ذكر الشيخ لقصة وقعت له حين سافر إلى بريطانيا حفظ
الشيخ : وأنا أذكر بهذه المناسبة قصة وقعت لي تؤكد لكم هذا المعنى الذي دندنت حوله هذه الأحاديث الصحيحة ، هي أنني قُدر لي أني ذهبت إلى بريطانيا في سبيل الدعوة والاتصال مع الجاليات الإسلامية هناك ، فدللت على داعية في بلدة تبعد عن لندن نحو مائة وعشرون كيلو متر ، وكان الشخص الذي يممنا شطرنا إليه رجلاً مسلمًا من جماعة الشيخ المودودي - رحمه الله - وكان الوقت يومئذٍ شهر رمضان ، فجاء وقت الإفطار فجلسنا على مثل هذه السفرة المتواضعة نفطر ، رأيت الرجل يجمع بين نقيضين من حيث المظهر ، فهو ملتحي وهذا نادرًا ما نراه في بلاد الإسلام فضلاً عن بلاد الكفر والطغيان ، لكنه بالإضافة إلى ذلك هو إذا صح التعبير ما رأيك ؟ متأجرف بالجرافيت ، عقدة تعرفونها ، فذكرته بأن هذا لا يجوز للمسلم لأنه تشبه بالكفار ، وذكرت له بعض الأحاديث الواردة في هذا الصدد ومنها الحديث المشهور : ( بُعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعبد الله وحده لا شريك له ، وجُعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجُعل الذل والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم ) .
ومما يدل على أن صاحبنا هذا رجل طيب ، كذلك الذي سأل عن أعلم أهل الأرض ليدلوه على التوبة ، مجرد أن قال له العالم : ( إنك بأرض سوء فاخرج منها ) انطلق سريعًا إلى الأرض الصالحة ، وهكذا هذا الرجل تجاوب معي فورًا فحل العقدة ورماها أرضًا وهو يأكل يفطر ، ما أجلها كما يفعل بعض الناس ، ولكن ما كادت الفرحة تحل في القلب إلا أتبعها بطرح ذلك لأنه علل فعلته تلك أي : وضع الجرافيت ، من أجل ماذا ؟ قال : هنا البريطانيون ينظرون نظرة خاصة إلى إخواننا الفلسطينيين الذين من عادتهم أن يفكوا الزر هكذا ، ولا يعقدون الجرافيت على عقنهم ، فالبريطانيون ينظرون إلى الفلسطينيين معروف العداء بينهم ، نظرة احتكار وعدم اكتراس وإلى آخره ، تفهمون هذا التعليل ما أسوأه ! فأنا صارحته ، قلت له : بارك الله فيك ، ليتك سكت ، أي : أن معنى هذا الكلام أنك تهتم برأي هؤلاء الكفار وببغضهم لإخواننا الفلسطينيين المسلمين ، ونظرتهم الشائنة إليهم فأنت لا تريد أن تلحق بهم بهذه النظرة إذا ما ربطت العقدة فيظنونك فلسطينيًا فما يصيبك إن ظنوك مسلمًا فلسطينيا !
الشاهد من هذه القصة : أن هذا الرجل الفاضل المتجاوب مع السنة فورًا تأثر بعيشه في ذلك المحيط البريطاني ، فعلل وضعه للعقدة وتشبهه بالكفار حتى لا يُنسب إلى المسلمين ، فإذًا التشبه فيه رباط بين المتشبه والمتشبه به ، والمخالطة والمجامعة هي بلا شك تؤكد هذا الرباط إما بصورة خفية كما فعل هذا الإنسان أو بصورة جلية .