حدثنا أزهر بن جميل حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أتردين عليه حديقته ) قالت نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقبل الحديقة وطلقها تطليقةً ) قال أبو عبد الله لا يتابع فيه عن ابن عباس حفظ
القارئ : حدثنا أزهر بن جميل قال : حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال : حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس : ( أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلّى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ، ولكني أكره الكفر في الإسلام ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : إقبل الحديقة وطلقها تطليقة ) ، قال أبو عبد الله : لا يتابع فيه عن ابن عباس .
الشيخ : ثابت بن قيس الشماس رضي الله عنه أحد الذين شهد لهم النبي صلّى الله عليه وسلم بالجنة ، وكان خطيب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وكان الله تعالى قد أعطاه صوتا جميلا رفيعا ، وهو الذي احتبس في بيته لما نزلت قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون )) ، فاحتبس في بيته يبكي ، خاف أن يحبط عمله وهو لا يشعر ، ففقده النبي عليه السلام فسأل عنه ، فقالوا : يا رسول الله إنه منذ نزلت الآية وهو في بيته ، فأرسل إليه، فأخبره بالعذر ، فقال له : ( إرجع إليه فقل له : إنك تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة ) ، يا له من فضل ، فصار الأمر كذلك ، عاش حميدا ، وقتل شهيدا ، ونشهد أنه من أهل الجنة رضي الله عنه ، ومع هذا فإن امرأته كرهته كرها عظيما ، حتى قالت : إني لا أعتب عليه في خلق ولا دين، خلقه من أحسن الأخلاق ، ودينه من أقوم الأديان ، لكن أكره الكفر في الإسلام.
اختلف شراح الحديث في معنى أكره الكفر في الإسلام، فقيل : إن المعنى إنها تكره أن تكفر أي ترتد عن الإسلام ، من شدة كراهتها له ، تريد أن تتخلص منه حتى بالكفر ، وهي إذا ارتدت انفسخ نكاحها .
وقال بعضهم : بل إنها تريد الكفر في الإسلام يعني عدم القيام بواجبه ، وهو كفران العشير ، وهذا هو الأصح ، وهو المتعين ، ويدل له السياق ، لأنها قالت : أكره الكفر في الإسلام ، والردة ما فيها كفر في إسلام ، بل هي كفر من إسلام ، يعني بدلا عن إسلام ، فهي تكره الكفر وهي مسلمة ، وهذا ينطبق تماما على عدم القيام بحق الزوج ، يعني تقول : أنا ما أعتب عليه لكن أخشى إن بقيت عنده أن آثم ، لكوني لا أستطيع أن أقوم بواجب حق الزوجية ، فقال : ( أتردين حديقته ) ؟ قالت : نعم ، وهذا يدل على أنه يجوز الخلع من ولو كان من جانب واحد، يعني ولو كان خوف عدم القيام بحدود الله من جانب واحد ، لأن الذي خاف ألا يقيم حدود الله هنا من ؟ الزوجة دون الرجل ، فيكون قوله : (( إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله )) ، ليس المراد إلا أن يخافا بمجموعهما ، بل إلا أن يخاف أحدهما . نعم .
وفيه دليل على جواز رد المهر كله ، لقوله : ( أتردين عليه حديقته ) ؟ والظاهر أنه أصدقها الحديقة ، وفي قوله : ( إقبل الحديقة وطلقها تطليقة )، أمره أن يقبل وأن يطلق ، وهذا الأمر للإرشاد عند أكثر أهل العلم ، وقيل : بل الأمر للإلزام ، الأمر للإلزام ، وأن الرسول أمره أمر تكليف ، لا أمر إرشاد ، والفرق بينهما أن أمر الإرشاد ليس أمر تكليف ، ولكنه كالمشورة ، كالمشورة عليه ، ان شاء قبل وإن شاء لم يقبل ، وهناك فرق بين أمر المشورة وأمر التكليف ، ولهذا لما قالت بريرة أمرها النبي عليه السلام أن تبقى مع زوجها مغيث ، قالت : يا رسول الله أنت تأمرني بذلك فسمعا وطاعة ، وإن كنت تشير علي فلا رغبة لي فيه ، فقال : ( بل أشير عليك ) ، قالت : لا رغبة لي فيه ، وهذا دليل على أن أمر الإرشاد غير أمر التكليف ، فأكثر العلماء قالوا : إن الأمر هنا للإرشاد ، لأنه لا يلزم الزوج قبول الخلع ، فإن الخلع بيده ، وقيل : بل الامر أمر تكليف، إما على سبيل الوجوب وإما على سبيل الاستحباب ، والذي يظهر لي أن الأمر أمر تكليف ، أولا : لأن هذا هو الأصل في الأوامر ، لأنها أمر تكليف لا أمر ارشاد ومشورة ، ثانيا : إن الحال تقتضي ذلك ، هذه امرأة جاءت إلى الرسول فزعة تخشى الكفر في الإسلام ، وهي ستبذل له كل ما أعطاها ، فيكون هذا الأمر للتكليف ، إما إلزاما إن أمكن أن تطيق المرأة البقاء ، إما استحبابا إن أمكن للمرأة أن تقيم مع زوجها ، وإما وجوبا إذا لم يمكن أن تقيم مع زوجها على وجه تبرأ به الذمة ، وأن القاضي له أن يلزم الزوج بأن يطلق إذا علم بأن الحال لا تستقيم ، لأنه ما الفائدة في أن تبقى الزوجة والزوج دائما في شقاق ونزاع وخصومة وسب وشتم ، هذا يضيع حقهما وحق الله عز وجل ، حتى الإنسان إذا كان على هذه الحال عيشته ، فإنه لن يستطيع أن يؤدي العبادات على الوجه المطلوب ، يكون دائما في تشويش ، دائما في ضيق ، في حرج ، وربما لا يتحمل هذا الأمر ، ويتضرر بدنه . فالصواب أن الأمر هنا أمر تكليف ، إما وجوبا ، وإما استحبابا على حسب ما تقتضيه الحال ، وقوله صلّى الله عليه وسلم : ( طلقها تطليقة ) ظاهره أن هذا طلاق لقوله : ( طلقها تطليقة ) ، فأمره بالطلاق ، والأصل أن اللفظ مطابق لإيش ؟ للمراد ، الذي هو المعنى ، وهذا يدل على أن الخلع إذا وقع بلفظ الطلاق صار طلاقا ، ولكن يشكل عليه أن الرسول صلّى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد منه بحيضة ، بحيضة واحدة ، وهذا يوجب إشكالا ، لأن المطلقة يلزمها أن تعتد في ثلاث حيض ، يلزمها أن تعتد بثلاث حيض ، وهنا لا مخرج لنا من هذا الإشكال إلا بأحد أمرين : إما إن نقول إن الخلع ليس بطلاق ، وإما أن نقول أنه طلاق ، لكن اُكتفي فيه بحيضة ، لأنه لا رجوع للزوج على المرأة في هذه الحال ، لا رجوع للزوج على المرأة في هذه الحال ، وأن الحيض الثلاث إنما تجب في حال يكون للزوج فيها رجوع ، بدليل قوله : (( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا )) ، وفي هذه الحال ، في هذه الحال ليس للزوج حق الرجوع ، لأن الزوجة قد افتدت نفسها منه بما بذلته له من العوض ، ولو كان له الرجوع لم يكن لهذا العوض فائدة ، فلما لم يكن له رجوع لم نحتج إلى ثلاثة قروء ، لأن هذا مجرد تطويل على المرأة وأذى ، والعلم ببراءة الرحم يحصل بحيضة واحدة، يحصل بحيضة واحدة، فالحقيقة أن هذا على رأي الجمهور مشكل جدا ، لأن الجمهور يرون أنه طلاق وأن الطلاق لابد فيه من ثلاث حيض ، وحينئذ لا مخلص لهم ، فالمخلص إذن بأحد أمرين : إما أن نقول بأن الخلع ليس بطلاق وإن وقع بلفظه ، والعبرة بالمعنى لأنه فداء ، امرأة تفدي نفسها ، وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وإما أن نقول أنه طلاق لكن لما كان بائنا لا رجعة فيه لم يحتج فيه إلى ثلاثة قروء ، لأن المقصود بثلاثة قروء من أجل امتداد العدة ليتمكن الزوج من المراجعة . نعم .
الشيخ : ثابت بن قيس الشماس رضي الله عنه أحد الذين شهد لهم النبي صلّى الله عليه وسلم بالجنة ، وكان خطيب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وكان الله تعالى قد أعطاه صوتا جميلا رفيعا ، وهو الذي احتبس في بيته لما نزلت قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون )) ، فاحتبس في بيته يبكي ، خاف أن يحبط عمله وهو لا يشعر ، ففقده النبي عليه السلام فسأل عنه ، فقالوا : يا رسول الله إنه منذ نزلت الآية وهو في بيته ، فأرسل إليه، فأخبره بالعذر ، فقال له : ( إرجع إليه فقل له : إنك تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة ) ، يا له من فضل ، فصار الأمر كذلك ، عاش حميدا ، وقتل شهيدا ، ونشهد أنه من أهل الجنة رضي الله عنه ، ومع هذا فإن امرأته كرهته كرها عظيما ، حتى قالت : إني لا أعتب عليه في خلق ولا دين، خلقه من أحسن الأخلاق ، ودينه من أقوم الأديان ، لكن أكره الكفر في الإسلام.
اختلف شراح الحديث في معنى أكره الكفر في الإسلام، فقيل : إن المعنى إنها تكره أن تكفر أي ترتد عن الإسلام ، من شدة كراهتها له ، تريد أن تتخلص منه حتى بالكفر ، وهي إذا ارتدت انفسخ نكاحها .
وقال بعضهم : بل إنها تريد الكفر في الإسلام يعني عدم القيام بواجبه ، وهو كفران العشير ، وهذا هو الأصح ، وهو المتعين ، ويدل له السياق ، لأنها قالت : أكره الكفر في الإسلام ، والردة ما فيها كفر في إسلام ، بل هي كفر من إسلام ، يعني بدلا عن إسلام ، فهي تكره الكفر وهي مسلمة ، وهذا ينطبق تماما على عدم القيام بحق الزوج ، يعني تقول : أنا ما أعتب عليه لكن أخشى إن بقيت عنده أن آثم ، لكوني لا أستطيع أن أقوم بواجب حق الزوجية ، فقال : ( أتردين حديقته ) ؟ قالت : نعم ، وهذا يدل على أنه يجوز الخلع من ولو كان من جانب واحد، يعني ولو كان خوف عدم القيام بحدود الله من جانب واحد ، لأن الذي خاف ألا يقيم حدود الله هنا من ؟ الزوجة دون الرجل ، فيكون قوله : (( إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله )) ، ليس المراد إلا أن يخافا بمجموعهما ، بل إلا أن يخاف أحدهما . نعم .
وفيه دليل على جواز رد المهر كله ، لقوله : ( أتردين عليه حديقته ) ؟ والظاهر أنه أصدقها الحديقة ، وفي قوله : ( إقبل الحديقة وطلقها تطليقة )، أمره أن يقبل وأن يطلق ، وهذا الأمر للإرشاد عند أكثر أهل العلم ، وقيل : بل الأمر للإلزام ، الأمر للإلزام ، وأن الرسول أمره أمر تكليف ، لا أمر إرشاد ، والفرق بينهما أن أمر الإرشاد ليس أمر تكليف ، ولكنه كالمشورة ، كالمشورة عليه ، ان شاء قبل وإن شاء لم يقبل ، وهناك فرق بين أمر المشورة وأمر التكليف ، ولهذا لما قالت بريرة أمرها النبي عليه السلام أن تبقى مع زوجها مغيث ، قالت : يا رسول الله أنت تأمرني بذلك فسمعا وطاعة ، وإن كنت تشير علي فلا رغبة لي فيه ، فقال : ( بل أشير عليك ) ، قالت : لا رغبة لي فيه ، وهذا دليل على أن أمر الإرشاد غير أمر التكليف ، فأكثر العلماء قالوا : إن الأمر هنا للإرشاد ، لأنه لا يلزم الزوج قبول الخلع ، فإن الخلع بيده ، وقيل : بل الامر أمر تكليف، إما على سبيل الوجوب وإما على سبيل الاستحباب ، والذي يظهر لي أن الأمر أمر تكليف ، أولا : لأن هذا هو الأصل في الأوامر ، لأنها أمر تكليف لا أمر ارشاد ومشورة ، ثانيا : إن الحال تقتضي ذلك ، هذه امرأة جاءت إلى الرسول فزعة تخشى الكفر في الإسلام ، وهي ستبذل له كل ما أعطاها ، فيكون هذا الأمر للتكليف ، إما إلزاما إن أمكن أن تطيق المرأة البقاء ، إما استحبابا إن أمكن للمرأة أن تقيم مع زوجها ، وإما وجوبا إذا لم يمكن أن تقيم مع زوجها على وجه تبرأ به الذمة ، وأن القاضي له أن يلزم الزوج بأن يطلق إذا علم بأن الحال لا تستقيم ، لأنه ما الفائدة في أن تبقى الزوجة والزوج دائما في شقاق ونزاع وخصومة وسب وشتم ، هذا يضيع حقهما وحق الله عز وجل ، حتى الإنسان إذا كان على هذه الحال عيشته ، فإنه لن يستطيع أن يؤدي العبادات على الوجه المطلوب ، يكون دائما في تشويش ، دائما في ضيق ، في حرج ، وربما لا يتحمل هذا الأمر ، ويتضرر بدنه . فالصواب أن الأمر هنا أمر تكليف ، إما وجوبا ، وإما استحبابا على حسب ما تقتضيه الحال ، وقوله صلّى الله عليه وسلم : ( طلقها تطليقة ) ظاهره أن هذا طلاق لقوله : ( طلقها تطليقة ) ، فأمره بالطلاق ، والأصل أن اللفظ مطابق لإيش ؟ للمراد ، الذي هو المعنى ، وهذا يدل على أن الخلع إذا وقع بلفظ الطلاق صار طلاقا ، ولكن يشكل عليه أن الرسول صلّى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد منه بحيضة ، بحيضة واحدة ، وهذا يوجب إشكالا ، لأن المطلقة يلزمها أن تعتد في ثلاث حيض ، يلزمها أن تعتد بثلاث حيض ، وهنا لا مخرج لنا من هذا الإشكال إلا بأحد أمرين : إما إن نقول إن الخلع ليس بطلاق ، وإما أن نقول أنه طلاق ، لكن اُكتفي فيه بحيضة ، لأنه لا رجوع للزوج على المرأة في هذه الحال ، لا رجوع للزوج على المرأة في هذه الحال ، وأن الحيض الثلاث إنما تجب في حال يكون للزوج فيها رجوع ، بدليل قوله : (( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا )) ، وفي هذه الحال ، في هذه الحال ليس للزوج حق الرجوع ، لأن الزوجة قد افتدت نفسها منه بما بذلته له من العوض ، ولو كان له الرجوع لم يكن لهذا العوض فائدة ، فلما لم يكن له رجوع لم نحتج إلى ثلاثة قروء ، لأن هذا مجرد تطويل على المرأة وأذى ، والعلم ببراءة الرحم يحصل بحيضة واحدة، يحصل بحيضة واحدة، فالحقيقة أن هذا على رأي الجمهور مشكل جدا ، لأن الجمهور يرون أنه طلاق وأن الطلاق لابد فيه من ثلاث حيض ، وحينئذ لا مخلص لهم ، فالمخلص إذن بأحد أمرين : إما أن نقول بأن الخلع ليس بطلاق وإن وقع بلفظه ، والعبرة بالمعنى لأنه فداء ، امرأة تفدي نفسها ، وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وإما أن نقول أنه طلاق لكن لما كان بائنا لا رجعة فيه لم يحتج فيه إلى ثلاثة قروء ، لأن المقصود بثلاثة قروء من أجل امتداد العدة ليتمكن الزوج من المراجعة . نعم .