شرح قول المؤلف : وقال بن عباس الطلاق عن وطر والعتاق ما أريد به وجه الله وقال الزهري إن قال ما أنت بامرأتي نيته وإن نوى طلاقا فهو ما نوى وقال علي ألم تعلم أن القلم رفع عن ثلاثة عن المجنون حتى يفيق وعن الصبي حتى يدرك وعن النائم حتى يستيقظ . حفظ
الشيخ : وقال ابن عباس : " الطلاق عن وطر "، وقال الزهري : إذا قال ، " إن قال : ما انت بامرأتي ، نيته " .
السائل : والعتاق ما أريد به وجه الله .
الشيخ : ما هي عندي ، وقال الزهري : " إن قال : ما أنتِ بامرأتي ، نيته ، وإن نوى طلاقا فهو على ما نوى "، طيب ، إذا قال : ما أنت بامرأتي ، طبعا فهذا نفي أن تكون امرأته ، لكن هل يقع الطلاق ؟ نقول : على حسب نيته أن نوى الطلاق فهو طلاق ، لأن اللفظ يحتمله ، وإن لم ينو فليس بطلاق ، لأنه قد يقول : ما أنت لي بإمرأة ، لأنك تعصينني مثلا ، ولا تقومين بواجبي ، فنفى أن تكون امرأة لانتفاء قيامها بواجب زوجها ، لذلك لا يقع الطلاق ، وقال علي : ألم تعلم أن القلم رفع عن ثلاثة : عن المجنون حتى يُفيق ، وعن الصبي حتى يدرك ، وعن النائم حتى يستيقظ ، الجواب : بلى ، رفع القلم عن هؤلاء : عن المجنون حتى يفيق ، ومنه طلاقه ، فلا يقع منه ، لكن عن الصبي حتى يدرك هذا محل نزاع في مسألة الطلاق ، فهل إذا طلق المميز يقع طلاقه أم لا ؟ المشهور من المذهب أنه يقع طلاقه وهو الصحيح ، لأن المميز له نية صحيحة ، وإدراك صحيح ، صحيح أنه لا يبلغ الإدراك حتى يبلغ ، ولكن حتى وإن بلغ لا يبلغ الإدراك الكامل إلا في تمام أربعين سنة ، (( حتى إذا بلغ أشده واستوى )) ، (( حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة )) ، فإذا جمعت بين الآيتين عرفت أن الاستواء هو بلوغ أربعين سنة ، لان (( حتى إذا بلغ أشده )) موجود في الآيتين ، في إحداهما (( واستوى )) ، وفي الثانية : (( وبلغ أربعين سنة )) ، إذن (( استوى )) تقابل : (( وبلغ أربعين سنة )) ، فلا يكون العقل كمالا تاما إلا ببلوغ أربعين سنة ، والإدراك الكامل هنا غير مشترط هنا بالاتفاق ، والصحيح أن المميز يقع طلاقه ، لعموم الأدلة الدالة على أن كل زوج يقع طلاقه ، (( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن )) .
يقول : وعن النائم حتى يستيقظ، النائم مرفوع عنه القلم حتى يستيقظ ، فلو سمعنا نائما يقول : إن زوجتي فلانة طالقلا ، إن زوجتي فلانة طالق ، إن زوجتي فلانة طالق ، ثم أصبح ، قلنا له : صح النوم ، لقد طلقت زوجتك ثلاثا بكلمات متعاقبة ، توكل على الله ، ماذا نقول ؟ ماذا يقول هو ؟
الطالب : ما طلقتها .
الشيخ : نعم يقول ما طلقت ، نعم ، رفع القلم عن ثلاثة ، طيب ، لو قال : نعم صحيح ، أنا طلقتها ، أنا أستحضر الآن أني في منامي قلت هذا الكلام ، أستحضره استحضارا مثل اليقظة ،
الطلبة : لا عبرة ?
الشيخ : لا عبرة بذلك ، أي نعم ، لا عبرة بذلك ، حتى لو استيقن هذا الشيء أنه قاله بمنامه فلا عبرة به ، لعموم الحديث : ( وعن النائم حتى يستيقظ ) ، ولهذا نسب الله تعالى تقلب أصحاب الكهف ، نسبه إلى فعله عز وجل ، فقال تعالى : (( ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال )) ، ولم يقل : يتقلبون ، لأنهم هم في الحقيقة نائمون ، كأنهم نائمون ، فالله تعالى هو الذي يقلبهم ، وهو نظير قوله صلّى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة : ( من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه ) . نعم يا عيد .
السائل : شيخ إذا قال رجل لامرأته : إذا حملت فأنت طالق ، ونقول : لم يجامعها في كل طهر إلا مرة ، يمكن أن تحيض وهي حامل ؟
الشيخ : صحيح .
السائل : كيف ؟
الشيخ : هذا خلاف الأصل ، هذا خلاف الأصل ، ولهذا أذن النبي صلّى الله عليه وسلم في السبايا إذا حضن مرة واحدة أن يوطأن ، لأنه يحتمل أنهن حوامل .