حدثنا قتيبة حدثنا ليث عن نافع أن ابن عمر كان إذا سئل عن نكاح النصرانية واليهودية قال إن الله حرم المشركات على المؤمنين ولا أعلم من الإشراك شيئاً أكبر من أن تقول المرأة ربها عيسى وهو عبد من عباد الله حفظ
القارئ : باب : قول الله تعالى : (( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ))
حدثنا قتيبة قال : حدثنا ليث عن نافع : ( أن ابن عمر كان إذا سأل عن نكاح النصرانية واليهودية قال : إن الله حرم المشركات على المؤمنين ، ولا أعلم من الإشراك شيئا أكبر من أن تقول المرأة : ربها عيسى ، وهو عبد من عباد الله ).
الشيخ : قوله تعالى : (( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن )) ، يعني فإذا آمنّ زال عنهن وصف الإشراك ، فجاز نكاحهن ، لا يقال أن شركها الأول ينسحب حكمه على ما بعد الإسلام فلا تحل ، بل إذا زال عنها وصف الشرك حلت ، ثم قال : (( ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم )) ، هذا يعم في النكاح وغيره ، فالمؤمن خير من المشرك، ولو أعجبنا المشرك ، وفي هذا إشارة إلى التحذير مما يعمله الناس الآن ، يختارون غير المسلمين على المسلمين في العمل والخدمة وغير ذلك ، يزعمون أنهم أنصف في العمل من المؤمنين ، وهذا قد يكون صحيحا ، وقد يكون كذبا ، لكن على فرض صحته فإن هذه النصيحة ، أو اتقان العمل يعارضه ما هو أقوى منه ، أقوى منه وهو الشرك ، وكونك ترى المشرك صباحا ومساء بين عينيك ، بين عينيك ، لا شك أنه مع كثرة الممارسة ، ستذهب عن القلب الغيرة والكراهة لغير المسلم ، كما هو الواقع الآن ، كان الناس بالأول إذا ذكر اسم الكافر ربما يرتعش الإنسان من الخوف ، أما الآن فأستغفر الله ، أصبح عند بعض الناس أخ له ، أخ له ، ويقولون هو أخ ، بأي شيء ؟ قال الإنسانية ، طيب ، أليس الرب عز وجل يقول : (( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )) ، (( والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم )) ، هو إنسان ، لكن هذا الإنسان شر برية الله ، (( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية )) ، شر البرية ، هو إنسان ولو عرف قدر انسانيته لآمن بمن خلقه وبرسله ، لكن كفر هذه الإنسانية ، وألحق نفسه بالبهائم ، بل شر، بل بشر من البهائم ، قالوا : أنتم تقولون هكذا، والله عز وجل يقول : (( وإلى عاد أخاهم هودا ))، ما تقولون في عاد ؟ كفار ولا لأ ؟ كفار ، طيب ، كيف سماهم أخا لهم ؟ أخا بالنسب ، والأخوة بالنسب لا تنتفي بالكفر ، قد يكون أخوك كافرا ، وتنتفي الأخوة ولا لأ ؟ النسبية ؟ لا تنتفي ، النسبية لا تنتفي ، ولهذا لما كان أصحاب الأيكة ليسوا من قوم شعيب قال : (( كذب أصحاب الأيكة المرسلين ، إذ قال لهم شعيب ألا تتقون )) ، ولما ذكر الله رسالة شعيب إلى قومه ، قال : (( وإلى مدين أخاهم شعيبا )) ، واضح ؟ فحينئذ نقول : لا أخوة بين مؤمن وكافر أبدا إلا أخوة النسب ، إلا أخوة النسب ، لأنه لا يمكن الفرار منها ، أما الإنسانية فليس أخا لنا ، كان يقول العم بعد : أخ ، والأب : أخ ، كل إنسان ، على كل حال ، الله عز وجل يقول : (( لأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم )) لو تجد مشركة من أجمل النساء وأحسن النساء خلقا وسمتا ، ولا يوجد لها نظير في المسلمات التي عندك ، وأردت أن تتزوجها ، قلنا : لأ ، هذه امرأة جميلة حسنة الأخلاق ، حسنة العشرة ، قلنا : لأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتك ، طيب ، ابن عمر رضي الله عنه سئل عن نكاح النصرانية واليهودية ، فقال : إن الله تعالى حرم المشركات على المؤمنين ، في قوله : (( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ )) ولا أعلم من الاشراك شيئا أكبر من أن تقول المرأة ربها عيسى ، وهو عبد من عباد الله ، قال الله تعالى عن عيسى : (( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه )) فهو عبد، وقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( وأن عيسى عبد الله ورسوله ) ، والنصرانية ويش تقول ؟ تقول إن عيسى ربها ، إذا هي مشركة أم غير مشركة ؟ مشركة ، وكأن ابن عمر رضي الله عنهما يرى أن النصرانية حلال بشرط أن تبقى على دين المسيح الحقيقي ، الذي ليس فيه الشرك ، فدين المسيح الحقيقي ليس فيه الشرك ، يقول عيسى : (( ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم )) فما قلت لهم إنني ابن الله ، ولا اتخذوني إلها من دون الله ، ما قال لهم إلا أن اعبدوا الله ربي وربكم . فكأنه رضي الله عنه يقول : إذا ادعت أن عيسى هو الله عز وجل فإنها لا تحل ، وإن انتسبت إلى النصرانية ، لأنها ليست على دين النصارى ، بل هي مشركة ، ولكن جمهور أهل العلم يرون أنها تحل وإن قالت أن عيسى ربها ، ويستدلون لذلك بأن سورة المائدة من آخر ما نزل ، بل قال بعض العلماء إنه ليس فيها شيء منسوخ ، وقد أباح الله المحصنات من الذين أوتوا الكتاب يعني الحرائر من الذين أوتوا الكتاب ، مع أنه حكى عنهم في نفس السورة أنهم كفروا بالله ، (( لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم ))، (( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ))، وفي سورة أخرى : (( وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون )) ، فالصحيح الذي عليه الجمهور أن من دانت بدين النصارى وإن كانت تقول إن عيسى ابن الله ، أو إن عيسى هو الله ، او ثالث ثلاثة ، فإنها تحل ، فابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه كان يرى هذا الرأي ، أنها حلال بشرط ألا تشرك ، فإن أشركت فهي حرام .