باب : وجوب الزكاة . وقول الله تعالى (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )) . وقال بن عباس رضي الله عنهما حدثني أبو سفيان رضي الله عنه فذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم فقال يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف . حفظ
القارئ : باب : وجوب الزكاة، وقول الله تعالى : (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )). وقال ابن عباس رضي الله عنهما : حدثني أبو سفيان رضي الله عنه، فذكر حديث النبي صلّى الله عليه وسلم فقال : ( يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف ).
الشيخ : الزكاة ركن من أركان الإسلام، وهي قرينة الصلاة غالبا في القرآن الكريم، ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن تارك الزكاة ، أي الباخل بها، كافر خارج عن الإسلام، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، لكن الصحيح أنه لا يكفر، الذي لا يخرج الزكاة لا يكفر، بدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها ) وذكر العقوبة ثم قال : ( حتى يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) كونه له سبيل إلى الجنة يدل على أنه ليس بكافر، إذا أن الكافر لا سبيل له إلى الجنة، ولحديث عبد الله بن شقيق " أن الصحابة لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة "، فالصواب أنه لا يكفر ولكنه على خطر عظيم، وإيجاب الزكاة في الأموال من الحكمة العظيمة في التشريع، وذلك لأن الدين الإسلامي إذا تأملت أفكاره وجدتها إما كف عن محبوب، وإما بذل لمحبوب، إما كف عن محبوب كالصيام، يكف الإنسان نفسه عن الأكل والشرب والنكاح، وإما بذل لمحبوب كالزكاة، فإن الإنسان يحب المال كما قال الله عز وجل : (( وإنه لحب الخير لشديد ))، وقال الله تعالى : (( وتحبون المال حبا جما ))، فإذا تنوعت التكليفات وكان الإنسان يفعل هذا وهذا علم أنه صادق، لأن بعض الناس قد يهون عليه بذل المال، ويشق عليه الامتناع عما يحب، أليس كذلك ؟ الكريم يهون عليه بذل المال، لكن قد يكون يصعب عليه جدا أن يمتنع عن الأكل والشرب والنكاح، ولهذا أفتى بعض أهل العلم بعض الخلفاء الذي وجبت عليه كفارة، عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، على الترتيب. أفتى بعض العلماء هذا الخليفة أن يصوم شهرين متتابعين، معللا ذلك بأن العتق سهل عليه، لو يعتق مئة رقبة لكان أهون عليه من صيام يوم، وهذا غلط، لا شك أنه غلط، فالشيء الذي عينه الله ورسوله يجب أن نأخذ به، ولا نقدم القياس على النص، فالمهم أن التكليفات متنوعة، الصلاة عمل بدني محض، والحج عمل بدني ومالي، وقد لا يكون ماليا، قد يكون الإنسان من مكة ولا يحتاج إلى مال، والزكاة عمل مالي محض، والصوم كف وليس بعمل، بل هو كف النفس عن محبوباتها، وهذا يدل على كمال حكمة الله جل وعلا فيما أمر به العباد، أنه متنوع، ليعلم المطيع الذي يتبع أوامر الله ورسوله، من الذي يتبع هواه، وقوله تعالى : (( أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )) واضح في الوجوب.