حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام حدثنا قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ) وقال قتادة إذا طلق في نفسه فليس بشيء حفظ
القارئ : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى : حدثنا مسلم بن ابراهيم حدثنا هشام قال : حدثنا قتادة عن زرارة بن أوفى .
الشيخ : ابن أبي ، ابن أوفى ؟
القارئ : أي نعم ، عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ) وقال قتادة : " إذا طلق في نفسه فليس بشيء ".
الشيخ : نعم ، هذا قاله تعليقا على هذا الحديث ، يعني إذا قال في نفسه ، دون أن ينطق به ، إن زوجته طالق ، فإنها لا تطلق ، هذا فضلا عن كونه يفكر في طلاقها ، فإنه إذا فكر في طلاقها لا تطلق بلا إشكال ، لكن إذا قال في نفسه إنها طالق فإنها لا تطلق ، وهو داخل في هذا الحديث ، ( ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ) ، فإن قال قائل : أليست النية عملا وإرادة وقصدا ؟
الجواب : نعم ، فالجواب : بلى ، هي عمل وقصد وإرادة لكن الطلاق لا يقع بالنية ، بل لا بد فيه من ، من لفظ ، من شرطه أن يكون ملفوظا به ، وهذا لم يلفظ به ، وهذا الذي قاله النبي صلّى الله عليه وسلم مفتاح فرج للأمة في كل ما يرد على قلوبها ، أو على نفسها من الوساوس والشبهات ، والشطحات التي ترد على القلب ، فإن القلب يرد عليه من الوساوس ولا سيما إذا استقام ما لا يمكن أن يتكلم به الإنسان ، لأن الشيطان كلما رأى القلب قد استقام تسلط عليه ب ... الشكوك والوساوس ، لعله يزيل ما فيه من الصراحة والإيمان الحقيقي الصحيح ، ولهذا كلما قوي الإنسان ، كلما قوي إيمان الإنسان واستقامته تسلط عليه الشيطان من هذه الناحية ، ليهدم ما في قلبه من صريح الإيمان ويفسده ، فهذا الحديث يريح الإنسان ، وقال : ما دام إن الله عز وجل لا يؤاخذك بما حدثت به نفسك من هذه الأمور ، فلا تهمنك ، ولا تركن إليها ، ولا تعبأ بها ، واطردها عن نفسك ، ولا تعتقد أن ما جرى من هذه الوساوس يكون عليك فيه إثم ، بل ذلك صريح الإيمان ، ولهذا لو سألنا هذا الرجل الذي وقع في قلبه مثل هذه الوساوس، هل تعتقد أن الله كما في نفسك من الوساوس ، لقال : هه لقال : نعم ولا لأ ؟ لقال : لأ ، بل أنا أفر من هذا فراري من الأسد ، بل لا أستطيع أن أنطق به ، فضلا عن أن أعترف به ، فنقول : إذن هو مجرد وساوس وخيالات يلقيها الشيطان في قلبك ، فلا تلتفت إليها ، وهذا الحديث يدل على أن الله سبحانه وتعالى بكرمه تجاوز عن هذه الأمة ما حدثت به نفسها ، وقوله صلّى الله عليه وسلم : ( عن أمتي ) ظاهره أن هذا خاص بهذه الأمة ، ولعله من الآصار والأغلال التي كتبت على من كانوا قبلنا ، وهذه الأمة وضع الله عنها من الآصار والأغلال ما كتب على من قبلها ، قال الله تبارك وتعالى : (( ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا )) وقال تعالى في وصف النبي صلّى الله عليه وسلم : (( ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم )) ، فهذه الأمة ، ولله الحمد ، وضع الله عنها، بمنه وكرمه ، من الآصار والأغلال ما كان مكتوبا على من قبلنا ، ووظيفتنا نحو هذه الخصيصة العظيمة ، والكرم من ذي الكرم ، أن نقوم بشكر الله عز وجل ، وأن نفرح بما أنعم الله به علينا من الإسلام الذي أدركنا به هذه الخصيصة التي لم تكن لمن سبقنا ، وفيه إثبات حديث النفس، وأن للنفس حديثا ، وأن الحديث لا يختص بحديث اللسان وإن كان الأصل أن الحديث عند الإطلاق ، إنما هو حديث اللسان ، لكنه قد يقيد فيقال : حديث النفس ، ويسمى ما يجو في النفس من الأفكار والوساوس يسمى حديثا ، طيب .