فوائد حديث : ( ألم تري أن قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم ... ) حفظ
الشيخ : هذا واضح أن قريشا لما أرادوا بناء الكعبة قصرت بهم النفقة لم يستطيعوا أن يبنوها كاملة على قواعد إبراهيم فرأوا أن يخرجوا بعضها وحجّروه من أجل أن يتم الطواف على الكعبة في الأصل وتركوا الجانب اليمين لأن فيه الحجر ، تركوا هذا الجانب لأن فيه الحجر فصار حد الكعبة في قواعد إبراهيم من جهة اليمن هو حدها الآن ، من جهة الشام حدها دون الحجر ، والحجر قيل إنه كله من الكعبة وقيل إن أكثره من الكعبة وهو المشهور عند العلماء أن أكثره من الكعبة نحو ستة أذرع أو نحو هذا ، ويقول عائشة رضي الله عنها عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم أن يردها على قواعد إبراهيم ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر مانعا وهو خوف الفتنة لأن قومها أي قريشاً كانوا حديثي عهد بكفر فلو هدمها ثم أعادها على قواعد إبراهيم وهي من بنائهم حصل بذلك فتنة ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح إذا لم تتعين المصالح وهنا ليست متعينة لأنهم والحمد لله جعلوا هذا الحجر وفي الحديث دليل على ترك الأفضل إلى المفضول خوفاً من المفسدة وهذه قاعدة عظيمة قعدها النبي صلى الله عليه وسلم وهي مأخوذة من قوله تعالى : (( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم )) فنهى عن سب ألهتهم مع أنها جديرة بالسب خوفا من أن يسبوا من هو منزه عن السب وهو الله عز وجل ، وفي هذا دليل على إضافة الشيء إلى سببه دون ذكر الله عز وجل ( لولا حدثان قومك ) ولم يقل لولا الله ثم وهذا نسبة صحيحة إذا نسب الإنسان الشيء إلى سببه الصحيح دون ذكر الله عز وجل فهو حق وصحيح وجائز وها هو النبي صلى الله عليه وسلم قال في عمه أبي طالب : ( لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار ) مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم سبب وليس هو المنجي له أن يكون في الدرك الأسفل وفيه هذا دليل على كذب ما اشتهر عند العوام أن هذا الحجر حجر إسماعيل ، اسماعيل ما يدري عنه اسماعيل بنى الكعبة على القواعد الأصلية وهذا مما أخرجه قريش حتى غالى بعضهم وقال إن إسماعيل دفن تحت الميزاب يعني أن قبره في هذا الحجر وهذا أكذب وأكذب وأشد خطراً على الأمة لأن العوام إذا اعتقدوا هذ وصاروا يصلون في هذا المكان اعتقدوا أنهم يصلون على القبر وهذا خطير ، ولذلك يجب على طلبة العلم أن يبينوا للناس مثل هذه الأشياء حتى لو قال لك يا فلان أنا والله طفت من دون حجر إسماعيل قل له تعال اصبر خلني أصحح كلامك أولاً ثم أجيبك ثانياً والتصحيح قبل الجواب هو دأب الرسل عليهم الصلاة والسلام ، يوسف لما سأله الرجلان عن الرؤيا التي رأها كل واحد منهما ذكر التوحيد قبل أن يجيبهما ذكر التوحيد دعاهما إلى التوحيد قبل أن يجيبهما وهذه مسأله هامة أيضاً أنه إذا جاء إنسان يسألك فاعلم أنه جاء مفتقراً إليك سيقبل ما تريد فأبدأه أولا بنصيحة إذا كان متلبساً بشيء يجب إنكاره لأنه محتاج الآن وقابل للموعظة وفي هذا صحة استنباط عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حيث قال ما أرى ترك استلام الركنين الشامي والغربي إلا لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم وهذا إستنتاج صحيح ، نعم يا أحمد