شرح حديث الرجل الذي قتل مئة نفسا حفظ
الشيخ : ثم يأتي حدث آخر من الأحاديث الصحيحة لتؤكد عمليًا تأثير المجتمع الفاسد على الإنسان ذلك هو قوله - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( كان فيمن قبلكم رجلٌ قتل تسعة وتسعين نفسًا ، فأراد أن يتوب : فسأل عن أعلم أهل الأرض ، فُدل على راهب ) أي : على متعبدٍ جاهل فذهب إليه ، وعرض عليه قصته خلاصتها : أنه قتل تسعة وتسعين نفسًا بغير حقٍ وأنه يريد أن يتوب إلى الله ، فهل له من توبة ؟ (فعظم عليه الأمر وقال : قتلت كذا وكذا نفسًا وأنت تريد أن تتوب ؟! لا توبة لك ، فقتله وأتم به المائة ) ولكن الرجل يبدو أنه كان مخلصًا في توبته وفي سؤاله عن العلماء الذين يظن فيهم أنهم يدلونه على الطريق التي بها يتمكن من التوبة الصحيحة ، فأخيرًا وهو يسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على عالم ( فأته وقال له : إني قتلت مائة نفس بغير حقٍ فهل لي من توبة ؟ قال : ومن يحول بينك وبين التوبة ، ولكنك بأرض سوءٍ ) وهنا الشاهد : ولكنك بأرض سوء فاخرج منها إلى القرية الفلانية التي أهلها صالحون فانطلق الرجل من القرية الفاسد أهلها إلى القرية التي دُل عليها ، وهذا يؤكد بأنه كان مخلصًا في سؤاله عن من يدله على سبيل التوبة ، فانطلق يمشي .
يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( فجاءه الموت وهو في الطريق ، فتنازعته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، كلٌ يدعي أنه من حقه أن يقبض روحه ، والأمر واضح ما يحتاج إلى شرح ، فأرسل الله - عزَّ وجلّ - إليهم ملكًا يحكم بينهم ، فقال : قيسوا ما بينه وبين كل من القريتين فإذا أيهما كان أقرب فألحقوه بأهلها ، فكان أقرب إلى القرية الصالح أهلها بمقدار شبر ) ، هي ميلة الإنسان في أثناء سيره ، لأن الإنسان ما يمشي هكذا ، إنما يمشي هكذا ، فكان أقرب إلى القرية الصالحة بهذا المقدار ، ( فتولته ملائكة الرحمة ) .
فإذًا الجو الصالح والجو الفاسد كما هو يؤثر من الناحية المادية البدنية الطبية فهو كذلك يؤثر من الناحية الروحية المعنوية تمامًا ، والأطباء الماديون هم . - كلمة - . ويهتمون جدًا جدًا في تحذير الناس من أن يستوطنوا أرضًا موبوءة ، ولكنهم لا يلتفتون إلى الوباء المعنوي وإنما هذا من وظيفة الأنبياء والرسل الذين جاءوا لإصلاح القلوب ، فجاء عليه الصلاة والسلام إذًا بمثل هذه الأحاديث لكي يعلم المسلمين أن لا يخالطوا المشركين وألا يساكنوهم لأن " الطبع سراق " أرادوا أو ما أرادوا .