شرح قول المؤلف : وما لا يجوز من إقرار الموسوس وقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي أقر على نفسه ( أبك جنون ) وقال علي بقر حمزة خواصر شارفي فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة فإذا حمزة قد ثمل محمرة عيناه ثم قال حمزة هل أنتم إلا عبيد لأبي فعرف النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد ثمل فخرج وخرجنا معه وقال عثمان ليس لمجنون ولا لسكران طلاق وقال بن عباس طلاق السكران والمستكره ليس بجائز . وقال عقبة بن عامر لا يجوز طلاق الموسوس وقال عطاء إذا بدا بالطلاق فله شرطه حفظ
الشيخ : وما لا يجوز من إقرار الموسوس ، هذه أيضا مهمة جدا ، اقرار الموسوس الذي ابتلي بالوسواس ، هذا لا يؤاخذ به ، سواء كان إقرارا أو إنشاء لا يؤاخذ به ، الموسوس الذي لا يملك ضبط نفسه بالتفكير لا يملك ضبط نفسه ، كل شيء يفكر فيه يظنه حقيقة ، هذا لا عبرة بوسواسه أبداً ، حتى لو نطق بذلك ، لأنه في الحقيقة مغلق عليه ، ولهذا لو جاءنا شخص موسوس يقول : أنا طلقت زوجتي ، نقول : ما عليك طلاق أبداً ، ونكتب له ورقة بذلك ولا لأ ؟ نعم ، نكتب له لكن نقيده ، نقول : ما دمت على هذه الحال ، فإن عافاه الله من الوسواس هو كغيره ، لكن ما دام على هذه الحال لا يقع له طلاق أبدا ، لأن هذا المسكين المبتلى يتخيل أن كل فعل فهو طلاق ، يقول مثلا ، كما يحكى لنا عند الاستفتاء ، يقول : إذا فتشت الكتاب أخاف إني طلقت زوجتي ، إذا أكلت أخاف إني طلقت زوجتي ، إذا كلمت فلان أخاف إني طلقت زوجتي ، ثم يأتي يستفتي ، هذا لو أننا قلنا بأن زوجته تطلق كلما قال شيء من هذه الوساوس ، لكانت تطلق باليوم والليلة ألف مرة ، هذا نقول لا يقع عليه الطلاق إطلاقا ، لأنه مغلق عليه والإنسان الموسوس ، نسأل الله أن يعافينا وإياكم من الوسواس ، ما يملك نفسه ، تجده تحت ـ البزوز ـ الماء يغسل يده ولا رجله يفركها ، ويعرف أن الماء أحاط بها إحاطة تامة ، ثم يقول : إلى الآن ما توضأت ، إلى الآن ما توضأت، الله لا يبلينا ولا إياكم ، فهو في الحقيقة مغلق عليه ، يعني فاقد للإرادة الحقيقية بالكلية ، ثم الوسواس أيضا يكون عاما ويكون خاصا، يكون عاما في جميع تصرفاته في وضوئه وصلاته وصيامه و صدقته وطلاقه وغير ذلك . ويكون خاصا في بعض الشؤون ، وأكثر ما يكون في الماء والطلاق ، أو في الطهارة والطلاق ، في المبدوء بالطاء ، هذا كثير من الناس يعني إلى حد أن بعض الناس يبقى ، اللهم لك الحمد ، يبقى في وضوئه أكثر من ساعة ونصف ، أحيانا يعني يخرج الوقت ما توضأ ، يمكن يبقى ساعتين ثلاث ما توضأ ، مع أنه متوضئ في أول مرة ، لكن يقول له الشيطان ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، يقول : إنك لم تغسل اليد ، إن الماء لم يصبها ، وما أشبه ذلك ، فرجل هذه حاله ، أفلا يمكن أن نقول وبكل طمأنينة أن هذا مغلق عليه ؟ لا شك في هذا ، مغلق عليه فلا يعتبر له قول في طلاق أو غيره ما دام صادرا عن وسواس ، يقول : وقال النبي صلّى الله عليه وسلم للذي أقر على نفسه : ( أبك جنون ) ؟ وهذا يدل على أن قول المجنون لا عبرة به ، وقال علي : بقر حمزة خواصر شارفيّ ، فطفق النبي صلّى الله عليه وسلم يلوم حمزة ، فإذا حمزة قد ثمل محمرة عيناه ، ثم قال حمزة : هل أنتم إلا عبيد لأبي ، لأنه كان سكران ، ولم يؤاخذه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله ، فعرف النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قد ثمل فخرج وخرجنا معه ، وقال عثمان : " ليس لمجنون ولا لسكران طلاق " ، فقرن بينهما والقرن بينهما في الحكم دليل على تساويهما في ماذا ؟ في العلة .
وقال ابن عباس : " طلاق السكران والمستكره ليس بجائز "، أي ليس بنافذ وواقع .
وقال عقبة بن عامر : " لا يجوز طلاق الموسوس " ، نعم ، لا يجوز طلاق الموسوس لا إنشاءً ولا إخبارا ، لا إنشاءً بقوله : أنت طالق ، ولا إخبارا بأن يُقر عند القاضي بأنه مطلق ، فإنه لا يعتبر ، لأنه مغلوب على أمره .
وقال عطاء : " إذا بدأ بالطلاق فله شرطه "، إذا بدأ بالطلاق فله شرطه ، كيف هذا؟ يعني إذا طلق طلاقا معلقا بشرط فبدأ بالطلاق فله شرطه ، مثل يقول : زوجتي طالق إذا غربت الشمس ، فبدأ بالطلاق قبل الشرط ، فلا تطلق حتى تغرب الشمس ، لأن بعض العلماء رحمهم الله قال : إذا بدأ بالطلاق لغى الشرط ، إذا بدأ بالطلاق فلغى الشرط ، فإذا قال : زوجتي طالق إذا غربت الشمس ، طلقت بقوله : زوجتي طالق ، ولغى قوله : إذا غربت الشمس ، وعلى هذا فإذا بدأ الشرط وقال : إذا غربت الشمس فزوجتي طالق ، فلا تطلق إلا إذا غربت الشمس قولا واحدا ، وإن من الخلاف فيما إذا تقدم الجواب ، فقال : زوجتي طالق إذا غربت الشمس ، والصحيح أنها لا تطلق كما قال . إذا بدأ بالطلاق فله شرطه .