قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ . حفظ
القارئ : قوله : " باب في الركاز الخمس ، الركاز بكسر الراء وتخفيف الكاف وآخره زاي : المال المدفون، مأخوذ من الركز بفتح الراء، يقال : ركزه يركزه ركزا إذا دفنه ، فهو مركوز، وهذا متفق عليه . واختلف في المعدن كما سيأتي.
قوله : وقال مالك، هو ابن إدريس ، الركاز دفن الجاهلية إلى آخره ، أما قول مالك فرواه أبو عبيد في كتاب الأموال ، حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير عن مالك قال : المعدن بمنزلة الزرع ، تؤخذ منه الزكاة كما تؤخذ من الزرع حتى يحصد ، قال : وهذا ليس بركاز ، إنما الركاز دفن الجاهلية الذي يؤخذ من غير أن يطلب بمال ولا يتكلف له كثر عمل . انتهى.
وهكذا هو سماعنا من الموطأ رواية يحيى بن بكير ، لكن قال فيه : عن مالك عن بعض أهل العلم ، وأما قوله : في قليله وكثيره الخمس ، فنقله ابن المنذر عنه كذلك وفيه عند أصحابه عنه اختلاف .
وقوله : دفن الجاهلية ، بكسر الدال وسكون الفاء: الشيء المدفون ،كذبح بمعنى مذبوح ، وأما بالفتح فهو المصدر ولا يراد هنا .
وأما ابن إدريس فقال ابن التين قال أبو ذر :يقال : أن ابن إدريس هو الشافعي ، ويقال : عبد الله بن إدريس الأودي الكوفي وهو أشبه ،كذا قال، وقد جزم أبو زيد المروزي أحد الرواة عن الفربري بأنه الشافعي ، وتابعه البيهقي وجمهور الأمة ، ويؤيده أن ذلك وجد في عبارة الشافعي دون الأودي ، فروى البيهقي في المعرفة من طريق الربيع ، قال : قال الشافعي : والركاز الذي فيه الخمس دفن الجاهلية ما وجد في غير ملك لأحد.
وأما قوله : في قليله وكثيره الخمس ، فهو قوله في القديم كما نقله ابن المنذر واختاره ، وأما الجديد فقال : لا يجب فيه الخمس حتى يبلغ نصاب الزكاة ، والأول قول الجمهور كما نقله ابن المنذر أيضا وهو مقتضى ظاهر الحديث .
قوله : وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " .
الشيخ : لكن سمعتم أن هذا مبني على ماذا ؟
على أن هل المراد بالخمس الفيء ؟ أو المراد بالخمس يعني النسبة ، يعني واحد من خمسة .
إن قلنا أنه النسبة صار المراد به الزكاة ، وإن قلنا أن المراد بالخمس الفيء صار مصرفه مصرف الفيء ، ولا يشترط فيه أن يبلغ النصاب .
القارئ : قوله : " وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( في المعدن جبار وفي الركاز الخمس ) ".
الشيخ : هنا يعني إذا قلنا المراد الزكاة صار هذا شيئا غير معلوم لكثير من الناس ، لأن أعلى سهم في الزكاة هو العشر ، وهذا الخمس ، فيقال : نعم الحكمة تقتضي هذا ، لأن أعلى شيء في الزكاة العشر ، في الزرع إذا سقي بلا مؤونة، والزرع يحتاج الى تعب ، تعب عند بذره ، وتعب أيضا عند حصاده وتيبيسه ، لكن الركاز لا يحتاج إلى شيء ، حفر ووجده ، فلذلك صار فيه الخمس، إذا نسبنا الخمس الى العشر، والعشر إلى نصف العشر تبينت الحكمة، إذا كان الزرع يسقى بمؤونة وتعب نصف العشر ، وبلا مؤونة العشر ، وإذا كان وجد بدون أي تعب فالخمس.
القارئ : قوله : " وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( في المعدن جبار وفي الركاز الخمس )،أي فغاير بينهما ، وهذا وصله في آخر الباب من حديث أبي هريرة ، ويأتي الكلام عليه .
قوله : وأخذ عمر بن عبد العزيز من المعادن من كل مئتين خمسة ، وصله أبو عبيد في كتاب الأموال ".
الشيخ : المعدن جبار ، معنى جبار هدر ، والمراد أن من استأجر أجيرا يقطع له المعادن فهلك الأجير ، فهو هدر لا يضمنه المستأجر ، اللهم إلا إذا كان في مكان المعدن خلل وعيب ولم يخبره به ، فانهدم عليه فيضمن ، أو كان المستأجر ناقص العقل ، أو صغيرا لا يدرك فيضمن .
القارئ : قوله : " فأخذ عمر بن عبد العزيز من المعادن من كل مئتين خمسة ، وصله أبو عبيد في كتاب الأموال من طريق الثوري عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم نحوه ، وروى البيهقي من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أن عمر بن عبد العزيز جعل المعدن بمنزلة الركاز يؤخذ منه الخمس ثم عقب بكتاب آخر فجعل فيه الزكاة .
قوله : وقال الحسن : ما كان من ركاز في أرض الحرب ففيه الخمس ، وما كان في أرض السلم ففيه الزكاة ، وصله ابن أبي شيبة من طريق عاصم الأحول عنه بلفظ : إذا وجد الكنز في أرض العدو ففيه الخمس وإذا وجد في أرض العرب ففيه الزكاة . قال ابن المنذر : ولا أعلم أحدا فرق هذه التفرقة غير الحسن .
قوله : وإن وجدت اللقطة في أرض العدو فعرفها وإن كانت من العدو ففيها الخمس ، لم أقف عليه موصولا وهو بمعنى ما تقدم عنه .
قوله : وقال بعض الناس : المعدن ركاز، إلى آخره ، قال ابن التين : المراد ببعض الناس أبو حنيفة ، قلت : وهذا أول موضع ذكره فيه البخاري بهذه الصيغة ، ويحتمل أن يريد به أبا حنيفة وغيره من الكوفيين ممن قال بذلك .
قال ابن بطال : ذهب أبو حنيفة والثوري وغيرهما إلى أن المعدن كالركاز ، واحتج لهم بقول العرب : أركز الرجل إذا أصاب ركازا ، وهي قطع من الذهب تخرج من المعادن ، والحجة للجمهور تفرقة النبي صلى الله عليه وسلم بين المعدن والركاز بواو العطف فصح أنه غيره ، قال : وما ألزم به البخاري القائل المذكور قد يقال لمن وهب له الشيء أو ربح بحا كثيرا أو كثر ثمره ، اركزت حجة بالغة ، لأنه لا يلزم من الاشتراك في الأسماء الاشتراك في المعنى ، إلا إذا أوجب ذلك من يجب التسليم له . وقد أجمعوا على أن المال الموهوب لا يجب فيه الخمس ، وإن كان يقال له : أركز فكذلك المعدن .
وأما قوله : ثم ناقض ، إلى آخر كلامه فليس كما قال ، وإنما أجاز له أو حنيفة أن يكتمه إذا كان محتاجا ، بمعنى أنه يتأول أن له حقا في بيت المال ، ونصيبا في الفيء ، فأجاز له أن يأخذ الخمس لنفسه عوضا عن ذلك لا أنه أسقط الخمس عن المعدن ، انتهى ".
الشيخ : الظاهر أن الصواب مع ابن حجر في هذه المسألة ، ما دام قيده أنه إذا كان محتاجا فله أن يأخذ ، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع كفارة الجماع في رمضان إلى المجامع لأنه فقير. انتهى؟
القارئ : بقي الحكمة .
الشيخ : ها ؟
القارئ : بقي الحكمة في كون الخمس إذا قلنا أنه زكاة .
الشيخ : طيب .
القارئ : يقول : " وقد نقل الطحاوي المسألة التي ذكرها ابن بطال ، ونقل أيضا أنه لو وجد في داره معدنا فليس عليه شيء ، وبهذا يتجه اعتراض البخاري ، والفرق بين المعدن والركاز في الوجوب وعدمه أن المعدن يحتاج إلى عمل ومؤونة ومعالجة لاستخراجه بخلاف الركاز ، وقد جرت عادة الشرع أن ما غلظت مؤونته خفف عنه في قدر الزكاة ، وما خفت زيد فيه.
وقيل : إنما جعل في الركاز الخمس ، لأنه مال كافر فنزل من وجده منزلة الغنائم فكان له أربعة أخماسه .
وقال الزين ابن المنير : كأن الركاز مأخوذ من أركزته في الارض إذا غرزته فيها ، وأما المعدن فإنه ينبت في الأرض بغير وضع واضع ، هذه حقيقتهما ، فإذا افترقا في أصلهما فكذلك في حكمهما ".
قوله : وقال مالك، هو ابن إدريس ، الركاز دفن الجاهلية إلى آخره ، أما قول مالك فرواه أبو عبيد في كتاب الأموال ، حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير عن مالك قال : المعدن بمنزلة الزرع ، تؤخذ منه الزكاة كما تؤخذ من الزرع حتى يحصد ، قال : وهذا ليس بركاز ، إنما الركاز دفن الجاهلية الذي يؤخذ من غير أن يطلب بمال ولا يتكلف له كثر عمل . انتهى.
وهكذا هو سماعنا من الموطأ رواية يحيى بن بكير ، لكن قال فيه : عن مالك عن بعض أهل العلم ، وأما قوله : في قليله وكثيره الخمس ، فنقله ابن المنذر عنه كذلك وفيه عند أصحابه عنه اختلاف .
وقوله : دفن الجاهلية ، بكسر الدال وسكون الفاء: الشيء المدفون ،كذبح بمعنى مذبوح ، وأما بالفتح فهو المصدر ولا يراد هنا .
وأما ابن إدريس فقال ابن التين قال أبو ذر :يقال : أن ابن إدريس هو الشافعي ، ويقال : عبد الله بن إدريس الأودي الكوفي وهو أشبه ،كذا قال، وقد جزم أبو زيد المروزي أحد الرواة عن الفربري بأنه الشافعي ، وتابعه البيهقي وجمهور الأمة ، ويؤيده أن ذلك وجد في عبارة الشافعي دون الأودي ، فروى البيهقي في المعرفة من طريق الربيع ، قال : قال الشافعي : والركاز الذي فيه الخمس دفن الجاهلية ما وجد في غير ملك لأحد.
وأما قوله : في قليله وكثيره الخمس ، فهو قوله في القديم كما نقله ابن المنذر واختاره ، وأما الجديد فقال : لا يجب فيه الخمس حتى يبلغ نصاب الزكاة ، والأول قول الجمهور كما نقله ابن المنذر أيضا وهو مقتضى ظاهر الحديث .
قوله : وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " .
الشيخ : لكن سمعتم أن هذا مبني على ماذا ؟
على أن هل المراد بالخمس الفيء ؟ أو المراد بالخمس يعني النسبة ، يعني واحد من خمسة .
إن قلنا أنه النسبة صار المراد به الزكاة ، وإن قلنا أن المراد بالخمس الفيء صار مصرفه مصرف الفيء ، ولا يشترط فيه أن يبلغ النصاب .
القارئ : قوله : " وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( في المعدن جبار وفي الركاز الخمس ) ".
الشيخ : هنا يعني إذا قلنا المراد الزكاة صار هذا شيئا غير معلوم لكثير من الناس ، لأن أعلى سهم في الزكاة هو العشر ، وهذا الخمس ، فيقال : نعم الحكمة تقتضي هذا ، لأن أعلى شيء في الزكاة العشر ، في الزرع إذا سقي بلا مؤونة، والزرع يحتاج الى تعب ، تعب عند بذره ، وتعب أيضا عند حصاده وتيبيسه ، لكن الركاز لا يحتاج إلى شيء ، حفر ووجده ، فلذلك صار فيه الخمس، إذا نسبنا الخمس الى العشر، والعشر إلى نصف العشر تبينت الحكمة، إذا كان الزرع يسقى بمؤونة وتعب نصف العشر ، وبلا مؤونة العشر ، وإذا كان وجد بدون أي تعب فالخمس.
القارئ : قوله : " وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( في المعدن جبار وفي الركاز الخمس )،أي فغاير بينهما ، وهذا وصله في آخر الباب من حديث أبي هريرة ، ويأتي الكلام عليه .
قوله : وأخذ عمر بن عبد العزيز من المعادن من كل مئتين خمسة ، وصله أبو عبيد في كتاب الأموال ".
الشيخ : المعدن جبار ، معنى جبار هدر ، والمراد أن من استأجر أجيرا يقطع له المعادن فهلك الأجير ، فهو هدر لا يضمنه المستأجر ، اللهم إلا إذا كان في مكان المعدن خلل وعيب ولم يخبره به ، فانهدم عليه فيضمن ، أو كان المستأجر ناقص العقل ، أو صغيرا لا يدرك فيضمن .
القارئ : قوله : " فأخذ عمر بن عبد العزيز من المعادن من كل مئتين خمسة ، وصله أبو عبيد في كتاب الأموال من طريق الثوري عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم نحوه ، وروى البيهقي من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أن عمر بن عبد العزيز جعل المعدن بمنزلة الركاز يؤخذ منه الخمس ثم عقب بكتاب آخر فجعل فيه الزكاة .
قوله : وقال الحسن : ما كان من ركاز في أرض الحرب ففيه الخمس ، وما كان في أرض السلم ففيه الزكاة ، وصله ابن أبي شيبة من طريق عاصم الأحول عنه بلفظ : إذا وجد الكنز في أرض العدو ففيه الخمس وإذا وجد في أرض العرب ففيه الزكاة . قال ابن المنذر : ولا أعلم أحدا فرق هذه التفرقة غير الحسن .
قوله : وإن وجدت اللقطة في أرض العدو فعرفها وإن كانت من العدو ففيها الخمس ، لم أقف عليه موصولا وهو بمعنى ما تقدم عنه .
قوله : وقال بعض الناس : المعدن ركاز، إلى آخره ، قال ابن التين : المراد ببعض الناس أبو حنيفة ، قلت : وهذا أول موضع ذكره فيه البخاري بهذه الصيغة ، ويحتمل أن يريد به أبا حنيفة وغيره من الكوفيين ممن قال بذلك .
قال ابن بطال : ذهب أبو حنيفة والثوري وغيرهما إلى أن المعدن كالركاز ، واحتج لهم بقول العرب : أركز الرجل إذا أصاب ركازا ، وهي قطع من الذهب تخرج من المعادن ، والحجة للجمهور تفرقة النبي صلى الله عليه وسلم بين المعدن والركاز بواو العطف فصح أنه غيره ، قال : وما ألزم به البخاري القائل المذكور قد يقال لمن وهب له الشيء أو ربح بحا كثيرا أو كثر ثمره ، اركزت حجة بالغة ، لأنه لا يلزم من الاشتراك في الأسماء الاشتراك في المعنى ، إلا إذا أوجب ذلك من يجب التسليم له . وقد أجمعوا على أن المال الموهوب لا يجب فيه الخمس ، وإن كان يقال له : أركز فكذلك المعدن .
وأما قوله : ثم ناقض ، إلى آخر كلامه فليس كما قال ، وإنما أجاز له أو حنيفة أن يكتمه إذا كان محتاجا ، بمعنى أنه يتأول أن له حقا في بيت المال ، ونصيبا في الفيء ، فأجاز له أن يأخذ الخمس لنفسه عوضا عن ذلك لا أنه أسقط الخمس عن المعدن ، انتهى ".
الشيخ : الظاهر أن الصواب مع ابن حجر في هذه المسألة ، ما دام قيده أنه إذا كان محتاجا فله أن يأخذ ، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع كفارة الجماع في رمضان إلى المجامع لأنه فقير. انتهى؟
القارئ : بقي الحكمة .
الشيخ : ها ؟
القارئ : بقي الحكمة في كون الخمس إذا قلنا أنه زكاة .
الشيخ : طيب .
القارئ : يقول : " وقد نقل الطحاوي المسألة التي ذكرها ابن بطال ، ونقل أيضا أنه لو وجد في داره معدنا فليس عليه شيء ، وبهذا يتجه اعتراض البخاري ، والفرق بين المعدن والركاز في الوجوب وعدمه أن المعدن يحتاج إلى عمل ومؤونة ومعالجة لاستخراجه بخلاف الركاز ، وقد جرت عادة الشرع أن ما غلظت مؤونته خفف عنه في قدر الزكاة ، وما خفت زيد فيه.
وقيل : إنما جعل في الركاز الخمس ، لأنه مال كافر فنزل من وجده منزلة الغنائم فكان له أربعة أخماسه .
وقال الزين ابن المنير : كأن الركاز مأخوذ من أركزته في الارض إذا غرزته فيها ، وأما المعدن فإنه ينبت في الأرض بغير وضع واضع ، هذه حقيقتهما ، فإذا افترقا في أصلهما فكذلك في حكمهما ".