فوائد حديث علاج المبطون بالعسل. حفظ
الشيخ : وفي هذا دليل على أن ما ثبت بالوحي يجب أن يكذب به ما قيل بغير الوحي مما يعارضه ، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( صدق الله وكذب بطن أخيك ) فأي نظرية أو قول يأتي مخالفا لما علم بالشرع فإنه يجب علينا أن نكذبه ، ولهذا وجب علينا أن نكذب خبر العراف والكاهن لأنه يخالف ما جاء في القرآن (( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله )) .
وكذلك لو أن أحدا من الناس أبدى لنا نظرية في الفلك العلوي أو السفلي تخالف ما جاء به الكتاب والسنة وجب علينا أن نكذبه ولو أطبق عليه جميع أهل الأرض ، لأنما هم إنما يتكلمون عن ما تتركه عقولهم بل عن ما تدركهم حواسهم ، والقرآن أو السنة الصحيحة تأتي بما أخبر به الخالق عز وجل ، وأيما أعلم بالمخلوقات خالقها أو من كان مخلوقا مثلها ؟ .
خالقها لا شك ، فهذه القاعدة يجب علينا نحن معشر المؤمنين أن نؤمن بها وألا نلتفت لما خالف الكتاب والسنة ، وأن نعلم أنه سوف يكذبه الواقع ولو عن زمن بعيد ، لأن ما في الكتاب والسنة صحيح صادق ، وما جاء عن تجارب أو حدسيات أو ظنون فإنه كاذب .
فإن قلت مثلا أحيانا يخبر عن الشيء عن طريق الحواس ليس عن طريق الفكر أو الاستنتاج أو ما أشبه ذلك عن طريق الحواس ؟ .
فالجواب عن ذلك : أولا أن الحواس غير معصومة أو هي معصومة ؟ .
غير معصومة لأنه ، نبدأ بالسمع : أحيانا يسمع الإنسان الصوت فيظنه كذا وعلى خلاف ما سمع ، أحيانا يسمع الصوت يأتيه من الخلف والمصوت أمامه ، لأنه ربما يكون هناك شيء يرد الصدى ثم يسمعه الإنسان من خلفه والمتكلم أمامه .
في العين أيضا حدث ولا حرج لا سيما عيون ال... الآن ، نعم أحيانا ترى الشيء ساكنا وهو متحرك ، وأحيانا تراه متحركا وهو ساكن ، وأحيانا ترى شبحا وليس هناك أحد أليس كذلك ، هذا واقع ، بل أحيانا بين يديك قريب منك جدا ويكون له استدارة قوية جدا فتظنه واقفا ساكنا وهو يتحرك ، إذا فالأمور حتى ما يدرك بالحس قد يكون فيه خطأ ، لكن إذا قدرنا أنه ليس فيه خطأ مئة بالمئة فيجب أن نعلم أنه لا يعارض ما جاء في الكتاب والسنة أبدا ، وإنما التعارض وقع لقلة الفهم أو لقصور العلم ، يعني إما للقصور أو التقصير ، وإلا لو أن الإنسان تمعن فإننا نجزم جزما لا ريب لنا فيه بأنه لا شيء مما يعلم باليقين يخالف ما دل عليه الكتاب والسنة بيقين أبدا ، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( صدق الله وكذب بطن أخيك ) لأن مقتضى خبر بطنه أن العسل داء ما هو شفاء ، لأنه كل ما أعطاه زاد استطلاقه ، فمعنى ذلك أن العسل داء ، والله يقول : (( فيه شفاء للناس )) .
فإذا قال قائل هل يسنفاد من هذا الحديث إطلاق الكذب على الفعل ؟ .
نقول نعم ، البطن ما تكلم ، ما قال يا جماعة هذا العسل ما زادني إلا داء لكن استطلق ، وهذا يعني أنه لم يفده بل زاده مرضا ، فالقول يكون بالقول وبالفعل ، والشهادة تكون بالقول والفعل أيضا ، فالله شهد لرسوله بالقول مثل قوله تعالى : (( والله يعلم إنك لرسوله )) وشهد لرسوله بالفعل وهو الآيات الكونية والتمكين في الأرض.