فوائد الحديث مع الشرح . حفظ
الشيخ : اللهم صلي وسلم عليه، هذا الحديث أو هذا السياق من أبسط ما أو من أوسع ما ساقه فيه البخاري رحمه الله وفيه فوائد كثيرة جدا منها جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يُنكر على هذه المرأة ولم يقل لها أما تستحيين على نفسك تأتين إلي في مجلس الناس وتعرضين نفسك عليّ.
ومنها أيضا جواز هبة المرأة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلّم ولا يُقاس عليه غيره لامتناع القياس لأن هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلّم كما قال الله تعالى: (( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَحلَلنا لَكَ أَزواجَكَ اللّاتي ءاتَيتَ أُجورَهُنَّ وَما مَلَكَت يَمينُكَ مِمّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللّاتي هاجَرنَ مَعَكَ وَامرَأَةً مُؤمِنَةً إِن وَهَبَت نَفسَها لِلنَّبِيِّ إِن أَرادَ النَّبِيُّ أَن يَستَنكِحَها خالِصَةً لَكَ مِن دونِ المُؤمِنينَ )) وهنا قال (( إِن وَهَبَت نَفسَها لِلنَّبِيِّ )) ولم يقل إن وهبت نفسها لك لأعادة وصف النبوة المقتضي للخصوصية وإلا لكان مقتضى السياق أن يقول.
الطالب : ... .
الشيخ : نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : إن وهبت نفسها لك لكن قال للنبي لبيان مقتضى أو مقتضي الخصوصية وهو النبوة وهذا لا يتأتى لأحد بعد الرسول صلى الله عليه وسلّم.
ومنها جواز نظر الخاطب إلى مخطوبته لأن النبي صلى الله عليه وسلّم صعّد فيها النظر وصوّبه يعني رفع ونزّل يعني رأى أعلى بدنها وأسفل بدنها، رأى رأسها مثلا ورأى قدميها وما بين ذلك من جسمها.
وفيه أيضا على أن النظر لا يختص بالوجه فقط بل بالوجه والشعر والرأس واليدين والرجل والساق والذراع وما أشبه ذلك مما يقتضي الرغبة في المرأة أو الرغبة عن المرأة.
ومنها أيضا من فوائد هذا الحديث أنه، نعم، حسن خلق الرسول عليه الصلاة والسلام حيث لم يقل ليس لي بك حاجة وإنما طأطأ رأسه نزّل رأسه وسكت وهذا من كرمه عليه الصلاة والسلام أنه لا يردع الإنسان بما يكره.
ومنها أيضا حسن أدب الصحابة رضي الله عنهم وأنهم على أعلى ما يكون من الأدب والخلق لقوله، لقول الرجل: ( يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها ) ولم يقل زوّجنيها على طول مع أن ظاهر الحال أن الرسول صلى الله عليه وسلّم.
الطالب : لا ... .
الشيخ : لا يريدها لكن يحتمل أن الرسول عليه الصلاة والسلام طأطأ رأسه ليفكّر في الأمر هل يقبل أو لا يقبل ولهذا قال: ( إن لم يكن لك بها حاجة ) وهذا الأدب من هذا الرجل نظير الأدب من ذي اليدين حيث سلّم النبي صلى الله عليه وسلّم من الركعتين فقال: ( يا رسول الله ) إيش؟ ( أنسيت أم قُصِرت الصلاة؟ ) ولم يجزم بأحدهما للاحتمال وهذا يدل على أن الصحابة ليسوا كما يزعمه أهل الكبرياء والغطرسة والإعجاب والفخر إنهم قوم بدو لا يعرفون ولا يفهمون وأن التقدّم والرقي كان بعد ذلك فقد كذب والله هذا الذي قالها وأساء إلى نفسه في الواقع لأن هذا يُنبئ عن مدى عقلية هذا الرجل وأنه جاهل وأحمق فالصحابة لا شك أنهم أكمل الناس أدبا ولا يوجد لهم نظير في الأدب والأخلاق.
ومنها أن الرسول صلى الله عليه وسلّم أوْلى الأولياء في التزويج لأن الرجل قال زوّجنيها والرسول صلى الله عليه وسلّم زوّجه إياها ولكن مع ذلك ليس يغمط الناس حقوقهم عليه الصلاة والسلام إذا كان الأولياء حاضرين ما يتقدّم ويزوج فكل إنسان يُزوّج موليته لكن الرسول له أن يُزوّج مع وجود الأولياء ولهذا لم يسأل هل لها ولي أو ليس لها ولي؟ كما أنه يحِل له هو أن يتزوّج بدون ولي وهذا من خصائص الرسول عليه الصلاة والسلام أن له أن يتزوّج بدون ولي والله تعالى قد خصّه فيما يتعلّق بالنكاح بخصائص كثيرة ليست لغيره.
ومنها أن النكاح لابد فيه من مهر وإن قَلّ، ويش الدليل؟
الطالب : ... .
الشيخ : لأن الرسول سأل هل عنده شيء ليُصدقها؟ وإذا تزوّج الإنسان المرأة على أن لا مهر عليه فهل يبطل الشرط أو العقد؟
الطالب : الشرط.
الشيخ : أه؟
الطالب : ... .
الشيخ : قال الفقهاء يبطل الشرط ويصح العقد وقال شيخ الإسلام ابن تيمية يفسد العقد لأن من شرط الحل المال قال الله تعالى: (( وَأُحِلَّ لَكُم ما وَراءَ ذلِكُم أَن تَبتَغوا بِأَموالِكُم )) طيب وإذا تزوّج امرأة وسكت ما ذُكِر العقد لا نفيا ولا إثباتا فهل يصح العقد؟
الطالب : ... .
الشيخ : يصح ولها مهر المثل لقوله تعالى: (( لا جُناحَ عَلَيكُم إِن طَلَّقتُمُ النِّساءَ ما لَم تَمَسّوهُنَّ أَو تَفرِضوا لَهُنَّ فَريضَةً )) أي نعم فالأحوال إذًا ثلاثة أن يُذكر المهر، أن يُشترط نفيه، أن يُسكت عنه، إذا ذُكِر، أه؟
الطالب : فواضح.
الشيخ : فواضح أن النكاح صحيح وهو أوْلى، إذا سكت عنه فالنكاح صحيح ولها مهر المثل، إذا شرط نفيه ففيه خلاف بين العلماء منهم من قال إن الشرط باطل والعقد صحيح ومنهم من قال إن العقد باطل وهذا أقرب لأن الله اشترط للحل أن نبتغي بأموالنا فقال: (( أَن تَبتَغوا بِأَموالِكُم )) .
ومنها أيضا، من فوائد الحديث حال الصحابة رضي الله عنهم وما هم عليه من الفقر وشظف العيش ومع ذلك هم صابرون محتسبون، هذا الرجل ما يملك إلا إزارا فقط، ما عنده إلا الإزار لأنه ذهب يدوّر في بيت أهله لم يجد شيئا ولا خاتما من حديد بل الظاهر ولا نعلا، ليس عليه إلا لإزار فقال: " هذا إزاري لها نصفه " ولكن هذا لا يُمكن لأن هل تستفيد من هذا الإزار؟ أه؟ من نصفه؟ لا تستفيد لأن إن أعطاها الإزار، أه؟
الطالب : ... .
الشيخ : بقي ولا إزار له وإن لم يُعطها فأين المهر؟ ما أعطاها شيئا.
ومنها أنه لا ينبغي للإنسان أن يستقرض ليتزوّج.
الطالب : ... .
الشيخ : أه؟ لأن الرسول ما أرشده إلى ذلك ولا قال استقرض بل منعه من الزواج حتى يجد المهر، إذا كان لا يستقرض للزواج فهل يستقرض للسيارة؟ أه؟ لا، ما يستقرض للسيارة لأن الزواج أشدّ ضرورة من السيارة، طيب، هل يستقرض لاستبدال موديل سبع وثمانين بثمان وثمانين؟
الطالب : ... .
الشيخ : أه؟ ... والله هذه لها سنة أبأخذ الأجدد وذهب يبيعها بنصف قيمتها ويروح يشتري جديدة، ويش تقولون في هذا؟ لا يفعل؟
الطالب : سفيه.
الشيخ : أي نعم، هذا سفيه، هذا في الواقع سفيه، أي نعم، طيب، هل يستقرض ليبني بيتا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : لا.
الطالب : حاجة.
الشيخ : ما هو حاجة، يستأجر لأن البيت بيعمر مثلا بثلاثمائة ألف والأجرة بثلاثة ءالاف ويمكن يرزقه الله ثلاثة ءالاف وهذا ثلاثمائة كم من سنة يستأجر؟
الطالب : مائة.
الشيخ : أه؟
الطالب : مائة سنة.
الشيخ : مائة سنة، في خلال مائة سنة بيجيب الله، يغيّر الله الحال يُمكن ترخص البيوت، نعم، أو يموت وهو الأقرب لأن أعمار هذه الأمة ما بين الستين إلى السبعين غالبا، طيب، إذًا نقول لا تستقرض لكن يُستثنى من ذلك إذا كانت الدولة جزاها الله خيرا هي التي تبذل القرض للناس، تُعطيهم، فالظاهر أن هذا لا بأس به لأن هذا حق يُعتبر من الدولة لست أنت الذي تذهب تسأله ثم إن الدولة في الواقع مستوثِقة بماذا؟ بماذا هي مستوثقة؟
الطالب : ... .
الشيخ : برهن البيت، البيت مرهون لها، طيب.
الطالب : ... .
الشيخ : من فوائد الحديث أيضا بيان أن، نعم، بيان أن الإنسان ينبغي أن ينظر إلى الأمور بواقع العقل المعقول لا بواقع الخيال، وجهه؟
الطالب : ... .
الشيخ : أنه لما قال إزاري هذا يعني كوْنه يخلّيه مهرا لها هذا نسميه من باب الخيال فالواقع إنه ما يمكن أن يكون مهرا ولهذا بيّن له الرسول عليه الصلاة والسلام إن هذا لا يمكن أن يكون مهرا لأنها لن تنتفع به إن بقي عليها ولن تنتفع به أنت إن أعطيتها إياه، نعم.
ومن فوائد الحديث أيضا جواز جعل القرءان مهرا، أه؟ لقوله: ( ماذا معك من القرءان؟ ) طيب.
ومنها الاستيثاق في العقد لقوله: ( تقرأهن عن ظهر قلب ) لأنه إذا كان يقرؤهن عن ظهر قلب صار تعليمه المرأة إيش؟
الطالب : ... .
الشيخ : أهْون وأيسر بخلاف ما إذا كان لا يحفظهن عن ظهر قلب ولاسيما في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم كما سمعتم فيما سبق أن القرءان مجموع بماذا؟ أه؟
الطالب : ... .
الشيخ : باللخاف والعسب والأوراق والجلود الرقاع وما أشبه ذلك، ففيه صعوبة لكن إذا كان حافظا يا بخاري يكون هذا، أه؟
الطالب : ... .
الشيخ : كلش من باب أوْلى؟ يكون هذا أهْون، أهون في تعليم المرأة، طيب.
ومن فوائد الحديث جواز عقد النكاح بغير لفظ التزويج، أه؟ قال: ( فقد ملكتكها بما معك من القرءان ) ، نعم، وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم، منهم من يقول إن عقد النكاح يُشترط أن يكون بلفظ التزويج أو الإنكاح بأن يقول زوّجتك أو أنكحتك فإن قال جوّزتِك فالنكاح لا يصح ومن باب أوْلى إذا قال: وهبتك بنتي أو ملّكتك بنتي أو ما أشبه ذلك فإنه لا يصح لماذا؟ قالوا لأنهما اللفظان اللذان ورد بهما القرءان (( فَانكِحوا ما طابَ لَكُم مِنَ النِّساءِ )) (( إِلّا عَلى أَزواجِهِم أَو ما مَلَكَت أَيمانُهُم )) ، نعم، فلما كان هما اللفظان اللذان وردا بهما القرءان كان ذكرهما شرطا في العقد ولا شك أن هذه العلّة عليلة وأن هذا الاستدلال ليس بصواب لأننا نقول إذًا لا تُصحّحوا عقد البيع إلا بلفظ البيع لأنه اللفظ الذي ورد به القرءان ومع ذلك تقولون إن البيع يصح بكل لفظ يدل عليه بل تقولون إن البيع يصح بالمعاطاة بدون لفظ، أليس كذلك؟ طيب، إذًا ما الفرق؟ والصحيح بلا شك أن النكاح كغيره ينعقد بما دل عليه فكل لفظ يدل على التزويج فالنكاح ينعقد به، إذا قال ملّكتك بنتي، وهبتك بنتي، فقال قبلت صار إيش؟ صار عقدا، عقدا صحيحا لا إشكال فيه تثبت به جميع أحكام النكاح فإن قلت ورد الحديث بلفظ ( زوّجتكها ) ورد بلفظ ( زوّجتكها ) فأحد اللفظين خطأ بلا شك والأوْلى بالخطأ ( ملّكتكها ) لأن زوّجتكها هو اللفظ الذي يُوافق ما جاء في القرءان فيكون هو الأصح لأن القصة لم تقع مرتين ما وقعت إلا مرة واحدة والنبي عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن يقول زوّجتكها ويقول أيضا ملّكتكها، لابد أنه قال أحد اللفظين فإذا دار الأمر بين هذا وهذا فالمرجّح إيه؟
الطالب : ... .
الشيخ : زوّجتكها وحينئذ يسقط الاستدلال بهذا الحديث فما هو الجواب؟ نعم.
الطالب : نقول من شرط إبطال الكلمة بأخرى أن يكون هناك، ألا يكون كفارق بين الكلمتين ..
الشيخ : ألا يكون؟
الطالب : ألا يكون كفارق في الحكم.
الشيخ : إيه.
الطالب : وإلا ما يصح الإبدال من الراوي.
الشيخ : نقول نعم كوْن الرواة وهم ثقات يقولون ملّكتكها ويقولون زوّجتكها يدل على أن اللفظين عندهما بمعنى واحد وإلا ما صح أن يقولوا ملّكتكها بدل زوّجتكها إذ أنهم حينئذ يروون الحديث بغير معناه وهذا طعن في الرواة فلا يمكن أن يرووا الحديث إلا بمعناه وحينئذ يكون ملّكتكها وزوّجتكها بمعنى واحد فإذا انعقد النكاح بزوّجتكها انعقد بإيش؟
الطالب : ... .
الشيخ : بملّكتكها، طيب، إذًا القول الراجح هو ما أشرنا إليه وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه والله وقال إن جميع العقود، كل العقود تنعقد بما عدّه الناس عقدا والمرجع في ذلك إلى العرف لأن الشارع لم يتعبّدنا بألفاظ العقود بخلاف ألفاظ الأذكار والأشياء التي يتعبّد بلفظها فهذه لا تُغيّر، نعم.
الطالب : شيخ ... .
الشيخ : نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : نعم. طيب فيه أيضا دليل على جواز جعل القرءان مهرا، جواز التعليم، أه؟
الطالب : ... .
الشيخ : ذكرناها؟ طيب، وذكرناها أظن أمس.
الطالب : ... .
الشيخ : اليوم بعد؟ إيه نسيت، طيب.
فيه دليل على أنه يجوز جعل القرءان مهرا وليس القرءان بل التعبير الدقيق أن نقول.
الطالب : ... .
الشيخ : جواز أن يكون تعليم القرءان مهرا فإن قلت هذا على سبيل العدم إذا لم يجِد غيره فالجواب أن ما لا يصح أن يكون عِوضا لم يصح لا في حال العدم ولا في حال الوجود، أرأيت لو جعلت الخمر مهرا، هل يصح؟
الطالب : ... .
الشيخ : لا يصح مطلقا فكذلك تعليم القرءان ثم إن تعليم القرءان قد ورد له نظير صح جعله مهرا وذلك في قصة زواج موسى عليه الصلاة والسلام فإن موسى تزوّج إحدى ابنتي الرجل صاحب مدين بأي شيء؟ بأن يرعى الغنم.
الطالب : عشر.
الشيخ : ثمان سنة فإن أتم عشرا.
الطالب : ... .
الشيخ : فمن عنده وهذا عمل لكن اختلف العلماء هل يصح أن يكون المهر عملا للزوجة؟ كأن يقول المهر أن أخدمك عشر سنوات، أخدمك أنت، هل يصح هذا أم لا؟
الطالب : من باب أوْلى.
الشيخ : ما هو من باب أوْلى.
الطالب : ... .
الشيخ : بعض العلماء يقول يجوز وبعضهم يقول ما يجوز قال للتضاد هذا تضاد لأنه هو مالكها وهي مالكته فإذا قال مثلا قومي اطبخي العشاء تقول له.
الطالب : ... .
الشيخ : كمان تطبخوا، أنت خادمي، نعم، إذا قال اكنسي البيت تقول أنت اكنسه وتستطيع إنها تستعمله بكل عمل.