فوائد حديث وسم إبل الصدقة . حفظ
الشيخ : ففي هذا الحديث فوائد، منها :
استحباب تحنيك المولود ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يحنك المواليد لأصحابه نعم لأصحابه ، وما فعله فهو سنة.
والحكمة من ذلك : أن يكون أول ما يصل إلى معدة المولود هو التمر ، والتمر مفيد للنفساء ، ومفيد للصبي أول ما يصل إلى معدته .
ومفيد للصائم أول ما يصل الى معدته بعد الجوع والعطش ، والنخلة شجرة مباركة طيبة ، فهل يقال : إن الغرض من التحنيك هو هذا ؟ أي إيصال التمر إلى معدة الصبي .
أو إن المراد بالتحنيك التبرك بريق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟
هذا محل خلاف بين العلماء، فمن قال : إن التحنيك فائدته وصول التمر أو طعمه إلى المعدة قال : هذا مشروع لكل أحد .
ومن قال : إن الحكمة منه التبرك بريق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو خاص به ، والأظهر العموم ، ولكن يجب أن لا يحنك الطفل من في فمه مرض ، أو في جسمه مرض ، لأن العدوى قد تنتقل بواسطة الريق إلى هذا الطفل ، والطفل جسمه لا يتحمل أن يمنع هذا المرض والأخ يحيى تعرف التحنيك كيف ؟
السائل : ... ؟
الشيخ : يمضغها ؟
السائل : ... ؟
الشيخ : تمام ، صحيح.
طيب ، هذا ولد عبد الله بن أبي طلحة جعل الله فيه بركة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بالبركة ، وسببه أن أبا طلحة دخل على زوجته وعندها طفل مريض فسأل عنه ، لما دخل على زوجته وإذا قد تجملت وتهيأت له، على خلاف العادة سألها : ما حال الطفل ؟
قالت : هو بخير ، هو بخير ، وهو ميت ، فلما رآها متجملة ، وتقول : الولد بخير، أتاها ، فلما أصبحوا غدوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،فأخبروه الخبر، فدعا لهما بالبركة ، قال : ( بارك الله لكما في ليلتكما ) فكان بهذا الولد عبد الله عشرة ،كلهم يحفظون القرآن، وحفظ القرآن في الصحابة ما هو هين ، يقول عبد الله بن عمر : ( إن الرجل اذا حفظ البقرة وآل عمران جدّ فينا
)
أي صار ذا حظ .
فالمهم أنّ في هذا الحديث استحباب التحنيك ، تحنيك المولود أوّل ما يولد .
فإن قال قائل: كيف يجوز أن نعذب بالنار وقد نهي عن التعذيب بالنار ؟
فالجواب : أن المصلحة من ذلك أكثر من تألم الحيوان بهذا الوسم ، المصلحة ما هي ؟
حفظها علامة ، هذه البعير التي وسمت بهذا الوسم لو ذهبت وشردت ووجدت عرف أنها للصدقة ، فهذه المصلحة أكثر من مفسدة تألمها بالنار ، ولهذا في سوق الهدي يشرع إشعار الإبل والبقر ، إشعارهما يعني أن يشق جانب السنام حتى يسيل منه الدم وهذا مؤلم ، لكن له فائدة ، والفائدة أنّ من رأى هذا، هذه البهيمة البعير أو البقرة عرف أنها هدي فاحترمها ، وإذا كان فقيرا تابعها حتى تذبح ويأتيه منها .
طيب هل يؤخذ من هذا جواز يعني الكي بالنار أو ما أشبه ذلك للمصلحة؟
الجواب : نعم ، ولا بأس به .
كذلك أيضاً لو أنه عذّب بالنار ما يُسن أن يُعدم ، لكن ليس له طريق إلا النار، فهل يفعل أو لا ؟
الجواب : نعم يفعل ، لأنه لو دخلت حية في جحر في البر ، ولم يتوصل إلى قتلها إلا بالنار فلا بأس ، وذلك لأن ما يشرع إتلافه يتلف بأي وسيلة.
طيب ، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر أن يحرّق نخل بني النضير، والنخل عادة لا يخلو من وجود شيء فيه ، إما حشرات ، وإما طيور ، أو غير ذلك ، لكن لا طريق إلى تحريق النخل إلى إتلاف النخل إلا بهذا ، فتنبه لهذا ، لا تظن أن استعمال النار في كل شيء محرم .
نعم ، لو أن شيئا ممكن أن نعاقبه بغير النار ويحصل المقصود، ويمكن أن نعاقبه بالنار، فهنا نقول : لا نعدل إلى النار ، لا نعدل إلى النار ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن ذلك .