير ، لادّعى المشرك الآن أنه ليس بمشرك لأن الرسول حلف ألا نشرك بعده ، لكنه عليه الصلاة والسلام أخبر أنه لا يخاف الشرك وكونه لا يخاف الشرك مما وقع في نفسه في ذلك الوقت لا يمنع أن يقع بعد ذلك الشرك ، ومن فوائد هذا الحديث التحذير من التنافس في الدنيا وهي والله القاتلة على الرغم من وجود التحذير منها في القرآن كما قال الله عز وجل في وصفها : (( لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد )) هذه خمسة أشياء كلها حصرت في هذا المثل (( كمثل غيث أعجب الكفار نباته )) من حسنه ونموه ونظارته وثمرته (( ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما )) مقابل ذلك (( وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان )) إن النبي صلى الله عليه وسلم ما خاف علينا أن نشرك لكن خاف علينا التنافس ، والواقع أن التنافس في الدنيا هو المهلك انظر الآن إلى الرجل تجده تغره الأماني وتغريه المظاهر ، فتجده يتمنى أن يكون له مثل فلان وفلان في القصور والمراكب وغير ذلك ، وربما يحاول أن يصل إلى ذلك عن طرق محرمة ملتوية ، والذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي وقع ، وكم من أناس اغتروا في الدنيا وانهمكوا فيها فهلكوا نسأل الله أن يحمينا وإياكم.