حدثنا محمد بن المثنى حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عبد الملك سمعت عمرو بن حريث قال سمعت سعيد بن زيد قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين ) قال شعبة وأخبرني الحكم بن عتيبة عن الحسن العرني عن عمرو بن حريث عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال شعبة لما حدثني به الحكم لم أنكره من حديث عبد الملك . حفظ
القارئ : حدثنا محمد بن المثنى حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عبد الملك سمعت عمرو بن حريث قال : سمعت سعيد بن زيد قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين ) . قال شعبة : وأخبرني الحكم بن عتيبة عن الحسن العرني عن عمرو بن حريث عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال شعبة : لما حدثني به الحكم لم أنكره من حديث عبد الملك.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم ، المن هو الذي أنزله الله عز وجل على بني إسرائيل (( وأنزلنا عليكم المن والسلوى )) قال العلماء وهو شيء ينزل على الشجر مثل العسل يجدونه فيجنونه هينا سهلا ، ولهذا سمي منا لأنه ليس فيه تعب ، والكمأة من المن لأن الله سبحانه وتعالى يخرجها من الأرض بدون تعب لا سقي ولا غيره ، والكمأة هي ما يسمى عند الناس بالفقع ، وهو ثلاثة أصناف : كمأة وعساقل وبنات أوبر ، يقول الشاعر :
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقل .. ولقد نهيتك عن بنات الأوبر .
وهذه الأصناف الثلاثة تختلف طعومها ولذتها ، وتختلف بحسب الأرض ، وهي لها عرق في الأرض إن قطعت بعرقها ما نبتت مرة ثانية ، وإن بقي عرقها فإنها تنبت مرة أخرى .
وحدثني رجل صاحب أسفار أثق به قال : حججنا ذات سنة من السنين على الإبل فلما أقبلنا عند بزوغ الشمس على نفوذ ، وإذا في أعلى النفوذ شيء يلوح أبيض ، يلوح بالشمس ، فظننا أنه رأس بعير ميت ، يقول فمشينا فلما وصلنا إليه وإذا هو كمأة ، فقع كبر رأس الإنسان ، يقول فأخذناها لكن ما أخذناها من أصلها ، شذبناها شذبا وأبقينا أصلها وأكلناها ، فلما رجعنا من الحج وإذا هي كما رأيناها قبل الحج قد نبتت وكبرت فأخذناها .
وماؤها يقول الرسول عليه الصلاة والسلام إن الكماة من المن لأنها تحصل للناس بدون تعب : ( وماؤها شفاء للعين ) زعم بعض العلماء أن المراد بماءها المطر لأنها تنبت به زلكنه ضعيف ، والصواب أن ماءها هي ، ولكن كيف يستخرج ماؤها ؟ .
ذكر الناس الذين استعملوها أنها تشوى ، فإذا شويت بالنار لانت وسهل عصرها ، فإذا عصرت فهذا الماء يشفي العين إذا مرضت ، قال ابن القيم في الهدي : " وأكثر ما يكون انتفاعا به إذا كان سبب الألم زيادة الماء في العين " . فإن هذا الماء ماء الكمأة ينشف العين ، ينشفها فتبرأ بإذن الله عز وجل .
وفيه احتمال أن الماء يؤخذ بعصرها وإن كان هي ناشفة بعض الشيء ، لكن بواسطة الآلات الجديدة الآن ربما تعصر عصرا كاملا ويؤخذ ماؤها قبل أن تشوى ، لأنها إذا شويت فربما تزول بعض الخصائص في هذا الماء ، على كل حال أفادنا الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث فائدتين :
الفائدة الأولى : أن الكمأة من المن لسهولة أخذها وكثرة خيرها .
والثاني : أن ماءها شفاء للعين .
والرسول عليه الصلاة والسلام إذا أخبر بما فيه نفع سواء كان من الأمور التجريبية أو من الأمور الطبية أو من أمور العبادة فليس المراد بذلك مجرد الخبر وأن نعلم أن فيه خيرا ، ولكن المراد بذلك أن نفعله ونستعمله ، وإذا كان قدحا فالمراد بذلك أن نتجنبه ونبتعد عنه.