فوائد حديث : ( ... عن أنس بن مالك قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذةً شديدةً حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته ثم قال : يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك ثم أمر له بعطاء ) حفظ
الشيخ : الله أكبر. في هذا دليل على لباس البرد، وأنه لا بأس أن يلبس البرد ولو كان غليظ الحاشية يعني الطرفين.
وفيه ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلّم من حسن الأخلاق.
وفيه أيضا ما كان عليه الأعراب من الجفاء والغلظة، فهذا الأعرابي جبذ النبي صلى الله عليه وسلّم يعني جذبه هذه الجذبة الشديدة حتى أثّر في صفحة عاتقه عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك التفت إليه وضحك ولم يعبّس في وجهه، وإنما ضحك وأمر له بعطاء، فقابل عليه الصلاة والسلام الإساءة قابلها بالإحسان، وقابل ما كان يُتوقع من الغضب على هذا الأعرابي بالضحك إليه، وهذا لا شك أنه من كمال الأخلاق وأن الرجل كلما كان أعلى مقاما وأرفع في نفسه وأبلغ ترفّعا عن سفاسف الأمور فإن هذه الأشياء لا تهمه لأنه إذا صدرت فهي إنما تصدر من إنسان جاهل، لو أن هذا الرجل عرف قدر رسول الله صلى الله عليه وسلّم هل يفعل هذا الفعل؟ لا، لكنه إنسان جاهل، والإنسان الجاهل ينبغي أن يُعامل بما تقتضيه حاله.
وهكذا ينبغي للإنسان مادام يعرف أنه في مقام رفيع وأن مثل هذا الشيء لا يحط من قدره فينبغي له أن يكون واسع البال وأن لا تؤثّر عليه هذه الأمور، والعاقبة للمتقين. نعم.