فوائد حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقدم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل . حفظ
الشيخ : وفي هذا الحديث دليل واضح على أن من جاز له أن يتقدم من مزدلفة إلى منى ، فإنه يرمي متى وصل حتى لو وصل قبل الفجر بساعة ولهذا قال في هذا الحديث ، إرجعوا إليه : فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر ومنهم من يقدم بعد ذلك ، لصلاة الفجر : يعني وقت صلاة الفجر فإذا وصولوا رموا ، وأما قول بعض العلماء إنهم إذا وصولوا لا يرمون حتى تطلع الشمس فضعيف ، وحديث ( ... لا ترموا حتى تطلع الشمس ) ضعيف ، والصواب : أن من وصل إلى منى ممن يرخص له أن يتقدم فإنه يرمي متى وصل وإلا ما الفائدة من تقدمه ؟ قليلة الفائدة ، وأيضا رمي جمرة العقبة تحية منى ولهذا رماها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على بعيره قبل أن يذهب إلى رحله ، وفي قوله ابن عمر رضي الله عنهما : ( أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) دليل على أن هذا مرفوع ، أن يقدم الضعفة من الأهل بالليل ، في الوقت الحاضر الواقع تكاد تقول كل الناس ضعفة لأنه يحصل من المشقة الشديدة ما لا يحصل في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من وجوه : الأول : كثرة الحجاج ، والثاني : غشم الحجاج وعنفهم ، والثالث : اختلاف اللغات ، لأنك لو زحمك أحد ليس على لغتك ثم صرخت تقول : انقذني انقذني يظن أنك تسبه ما يعرف لغتك فيظن أنك تسبه يرصك زيادة وأنت تستنقذ به ، في عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كلهم عرب يفهمون ، وأيضا كانوا يعتقدون أنهم يرمون الشياطين ويقول أحدهم : رميت الشيطان الكبير ، والثاني يقول : رميت الصغير ، والثالث يقول : رميت الأوسط ، ويحكى أن بدويا أخذ واحد وعشرين حصاة يوم الحادي عشر ، ورماها جميعا بيد واحدا على جمرة العقبة ، وقال له : خذ تقاسم أنت وعيالك ، إلى هذا الحد ؟! يعني جهل عظيم ، فإذا كان يعتقد إنه يرمي الشيطان فسيكون معه عنف شديد ، ونسمع أن بعضهم والعياذ بالله إذا أقبل على الجمرة يشتم ويلعن ، ويقول : أنت الذي فرقت بيني وبين زوجتي ، أنت الذي نكدت علي حياتي ثم يضرب وكما تشاهدون يضربون بالنعال والحجر الكبير والشماسي هذا عجيب ، وشاهدت بعيني قبل أن تبنى الجسور هذه شاهدت رجلا وامرأة ما أدري أهي زوجته أو غير زوجته راكبين على الحصى في جمرة العقبة والناس يرمون ويضربون الرجل والمرأة وهما معهما جزمتان يضربون العامود ، هم يضربون العامود والناس يضربوهم بالحصى ، وكأنهم يقولون : هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت ، صابرين على الحصى أتعجب ، فلهذه الأسباب نرى أن الناس الآن معذورون إذا انصرفوا قبل الفجر ، أما من كان ضعيفا فهذه هي السنة وأما من لم يكن ضعيفا فهو تابع لضعيف أو هو نفسه يرى أنه إذا ذهب قبل الوقت ورمى بطمأنينة وتكبير وتعظيم للشعائر أحسن من كونه يدخل غمار الزحام ، لا يدري أيخرج أو يموت .