باب : السحر . وقول الله تعالى : (( ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم و لا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتره ماله في الآخرة من خلاق )) . وقوله تعالى (( ولا يفلح الساحر حيث أتى )) . وقوله : (( أفتأتون السحر وأنتم تبصرون )) . وقوله : (( يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى )) . وقوله : (( ومن شر النفاثات في العقد )) والنفاثات: السواحر . (( تسحرون )) تعمون . حفظ
القارئ : قال البخاري رحمه الله تعالى : " باب السحر ". وقول الله تعالى : (( ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتره ماله في الآخرة من خلاق )) . وقوله تعالى : (( ولا يفلح الساحر حيث أتى )) . وقوله : (( أفتأتون السحر وأنتم تبصرون )) . وقوله : (( يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى )) . وقوله : (( ومن شر النفاثات في العقد )) والنفاثات : السواحر . (( تسحرون )) تعمون .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم ، قال المؤلف رحمه الله تعالى : " باب السحر " وقول الله تعالى : (( ولكن الشياطين كفروا )) .
السحر في اللغة كل شيء يخفى ويكون سببه لطيفا لا يدرك ، ومنه السحر آخر الليل أو هو مأخوذ من السحر الذي هو آخر الليل ، أما في الاصطلاح فهو عبارة عن عقد ورقى وأدوية تؤثر في المسحور في بدنه أو عقله أو غير ذلك مما يتصل به .
والسحر ينقسم إلى قسمين :
قسم مخرج عن الملة وهو ما كان بواسطة الشياطين ودعائهم ، فإن هذا مخرج من الملة .
وقسم آخر لا يخرج من الملة لكن يقتل فاعله حدا ، وهو الذي لا يكون فيه شرك بالله عز وجل ولكنه يقتل فاعله حدا لعظم مضرته وأذاه .
ثم ساق المؤلف رحمه الله الآيات قال : (( ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر )) وأول الآية : (( واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا )) لأنهم زعموا أن سليمان عليه الصلاة والسلام كان ساحرا ، لأنه يأتي بآيات ما يستطيعها الناس ، فقالوا إنه ساحر ، قال الله عز وجل : (( وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر )) والجملة هنا استئنافية كالتعليل لما سبق ، كأنه قيل لماذا كفروا ؟ .
قال لأنهم (( يعلمون الناس السحر )) ، وبهذا نعلم أن السحر المتلقى من الشياطين كفر .
(( وما أنزل على الملكين ببابل )) وبابل مكان معروف في العراق (( هاروت وماروت )) هذان اسمان عطف بيان على قوله : (( على الملكين )) اسمهما هاروت وماروت ، أنزلهما الله عز وجل إلى الأرض فتنة للعباد وصارا يعلمان الناس السحر ، ولكنهما لا يعلمان أحدا حتى ينذراه ويبينا له الحقيقة (( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر )) يعني لسنا نبيح السحر أو نجيزه ، ولكننا نعلمه الناس فتنة لهم فلا تكفر ، وهذا يدل على أن تعلم السحر كفر ، والمراد به السحر الذي يتلقى من الشياطين .
قال : (( فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه )) يتعلمون من هذين الملكين ما يفرقون به بين المرء وزوجه ، وهذا من أعظم السحر ، يعطى للمرأة أو للزوج أو لهما جميعا فيحصل منهما النفرة ولا يستطيع كل منهما أن يقابل الآخر ثم يتفرقا ، ولهذا قال : (( ما يفرقون به بين المرء وزوجه )) ...
قال الله تعالى : (( وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله )) يعني أن الضرر الذي يحدث منهما أو من السحرة ليس على وجه الاستقلال بفعلهم ، ولكنه بإذن الله عز وجل الإذن الكوني أو الشرعي ؟ .
الإذن الكوني ، فهؤلاء السحرة لا يضرون أحدا بأنفسهم واستقلالا بدون الله ، ولكنهم يضرون بإذن الله (( وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله )) وإنما أتى الله سبحانه وتعالى بهذه الجملة ليحث الإنسان على اعتماده على ربه ولجوءه إليه واستعاذته به دفعا ورفعا ، يعني دفعا قبل أن يحدث به السحر ورفعا بعد أن يحدث به ، ما دام الأمر كله بيد الله عز وجل وبإذنه .
قال : (( ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم )) ويتعلمون ما يضرهم فلماذا قال : (( ولا ينفعهم )) ؟.
لئلا يتوهم واهم أن نفي الضرر هنا نفي للأغلب ، يعني أنه لا يضرهم ولكن قد يكون فيه نفع ، فجمع بين النفيين بين إثبات الضرر ونفي الانتفاع فقال : (( ما يضرهم ولا ينفعهم )) .
قال : (( ولقد علموا لمن اشتره ماله في الآخرة من خلاق )) الجملة هنا مؤكدة بثلاث مؤكدات : القسم المقدر واللام وقد ، يعني علموا أي علم هؤلاء الناس بما نزل من الوحي (( لمن اشتراه )) اللام لام الابتداء وهي الذي علقت علم عن العمل في الجملة ، وإلا لولا هذا لنصبت الجزءين .
(( لقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق )) أي ما له نصيب من الآخرة ، وليس أحد ينتفي عنه النفي النصيب نفيا مطلقا في الآخر إلا الكافر هو الذي لا ينال من نعيمها شيئا ، أما الفاسق فإنه قد يعذب في الآخر ويكون له نصيب منها فيما بعد ، وأما من لا نصيب له أبدا فهذا هو الكافر ، وهذا يدل على أن من تعلم السحر فإنه يكفر بدليل جزاءه وعقوبته أنه ليس له في الآخرة من خلاق .
طيب إعراب : (( ولقد علموا لمن اشتراه )) من يقوم به ؟ .
الطالب : الواو قسمية واللام.
الشيخ : من غيره ؟
الطالب : واو القسم.
الشيخ : من غيره ؟
الطالب : الواو استئنافية.
الشيخ : وش تقولون صح ؟ . طيب كمل.
الطالب : اللام لام المزحلقة يا شيخ.
الشيخ : اللام لام القسم ، موطئة للقسم ، كمل.
الطالب : ...
الشيخ : علموا : فعل وفاعل ، كمل .
الطالب : وقد للتحقيق لقد علموا علم فعل ماضي فعل وفاعل ( لمن ) لام الابتداء ومن اسم موصول في محل رفع مبتدأ ( اشتراه ) فعل ماضي.
الشيخ : توافقون على هذا ؟. لا ، عبد الله.
من اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول أول . في محل رفع مبتدأ ؟.
واسم موصول ولا اسم استفهام ؟ ، اسم موصول ، يلا كمل.
الطالب : ( اشتراه ) فعل ماضي والهاء في محل نصب مفعول به.
الشيخ : وين فاعل اشترى ؟.
الطالب : ضمير مستتر جوازا تقديره هو ، ما له جار ومجرور.
الشيخ : الجملة ؟.
الطالب : اشتراه ... جار ومجرور في محل نصب خبرها.
الشيخ : وين ما ؟ ما حجازية ، طيب من يعرب ؟ اللي أعرب أول ما يأخذ ثاني ، ما أعربت طيب من ؟ ما أجبت أبد لا خطأ ولا صواب ؟.
الطالب : لا خطأ أجبت.
الشيخ : طيب ، لا ، من اللي وقف عليه.
الطالب : ما له.
الشيخ : قال ما نافية.
الطالب : له جار ومجرور خبر.
الشيخ : خبر إيش ؟ اصبر.
الطالب : خبر ما يتعلق بمحذوف.
الشيخ : خبر ما ، نعم شاكر.
الطالب : ما مفعول به.
الشيخ : من يعرب ؟
الطالب : ما نافية يا شيخ خبر مقدم.
الشيخ : خبر مقدم لإيش ؟
الطالب : ...
الشيخ : كمل خلاق .
الطالب : خلاق مبتدأ مرفوع ...
الشيخ : كسرة مقدرة ؟.
الطالب : منع من ظهورها .
الشيخ : اشتغال المحل بحركة حر الجر الزائدة. وين خبر من ؟ لمن اشتراه ؟ . أعربناها على أنها مبتدأ فأين خبرها ؟ .
الطالب : ...
الشيخ : وين مفعولي علموا ؟ .
الطالب : ...
الشيخ : علقت عن العمل باللام صح .
الشيخ : قال وقوله تعالى : (( ولا يفلح الساحر حيث أتى )) هذا قاله من ؟ .
قاله موسى : (( إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى )) أو الله ؟.
الآية قبلها : (( قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى )) إذا هو من قول الله عز وجل تعالى (( ولا يفلح الساحر حيث أتى )) ونفي الفلاح عنه يدل على خيبته وأنه خاسر (( حيث أتى )) يعني من أي وجه أتى فإنه لن يفلح . وهذا كقول موسى : (( ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين )) .
وقوله : (( أفتأتون السحر وأنتم تبصرون )) الاستفهام هنا للإنكار ، يعني كيف تأتون السحر وأنتم تبصرون ، من القائل ، موسى ؟ .
اقرأ اللي قبله ، عندك ...
القارئ : " وقوله عز وجل : أفتأتون السحر وأنتم تبصرون . أي إنهم كانوا يعتقدون أن الرسول لا يكون إلا ملكا ، وأن كل من ادعى الرسالة من البشر وجاء بالمعجزة فهو ساحر ومعجزته سحر، ولذا قال قائلهم منكرا على من اتبعه : أفتأتون السحر ، أي أفتتبعونه حتى تصيروا كمن اتبع السحر وهو يعلم أنه سحر " .
الشيخ : إذا القائل الكفار .
القارئ : ...
الشيخ : طيب إذا القائل الكفار ، وقوله : (( يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى )) يخيل إلى موسى من سحر هؤلاء السحرة سحرة فرعون أنها أي الحبال والعصي يخيل إليه أنها تسعى ، يعني يخيل إلى موسى عليه الصلاة والسلام من سحر هؤلاء السحرة وقوته وشدته أنها أي الحبال والعصي تسعى ، أي تمشي بسرعة ، وهذا دليل على أن للسحر تأثيرا ولكنه لا يقلب الحقائق ، لأنه لا أحد يستطيع أن يقلب الحقائق إلا الله عز وجل ، نعم يخيل للإنسان أن هذا كذا وهذا كذا وليس كذلك ، وأما أن تنقلب الأعيان والذوات إلى أعيان أخرى وذوات أخرى فهذا لا يقدر عليه إلا الله . وش يقول ؟.
القارئ : يقول الآية (( أفتأتون السحر وأنتم تبصرون )) من قول كفار قريش.
الشيخ : هم يخاطب بعضهم بعضا ، يقولون هم : (( أفتأتون السحر وأنتم تبصرون )) .
قال وقوله : (( ومن شر النفاثات في العقد )) هذا نوع من أنواع السحر هؤلاء النفاثات النساء ينفثن في العقد ، كلما عقدت عقدة نفثت فيها ، لكنها دعوة للشياطين واستعانة بالشياطين وتسحر ، ولهذا قال (( ومن شر النفاثات في العقد )) وتعقد هذا لأجل أن تحكم سحرها والعياذ بالله.