فوائد حديث : ( إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه ... ) حفظ
الشيخ : هذا الحديث فيه فوائد منها :
جواز اعطاء الناس مجتمعين، وأنه لا يعد ذلك إذلالا، ما دام العطاء للجميع، ومن فوائده أيضا : منقبة لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، حيث إنه شفع لهذا الرجل الذي لم يعطه النبي صلّى الله عليه وسلم من العطاء.
وفيه حسن الأدب من سعد حيث لم يتكلم مع النبي صلّى الله عليه وسلم جهرا، وإنما قام فسارّه، وفيه أيضا : جواز تكرار المشورة إذا اقتضت الحال ذلك، لأن سعدا لما رآه، أي رأى النبي صلّى الله عليه وسلم يعطي الناس بعد أن قال له ويعطيه.
وفيه دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يشهد لشخص بالإيمان، وإنما يشهد له بالإسلام، إلا من شهد له النبي صلّى الله عليه وسلم ، لأن سعدا قال : إني لأراه مؤمنا، فقال: أو مسلما، ثلاث مرات، وما الذي يظهر لنا؟ الإسلام أو الإيمان؟ الإسلام هو الذي يظهر، الإيمان في القلب، وكم من إنسان نراه مسلما، ولكنه والعياذ بالله ليس بمسلم.
وفيه أيضا دليل على أن النبي صلّى الله عليه وسلم يراعي في العطاء تأليف القلوب على الإسلام، والتزام المعطى به، لقوله صلّى الله عليه وسلم : ( إني لأعطى الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكب في النار على وجهه )، ومتى يكب؟ إذا ارتد عن الإسلام، فالنبي صلى الله عليه وسلم يعطي للتأليف على الإسلام.
وفيه أيضا دليل على أنه ينبغي للإنسان إذا رأى من شخص إعراضا أو فسوقا، وغلب على ظنه أن إعطاءه المال يوجب له الاستقامة، فإنه ينبغي أن يعطيه، ويحتسب بذلك الأجر، لأننا إذا كنا نعطي الفقير لإقامة بدنه وغذاء بدنه، فإعطاء العاصي لإقامة دينه وغذاء روحه أولى.
وفيه أيضا من فوائده : ان النبي صلّى الله عليه وسلم كان يحب بعض أصحابه أكثر من بعض، لقوله : ( وغيره أحب إلي منه )، وهذا شيء طبيعي، ليس الناس عند الإنسان سواء، وإن كان يحب الجميع، لكن تختلف المحبة.
وفيه دليل على جواز ضرب المعلم من يريد أن يعلمه من أجل أن ينتبه، لكن يقول : جمع بين عنقي وكتفي، معناه أنه ضربه على الكتف والعنق، ولكن هل نقول : إن هذا مضطرد حتى في وقتنا الحاضر ؟ أو نقول : كل مقام له مقال ؟ هذا هو الواقع، لأنك لو ضربت أحد لم يعتد مثل هذا الشيء لكان بينم وبينه خصومة، لا سيما إن ضربته بقوة، وكانت يدك كبيرة، وكان نحيفا، فيا ويله من يدك، لكن أحيانا الإنسان قد يضرب ما هو على هذا المحل، يضرب على العضد، الضرب على العضد أهون.
وفيه انتباه يعني فيه تنبيه، فإذا علم الإنسان أن صاحبه لن يعبأ بهذا العمل، ولن يكون في خاطره شيء وضربه لينبهه أو ليسكته أيضا فلا بأس.