فوائد حديث أنس . حفظ
الشيخ : في هذا الحديث فوائد وهو مما ينبغي أن يعتنى به ويحفظ ، ومن فوائده أولا طلب الخادم أنه يجوز للإنسان أن يطلب من يخدمه ولا يعد هذا من السؤال المكروه يعني لا يقال إن الخادم سوف يمتثل لأمر المخدوم ويطيعه فيكون من باب السؤال المكروه لأن الخادم إنما يخدم بالأجرة في الغالب وفيه أيضا دليل على فضيلة هذا الدعاء الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر أن يدعو به وهو ( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال ) أولا يقول من الهم والحزن الهم للمستقبل والحزن للماضي يعني كأنه يقال اجعلني أنسى ما مضى ولا أحزن عليه واجعلني لا أهتم كثيرا في المستقبل إلا ما يتعلق بعملي الحاضر الذي لا بد منه لأن الإنسان إذا كان يخطط لمستقبل بعيد ويتعب نفسه في ذلك ربما تضيع عليه مصالحه الحاضرة فاستعاذ بالله عز وجل من الحزن على ما مضى والهم لما يستقبل وليس معنى ذلك أن الإنسان لا يفكر في مستقبله لكن لا يهتم له لا يقول والله إني أخشى أن أسافر هذه المرة لطلب الرزق وأخسر أخشى إني مثلا أسعى في طلب العلم ولا أحصل العلم وما أشبه من الأشياء التي لا تزيده إلا حيرة وضلالا ، العجز والكسل العجز بالبدن والكسل في الإرادة لأن الإنسان يحول بينه وبين الفعل إما عجز ببدنه أو كسل في إرادته عجز بالبدن لو كان عنده قوة في الإرادة وعزيمة ما يقدر ، كسل لو كان عنده قوة لكنه كسلان مهين النفس ما عنده نشاط ولا همة هذا أيضا ضرر هذه اثنان أيضا ، والبخل والجبن البخل هو الشح بالمال والجبن الشح بالنفس ، البخل الشح بالمال ، ما يبذل الإنسان المال حيث كان يحمد بذله والثاني الجبن لا يبذل نفسه حيث يطلب له بذل النفس وسواء كان ذلك في قتال أو في نصيحة أو ما أشبه ذلك ، وهذا أيضا ضرر على الإنسان إذا ابتلي الإنسان والعياذ بالله بالبخل وصار لا ينفق المال حيث يحمد عليه فهذا عيب أو بالجبن فكان لا يبذل نفسه حيث يحمد على بذلها كان هذا أيضا عيبا ، وضلع الدين وغلبة الرجال ، ضلع الدين يعني تضييقه وهو بحق فإن الدائن له حق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن لصاحب الحق مقالا ) وغلبة الرجال بدون حق أن يضيقوا عليك بغير حق فالناس يضيقون على الإنسان إما بحق ويكون ذلك بغلبة إيش ؟ الدين بغلبة الدين وإما بغير حق وهذا هو قوله غلبة الرجال فالنبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من كل هذه الأشياء المتقابلة فينبغي للإنسان أن يكثر من هذا الدعاء الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر منه ، ومن فوائد الحديث أيضا حسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لأهله فإنه صار يوطئ لمن ؟ يوطئ لصفية يعني يصلح لها مكان ركوبها ومن فوائده أيضا مشروعية الوليمة للعرس لأن هذا الحيس الذي صنعه صلى الله عليه وسلم كان وليمة لها ، ومن فوائد الحديث أنه ينبغي الدعاء أي دعاء الناس للوليمة لقوله رضي الله عنه : ( ثم أرسلني فدعوت رجالا فأكلوا ) ومن فوائد الحديث أن أحدا يحب النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم يحبه وأحد كما نعلم جبل جماد فكيف يحب الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ نقول لا نسأل عن هذا ، الجبل وإن كان جمادا له إرادة بدليل قوله تعالى : (( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم )) ولا تسبيح إلا بإرادة فهذا الجماد له إرادة وقال الله تعالى في الجدار : (( فوجد فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه )) فله محبة فهو يحب النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر أنه لا يمتنع أن يحب جميع المؤمنين والنبي صلى الله عليه وسلم يحبه ونحن نحب هذا الجبل لمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم له والحكمة من ذلك أن الله تعالى جعل حول هذا الجبل جعل حوله هذا الابتلاء العظيم الذي حصل للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكان من عادة الإنسان أن يتشاءم بالمحالّ التي يحصل له فيها هزيمة ويكرهها ويبعد عنها فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين أن هذا الجبل يحبنا ونحبه على ضد ما كان الناس يتشاءمون إذا هزموا في مكان ما أو في يوم ما أو في شهر ما فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبين أنه لما كانت هذه الهزيمة التي حصلت لم تكن سببا لبغضنا هذا المحل وابتعادنا عنه ثم إن هذه الهزيمة التي حصلت حصل فيها خير كثير جدا كما ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك في سورة آل عمران حصل فيها من الفوائد شيء لو لم تكن ما حصلت ، ومن فوائد هذا الحديث أن للمدينة حرما لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم ما بين جبليها والمراد بالجبلين الحرتان أو اللابتان حرم صلى الله عليه وسلم ما بين لابتيها كما حرم إبراهيم مكة ولكن تحريم المدينة ليس كتحريم مكة من حيث التوكيد ومن حيث الحقوق فإن من الناس من لا يرى لها حرما وعلى ثبوت أن لها حرم وهو حق فليس كحرم مكة إذ أنه يجوز فيه ما لا يجوز في مكة يجوز قطع الأشجار لحاجة الحرث والآبار وما أشبهها وليس في صيدها جزاء ولا يجب الإحرام بل ولا يشرع الإحرام لدخولها بخلاف حرم مكة وأيضا تحريم مكة أقدم من تحريم المدينة إذا فالتشبيه هنا في قوله : ( مثل ما حرم ) من حيث الجملة لا في كل مسألة من المسائل ، ومن فوائد الحديث دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة في مدهم وصاعهم والمراد به ما يكال بالمد وما يكال بالصاع أي بارك لهم في كل شيء القليل والكثير مما يكال بالمد أو يكال بالصاع ، أي نعم