قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ . حفظ
القارئ : قوله : " فقدمت بضم القاف قوله إلى النبي صلى الله عليه وسلم كذا للأكثر وفي رواية الجرجاني فقدم إليه النبي صلى الله عليه وسلم سفرة قال عياض الصواب الأول قلت رواية الإسماعيلي توافق رواية الجرجاني وكذا أخرجه الزبير بن بكار والفاكهي وغيرهما وقال ابن بطال كانت السفرة لقريش قدموها للنبي صلى الله عليه وسلم فأبى أن يأكل منها فقدمها النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن عمرو فأبى أن يأكل منها وقال مخاطبا لقريش الذين قدموها أولا إنا لا نأكل ما ذبح على أنصابكم انتهى ، وما قاله محتمل لكن لا أدري من أين له الجزم بذلك فإني لم أقف عليه في رواية أحد وقد تبعه ابن المنير في ذلك وفيه ما فيه ، قوله على أنصابكم بالمهملة جمع نصب بضمتين وهي أحجار كانت حول الكعبة يذبحون عليها للأصنام ، قال الخطابي كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل مما يذبحون عليها للأصنام ويأكل ما عدا ذلك وإن كانوا لايذكرون اسم الله عليه لأن الشرع لم يكن نزل بعد بل لم ينزل الشرع بمنع أكل ما لم يذكر اسم الله عليه إلا بعد المبعث بمدة طويلة قلت وهذا الجواب أولى مما ارتكبه ابن بطال وعلى تقدير أن يكون زيد بن حارثة ذبح على الحجر المذكور فإنما يحمل على أنه إنما ذبح عليه لغير الأصنام ، وأما قوله تعالى وما ذبح على النصب فالمراد به ما ذبح عليها للأصنام ثم قال الخطابي وقيل لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم ذلك شيء قلت وفيه نظر لأنه كان قبل المبعث فهو من تحصيل الحاصل وقد وقع في حديث سعيد بن زيد الذي قدمته وهو عند أحمد وكان ابن زيد يقول عذت بما عاذ به إبراهيم ثم يخر ساجدا للكعبة قال فمر بالنبي صلى الله عليه وسلم وزيد بن حارثة وهما يأكلان من سفرة لهما فدعياه فقال يا ابن أخي لا آكل مما ذبح على النصب قال فما رؤي النبي صلى الله عليه وسلم يأكل مما ذبح على النصب من يومه ذلك ، وفي حديث زيد بن حارثة عند أبي يعلى والبزار وغيرهما قال ( خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من مكة وهو مردفي فذبحنا شاة على بعض الأنصاب فأنضجناها فلقينا زيد بن عمرو ) فذكر الحديث مطولا وفيه ( فقال زيد إني لا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه. ) قال الداودي كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل المبعث يجانب المشركين في عاداتهم لكن لم يكن يعلم ما يتعلق بأمر الذبح وكان زيد قد علم ذلك من أهل الكتاب الذين لقيهم ، وقال السهيلي : فإن قيل فالنبي صلى الله عليه وسلم كان أولى من زيد بهذه الفضيلة فالجواب أنه ليس في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أكل منها وعلى تقدير أن يكون أكل فزيد إنما كان يفعل ذلك برأي يراه لا بشرع بلغه وإنما كان عند أهل الجاهلية بقايا من دين إبراهيم وكان في شرع إبراهيم تحريم الميتة لا تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه وإنما نزل تحريم ذلك في الإسلام والأصح أن الأشياء قبل الشرع لا توصف بحل ولا بحرمة مع أن الذبائح لها أصل في تحليل الشرع واستمر ذلك إلى نزول القرآن ولم ينقل أن أحدا بعد المبعث كف عن الذبائح حتى نزلت الآية ، قلت : وقوله إن زيدا فعل ذلك برأيه أولى من قول الداودي إنه تلقاه عن أهل الكتاب فإن حديث الباب بين فيما قال السهيلي وإن ذلك قاله زيد باجتهاده لا بنقل عن غيره ولا سيما وزيد يصرح عن نفسه بأنه لم يتبع أحدا من أهل الكتابين ، وقد قال القاضي عياض في الملة المشهورة في عصمة الأنبياء قبل النبوة إنها كالممتنع لأن النواهي إنما تكون بعد تقرير الشرع والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن متعبدا قبل أن يوحى إليه بشرع من قبله على الصحيح فعلى هذا فالنواهي إذا لم تكن موجودة فهي معتبرة في حقه والله أعلم فإن فرعنا على القول الآخر فالجواب عن قوله ذبحنا شاة على بعض الأنصاب يعني الحجارة التي ليست بأصنام ولا معبودة وإنما هي من آلات الجزار التي يذبح عليها لأن النصب في الأصل حجر كبير فمنها ما يكون عندهم من جملة الأصنام فيذبحون له وعلى اسمه ومنها ما لا يعبد بل يكون من آلات الذبح فيذبح الذابح عليه لا للصنم أو كان امتناع زيد منها حسما للمادة "
الشيخ : أو كان
السائل : الخلاصة ؟
الشيخ : الخلاصة أن يقال إن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس فيه صريح بأنه أكل ولعله لما علم لم يأكل ولهذا زيد بن عمرو بن نفيل ما وجه الخطاب للرسول قال : لا آكل ما تذبحون على نصبكم أو على أصنامكم فهو يخاطب من يذبح والرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يذبح على هذا أبدا ، السفرة حطت وضعها له بعض أصحابه وضعها وهو لا يعلم ما فيها أو يظن أن هذا اللحم لم يكن ذبح على النصب ، نعم