شرح قوله : (( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين وما لكم أن لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين )) حفظ
الشيخ : وقوله : (( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين )) أمرنا الله عز وجل أن نأكل ما ذكر اسم الله عليه وقال : (( إن كنتم بآياته مؤمنين )) يعني فامتثلوا لما أمرتم به ومفهومه مما لم يذكر اسم الله عليه لا نأكل لا نأكل مما لم يذكر اسم الله عليه لماذا ؟ لأنه حرام ثم قال : (( وما لكم أن لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه )) استفهام بمعنى التوبيح للرد على ما كانوا في الجاهلية يفعلونه من تحريم السائبة والوصيلة والحام والبحيرة ويقولون هذه حرام ما نأكل منها فقال : (( وما لكم أن لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه )) ثم قال : (( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه )) فصل يعني بين وأوضح ما حَرّم عليكم أو ما حُرِّم عليكم كله قراءتان وهل هذا خاص فيما يؤكل لقوله : (( إلا ما اضطررتم إليه )) أو عام ؟ الصحيح أنه عام فإن الله فصل لنا كل ما حرم وبناء على هذه القاعدة العظيمة يتبين أن ما لم يحرمه فهو حلال ولا يمكن أن يقال لعله داخل في الإجمال نقول لأن المحرمات مفصلة مبينة فما عداها فهو حلال من الأعيان والأعمال والمنافع وهذا في غير العبادات وقد نقول بل وفي العبادات أيضا إذا استثنينا إذا أخرجنا الاستثناء في قوله : (( إلا ما اضطررتم )) لأن العبادات أيضا قد فصل لنا ما حرم علينا منها وما الذي حرم ؟ المحرم علينا من العبادات ما كان شركا أو بدعة فهو محرم علينا والأصل في العبادات الحظر والمنع حتى يقوم دليل على المشروعية ولهذا ننكر على كل إنسان يتعبد لله بعقيدة أو قول أو عمل حتى يأتي لنا بدليل يدل على أنه مشروع ولا يحتاج أن يطالبنا بالدليل فيقول ما الدليل على أن هذه العبادة محرّمة ؟ لأنا نقول له الأصل التحريم والمنع كما أن الذي يطالبنا بتحريم شيء من العادات أو المعاملات نطالبه بالدليل ونقول الأصل الحل أي إنسان يطالبنا بشيء من العادات فإننا نقول له هات الدليل على هذا فإن لم يأت بدليل فإنه لا يلزمنا أن نتجنب ما طالبنا فيه بالدليل وقوله : (( إلا ما اضطررتم إليه )) أي ما دعتكم الضرورة إليه فهو حلال وهذا من رحمة الله عز وجل بعباده أن الشيء الذي يضطر إليه يكون حلالا فإذا قال قائل هل يكون حلال مع بقاء خبثه أو إن خبثه يرتفع فالجواب أن يقال هو حلال مع بقاء خبثه وليس يرتفع الخبث لأن الخبث إذا ارتفع لا يعود وهذا إذا زالت الضرورة عاد التحريم لكن لما كانت الضرورة داعية إلى ذلك أباحه الشارع لنا مع قيام الوصف المانع منه وهو الخبث قال أهل العلم وهذا الشيء الخبيث الذي يضر إذا تناوله الإنسان في حال الضرورة فإنه لقوة الطلب والشهية ينحدر بسرعة ولا يتضرر به الجسد لأن هناك قوة تطلبه وشهية تحرقه حتى ينزل بسرعة ولا يتضرر به البدن وعلى ذلك ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جيء له بتمر فجعل يأكل منه وكان عنده صهيب بن سنان الرومي فأراد أن يأكل وكان أرمد توجعه إحدى عينيه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( أتأكل وأنت أرمد ؟ ) قال نعم يا رسول الله أمضغه مع الجانب الآخر يعني مثلا اليمنى إذا كانت توجع يمضغه على الضرس الأيسر والعكس بالعكس فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ومكّنه مع أن المعروف أن الأمرد لا ياكل التمر يتضرر به قال ابن القيم تعليقا على هذا لأنه لما كانت النفس تطلبه بقوة صارت تقبله بسرعة وتحرقه ويزول ضرره وهذا مشاهد حتى في الأشياء الحسية الظاهرة إذا كان الإنسان مشتاقا للشيء يصبر على تحمله ولا يتضرر به ثم قال عز وجل : (( وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين )) إن كثيرا من أي أحد ؟ من الناس ليضلون بأهوائهم سماه الله تعالى هوى لأنه مخالف للحق (( ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السماوات والأرض )) مع أن هذه الأهواء قد يسميها أصحابها عقولا ويقول دل على كذا العقل يمنع كذا ولكنها في الحقيقة هوى يضلون الناس بأهوائهم بغير علم منين ؟ من الشرع يعني عندهم فهوم لكنها منحرفة ليست عندهم علوم وكما قال شيخ الإسلام في المتكلمين يقول إنهم أوتوا فهوما ولم يأتوا علوما وأوتوا ذكاء ولم يأتوا زكاء شوف سبحان الله عندهم فهم وأذكياء لكن ما عندهم علم بالشرع تجد الواحد يكتب الصفحات الكثيرة لا يذكر دليلا واحدا من الكتاب والسنة وهذا موجود في كتب المتأخرين وجدت في بعض الكتب المقررة في التربية على بعض الكليات كل الكتاب ما وجدت فيها إلا أن يشاء الله آية من كتاب الله أو حديثا عن رسول الله مع أنه أظن حوالي أكثر من ثلاث مائة صفحة لأنهم ما يعرفون العلم الشرعي ومع ذلك فهو مكتوب على أنه عنوان علم الاجتماع اجتماع إيش؟ اجتماع شرعي اجتماع مسلم بغير دليل شرعي من الكتاب والسنة تجده ينقل عن فلان وفلان ما أدري عنهم هل هم مسلمون أو كفار فأقول لكم إن هؤلاء يضلون بأهوائهم بغير علم لا من الكتاب ولا من السنة وهذه هي المصيبة التي تحصل ثم قال : (( إن ربك هو أعلم بالمعتدين )) وهذا يدل على أن فعلهم هذا عدوان واعتداء على شريعة الله وعلى عباد الله وقوله : (( هو أعلم )) هو ضمير فصل للتأكيد وأعلم قيل إنها بمعنى عالم والصحيح بلا شك أنها اسم تفضيل والذي يفسرها بعالم تفسيره قاصر جدا هناك فرق بين عالم وأعلم أنت لو قلت فلان عالم بكذا استفدنا أنه عالم لكن هل يمنع أن يشاركه غيره في العلم ؟ لا إذا قلت فلان أعلم معناه لا يشاركه أحد في هذه المرتبة لأنه أعلم هنا نقول أعلم بالمعتدين اسم التفضيل على بابه ولا يصح أبدا أن نفسره بعالم للقصور في المعنى فهو جناية على اللفظ وجناية على المعنى في الواقع وإن كان الذين فسروه بهذا ليس لهم نية سيئة لكن هذا ما أداهم إليه فهمهم وإلا فلا شك أنه جناية على اللفظ حيث حولنا أعلم اسم التفضيل إلى عالم وكذلك المعنى لأن أعلم لا يشاركه أحد في الأعلمية لكن عالم لا يمنع أن يشاركه غيره فهو أعلم بالمعتدين هم يقولون لو أننا قلنا لزم اشتراك المفضل والمفضل عليه في أصل الصفة مع زيادة المفضل فنقول لهم هل هذا يضر ؟ الذي يضر أن تأتي بوصف لا يمنع المشاركة وهو كلمة عالم أما أن تأتي باسم تفضيل يمنع المشاركة فلا مانع بل هذا هو المتعين لدلالة القرآن عليه هكذا يا محمد هكذا أجب بما أنت فيه.
السائل : ...؟
الشيخ : والله ما أدري أنت جاوب ...
السائل : ...؟
الشيخ : والله ما أدري أنت جاوب ...