تتمة القراءة مع تعليق الشيخ . حفظ
القارئ : " قال الترمذي : لا يصح في هذا الباب شيئ .
وقال الشافعي في القديم : حديث إن في العسل العشر ضعيف ، وفي أن لايؤخذ منه العشر ضعيف إلا عن عمر بن عبد العزيز وروى عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريق طاووس أن معاذا لما أتى اليمن قال :
( لم أومر فيهما بشيئ، يعني العسل وأوقاص البقر ) وهذا منقطع وأما ما أخرجه ابو داود والنسائي من طريق عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده قال : جاء هلال أحد بني مَتعان اي بضم الميم وسكون المثناة بعدها "
.
الشيخ : مُتعان .
القارئ : " مُتعان أي بضم الميم وسكون المثناة بعدها مهملة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشور نحل له ، وكان سأله أن يحمي له واديا فحماه له .فلما ولي عمر كتب إلى عامله : أن أد إليك عشور نحلي ، فاحم له سلبه وإلا فلا ،وإسناده صحيح إلى عمرو ".
الشيخ : عمرو ؟
القارئ : نعم ، يقول حاشية يا شيخ يقول : ومراده أن إسناد هذا الحديث الى عمرو بن شعيب صحيح ، وأما رواية عمرو عن أبيه عن جده فمختلف فيها بين أهل الحديث والصواب أنها حجة ما لم يخالفها ما هو أقوى منها ،كما أشار اليه الشارح، وقد ذكر ذلك غيره من أهل العلم ،وصرح به العلامة ابن القيم في بعض كتبه والله أعلم . يقول : وترجمة عمرو قوية على المختار، لكن حيث لا تعارض ، وقد ورد ما يدل على أن هلالا اعطى ذلك تطوعا ، فعند عبد الرزاق عن صالح بن دينار أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عثمان بن محمد ينهاه ان ياخذ من العسل صدقة ، إلا إن كان النبي صلى الله عليه وسلم أخذها ، فجمع عثمان أهل العسل فشهدوا أن هلال بن سعد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بعسل ، فقال : ما هذا ؟ قال :صدقة ، فأمر برفعها ولم يذكر عشورا ، لكن إسناد الأول أقوى ، إلا أنه محمول على أنه في مقابلة الحمى كما يدل عليه .
الشيخ : مقابلة ؟
القارئ : " الحمى .كما يدل عليه كتاب عمر بن الخطاب . وقال ابن المنذر : ليس في العسل خبر يثبت ولا إجماع فلا زكاة فيه ، وهو قول الجمهور .
وعن أبي حنيفة وأحمد وإسحاق : يجب العشر فيما أخذ من غير أرض الخراج ، وما نقله عن الجمهور يقابله قول الترمذي بعد أن أخرج حديث ابن عمر فيه ، والعمل على هذا عند أكثر اهل العلم. وقال بعض أهل العلم : ليس في العسل شيئ .
وأشار شيخنا في شرحه إلى أن الذي نقله ابن المنذر أقوى.
قال ابن المنير : مناسبة أثر عمر في العسل للترجمة من جهة أن الحديث يدل على إلا عشر فيه ، لأنه خص العشر أو نصفه بما يسقى ،فافهم أن ما لا يسقى لا يعشر زاد ابن رشيد :فإن قيل : المفهوم إنما ينفي العشر أو نصفه لا مطلق الزكاة ، فالجواب أن الناس قائلان : مثبت للعشر ، وناف للزكاة أصلا ، فتم المراد .
قال : ووجه إدخاله العسل أيضا للتنبيه على الخلاف فيه ، وأنه لا يرى فيه الزكاة ، وإن كانت النحل تتغذى مما يسقى من السماء ، لكن المتولد بالمباشرة كالزرع ليس كالمتولد بواسطة حيوان كاللبن فإنه متولد عن الرعي ولا زكاة فيه "
.
الشيخ : أرى الأقرب أنه ليس فيه زكاة العسل ، لأنه لا يدخل في قوله تعالى : (( أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض )) ،و كون النحل يتغذى بالأشجار ونحوها ،يقال :اذا البقر إذا كانت تتغذى بالأشجار ونحوها ليس في لبنها زكاة ، فيجاب بأن البقر نفسها فيها زكاة فيغني عن زكاة اللبن .
فيرد علينا الحيوانات الأخرى التي فيها لبن كالغزلان وشبهها ليس فيها زكاة ، هي ليس فيها زكاة وألبانها ليس فيها زكاة ، ولو تغذت بما خرج من الأرض . فالأقرب أنه لا زكاة ، وأما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلا يبعد أن يكون أخذه على سبيل الصدقة ، أو لسبب من الأسباب لأن هذه قضية عين .
وقد أشار بعضهم إلى أنه أخذها من أجل الحمى ، لأنه حمى لهم أرضهم ، فالله اعلم . وإذا شككنا في هذا فلدينا أصلان :
الأصل الأول : براءة الذمة ، وعلى هذا الاصل لا زكاة فيه .
والأصل الثاني : سلوك الاحتياط، وعلى هذا الأصل نقول : احتياطا نزكي ، ولعل هذا يكون من بركته وكثرة نمائه وغلاء سعره.