فوائد حديث : ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ) مع الشرح . حفظ
الشيخ : في هذا الحديث من الفوائد إثبات عذاب القبر وهذا أمر لا إشكال فيه لدلالة ظاهر القرآن وصريح السنة عليه ، أما القرآن فقد قال الله تعالى : (( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسهم اليوم تجزون عذاب الهون )) اليوم وأل هنا للعهد الحضوري ، وهذا واضح في أن عذاب القبر يثبت من حين الموت لكنه لا يثبت إلا حين يسلّم الرجل إلى عالم الآخرة ، أما ما دام بين أيدي الناسي فإنه لا يُسأل ولا يعذب ولهذا كان السنة الإسراع في دفن الميت لأجل أن يصل إلى النعيم الذي هو خير من الدنيا وما فيها ، والمسلمون كلهم يقولون : أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ، ولا يغرنك التشويش الذي يورده بعض الزنادقة يقولون إن الميت لو نبش بعد يوم أو يومين لم نجد فيه أثر العذاب ، لأن عالم الآخرة ليس كعالم الدنيا ولهذا يصيح المعذب صيحة يسمعها كل شيء يليه إلا الجن والإنس ، ثانيا في هذا الحديث أيضا آية من آيات النبي صلى الله عليه وسلم حيث كشف له عن عذاب هذين الرجلين ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( وما يعذبان في كبير ) يعني في أمر شاق عليهما بل هو سهل وإلا فإنه من كبائر الذنوب ، لأنه رُتب عليه عقوبة وهي عذاب القبر ، ومن فوائد هذا الحديث وجوب التنزه من البول وأنه يجب على الإنسان أن يتنزه من البول بتطهيره وهو معنى قوله : ( لا يستتر ) إذ جاء في اللفظ الآخر ( لا يستنزه من البول ) ولكن هذا إذا كان يعلم أن البول أصابه ، أما مجرد الشك والوهم فلا عبرة به لكن إذا تيقن أنه خرج البول وأصاب ثيابه أو بدنه ثم لم يأبه به فهذا هو الذي على خطر ، وقوله : ( من البول ) استدل به بعض أهل العلم إلى أن جميع الأبوال نجسة يعذب الإنسان على عدم التنزه منها وادعى أن قوله أل للعموم ولكن هذا ليس بصواب ، أولا لأنه ورد في الرواية الآخرى في الحديث ( لا يستتر من بوله ) فأضاف البول إلى نفس المهمل ، وثانيا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذين اجتووا المدينة من عرينة أو جهينة أن يخرجوا إلى الإبل إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها ، ولو كان نجسا لأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتنزه منه ، ولما أجاز لهم أن يتداووا به لأن النجس شربه محرم ولا يمكن أن يكون دواءً ، فالمراد إذًا من بوله أو بول من يشابهه كبول رجل آخر أصابك من رشاشه يجب أن تتنزه منه ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة النميمة هي نسبة الحديث إلى قائله فينقل كلام الناس بعضهم ببعض ، فيقول فلان قال فيك كذا وفلان قال فيك كذا من أجل أن يحدث التفرق بينهم ، وهذا عكس المصلح المصلح يصلح بين الناس فتجتمع القلوب ، هذا والعياذ بالله بالعكس ، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لرحمته بأمته أخذ جريدة رطبة لعلها كانت عنده أخذها وشقها نصفين ووضع على كل قبر واحدة فسأله الصحابة فلماذا فعل هذا ، فقال : ( لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا ) يخفف عنهما إيش ؟ العذاب الذي اطلع عليه ، ما لم ييبسا يعني الجريدتين فلماذا قيده باليبس ؟ قال بعض أهل العلم لأنهما ما داما أخضرين أي الجريدتان فإن ..