فوائد حديث : ( و رجل تصدق بصدقة فأخفاها ، حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه ) . حفظ
الشيخ : في هذا الحديث دليل على جواز الاقتصار على بعض النص، يعني بمعنى أن المستدل يأتي بما هو شاهد للدليل فقط، ويترك الباقي لأن هذا الحديث، حديث أبي هريرة، الذي ذكر فيه : ( ورجل تصدق ) ، ذكر فيه النبي صلّى الله عليه وسلم : ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل ذكر الله خاليا فبكت عيناه ).
وقد ذكر العلماء في المصطلح أنه يجوز أن يحذف من الحديث ما لا يتعلق بالمذكور، فإن تعلق به فإنه لا يجوز الحذف، الشاهد من هذا قوله : ( حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه )، وهذا من المبالغة ، لأنه لا يمكن أن يتصدق الإنسان بصدقة يعطيها باليمين واليد الأخرى لا تعلم، إذا أخذنا بظاهر اللفظ قلنا : هذا من باب المبالغة، وإن أخذنا بالتجوز صار المعنى : حتى لا يعلم من على شماله ما أنفق بيمينه، انتبه، يعني المراد بالشمال هنا : من على شماله، ليست اليد، لأن اليد لا يمكن أن يخفى عليها، اليد من إنسان واحد، لا يمكن أن يخفى عليها ما تصدق به بيمينه، وهذا يدل على كمال الإخلاص في الإنفاق ، لأنه لو كان يريد أن يرائي لأظهرها وبينها.
ثم استدل بالآية قوله تعالى : (( وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم )، خير لنا من وجهين :
الوجه الأول : أنه أقرب إلى الإخلاص.
والوجه الثاني : أنه أستر على المنفق عليه، لأن كثيرا من الناس، وإن كان مستحقا للصدقة، لا يحب أن يظهر أمام الناس بأنه فقير يتصدق عليه.
السائل : (( وإن تبدوا الصدقات فنعما هي )) ؟
الشيخ : لا ما عندنا ذكر الشاهد فقط .