حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن سعد رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا مريض بمكة فقلت لي مال أوصي بمالي كله قال ( لا ) قلت فالشطر قال ( لا ) قلت فالثلث قال ( الثلث والثلث كثير أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالةً يتكففون الناس في أيديهم ومهما أنفقت فهو لك صدقة حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك ولعل الله يرفعك ينتفع بك ناس ويضر بك آخرون ) حفظ
القارئ : حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان ،عن سعد بن إبراهيم ،عن عامر بن سعد ،عن سعد رضي الله عنه قال : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا مريض بمكة ، فقلت: لي مال أوصي بمالي كله ؟ قال : لا ، قلت : فالشطر ؟ قال : لا ، قلت : فالثلث ، قال : الثلث والثلث كثير ، أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالةً يتكففون الناس في أيديهم ، ومهما أنفقت فهو لك صدقة ، حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك ، ولعل الله يرفعك ، ينتفع بك ناس ويضر بك آخرون ) .
الشيخ : هذا ... هذا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، زاره النبي صلّى الله عليه وسلم ، عاده النبي صلّى الله عليه وسلم في حجة الوداع وكان سعد من المهاجرين ، فأشفق أن يموت بمكة ، لأنهم يكرهون أن يموت الرجل المهاجر في أرض هاجر منها ، فيدفن فيها ، لأنه لا يقيم فيها وهو حي ، حيث إنها أرض تركها لله ، فلا يعود فيها ، كما لا يعود الرجل في صدقته التي أخرجها لله ، فالصدقة التي أخرجها لله لا يعود فيها ، والأرض التي خرج منها لله أيضا لا يعود فيها ، حتى لو كانت بلاد إسلام ، لا يعود فيها ، طيب ، وهنا كان مريضا رضي الله عنه ، كان مريضا ، فاستشار النبي صلّى الله عليه وسلم أن يوصي بشيء ، بالثلثين ، فقال : ( كثير ) ، بالنصف ؟ قال : ( كثير ) ، قال : بالثلث ، قال : ( الثلث والثلث كثير ) ، وفي النصف والثلثين يقولها الرسول عليه الصلاة والسلام لأ ، الثلث ، قال : ( الثلث والثلث كثير ) ، ثم بين الحكمة من ذلك وأن الإنسان إذا ترك ورثته أغنياء كان ذلك خيرا من أن يتركهم عالة يتكففون الناس ، فتأمل كيف جعل الرسول عليه الصلاة والسلام حق الورثة أفضل من الصدقة ، يعني لو قال : قال بأتصدق بمالي بعد موتي ، قلنا : لا ، إرثه أفضل من الصدقة ، الوارث أفضل من الصدقة ، لكن الشارع جعل له الثلث ، والثلث كثير .
قال ابن عباس : لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع ، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم قال الثلث كثير .
وقال أبو بكر : أرضى ما رضيه الله لنفسه ، فأوصى بالخمس ولهذا قال العلماء : الأفضل أن يوصي الإنسان بالخمس لا بالثلث ، لأن هذا هو الذي رضي الله لنفسه : (( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول )) ، وأبو بكر رضي الله عنه قال : أرضى ما رضيه الله لنفسه ، فأوصى بخمس ماله ، هذا إذا ترك خيرا ، أما إذا كان ماله قليلا فالأفضل أن لا يوصي بشيء ، الأفضل أن لا يوصي بشيء ، بل يدع المال لورثته ، ثم قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك ) ، قال بعض الناس : ترفعها في في امرأتك ، يعني انك إذا جلست إلى جنب امرأتك ، وأخذت اللقمة من القصعة ، ووضعتها في فمها ، كما توضع اللقمة في فم الطفل ، فهذا هو الذي فيه الأجر ، الله أكبر ، لكن هذا خطأ ، لكن إذا أتيت بالطعام وأكلت بيدعا فليس لك أجر ، فليس لك أجر ، يقول : لماذا ؟ لأن الرسول يقول : حتى اللقمة ترفعها في في امرأتك ، وحتى ما تجعله في فم امرأتك ، ثم عللوا ذلك ، قالوا : لأن هذه الحال توجب التآلف بين الرجل وزوجته ، أنه هو الذي يطعمها ، يأخذ اللقمة من القصعة ويوكلها إياها ، فماذا ترون في هذا التأويل ؟
الطلبة : ... يحتمل ؟
الشيخ : أي ، لكن هل هذا مراد الرسول ؟ وهل كان الرسول يفعل هذا مع زوجاته ؟
السائل : لا .
الشيخ : وما علمن أحدا من الصحابة فعله ، ما علمنا بذلك ، لكن المعنى أنك إذا أتيت بها كأنك أنت الذي رفعتها ، أنت السبب ، لولا مجيئك بهذا الطعام ، هل ترفع المرأة شيئا من اللقمة إلى فمها ؟
السائل : لا .
الشيخ : أبدا ، فلما كان هو السبب الأول والأخير ، صار هو الذي كأنه رفعها ، كأنه رفعها ، بل أنا أعتقد يمكن بعض النساء تغضب يبغى يقعد جنبها يؤكلها ، قالت : ما أنا برضيا توكلني ، ويمكن تزعل ، ترى أن هذا احتقار لها ، على كل حال ، المقصود بلا شك ، مقصود الرسول بما نرى ، والعلم عند الله ، أنه يريد بذلك أن الطعام الذي تأتي به إلى امرأتك تؤجر عليه ، وإنما ضرب الرسول صلّى الله عليه وسلم مثلا بذلك لأن إطعام المراة في مقابل الاستمتاع بها ، يعني كأنه يقول : حتى النفقة في مقابل الاستمتاع يؤجر الإنسان عليها ، لكن بشرط ، ولكن ما ذكر في هذا الحديث ، قال : ( إنك لم تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله ) ، وهذا مثل الحديث الأول الذي مر بنا ، ( يحتسبها ) ، ثم إن توقع الرسول صلّى الله عليه وسلم وقع ، قال : ( ولعل الله يرفعك ، وينتفع بك ناس، ويضر بك آخرون ) ، يعني هو لفظ ثاني أبسط من هذا ، قال : ( إنك لم تخلف ) ، ثم قال له : ( ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون ) ، فقوله في الأول : ( لم تخلف ) يعني لم تخلف في مكة ، يعني لن تموت في مكة ، الذي أنت تخشى أن تموت فيها ، التي أنت تخشى أن تموت فيها ، ( ولعلك أن تخلف ) أي تبقى ، وفعلا هذا الذي حصل ، بقي سعد بن أبي وقاص ، وكان في ذلك اليوم الذي عاده فيه النبي عليه الصلاة والسلام ليس له ممن يرثه إلا بنت فقط من الفروع ، ولم يمت إلا وعنده أكثر من عشرة أبناء ، وبنات كثيرات ، وأيضا نفع الله به أقواما وضر به آخرين ، نفع به المسلمين ، لأنه حصل على يديه فتوحات عظيمة ، وضر به آخرين من الكفار ، لأن الله أذلهم على يده ، فغنم أموالهم ، وسبى نساءهم وذريتهم ، فكان في هذا بشرى لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، وقد وقعت كما أخبر الرسول صلّى الله عليه وسلم. نعم .