فوائد حديث : ( ... عن سهل بن سعد قال : جاءت امرأة ببردة قال سهل : هل تدري ما البردة ؟ قال : نعم هي الشملة منسوج في حاشيتها قالت : يا رسول الله إني نسجت هذه بيدي أكسوكها فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها فخرج إلينا وإنها لإزاره فجسها رجل من القوم فقال : يا رسول الله اكسنيها قال : نعم فجلس ما شاء الله في المجلس ثم رجع فطواها ثم أرسل بها إليه فقال : له القوم ما أحسنت سألتها إياه وقد عرفت أنه لا يرد سائلا فقال : الرجل والله ما سألتها إلا لتكون كفني يوم أموت قال سهل : فكانت كفنه ) حفظ
الشيخ : هذا أيضا فيه دليل على جواز لبس البردة، وأنها هي الشملة لكنها تكون منسوجة في حاشيتها، يعني الثوب الذي يشتمل به الإنسان، فهو ثوب فيه سعة وطول.
أخذها النبي عليه الصلاة والسلام من المرأة كما في القصة، ففيه دليل على جواز قَبول الهبة، بل على مشروعيته، أي مشروعية قَبول الهبة، فإن قَبول الهبة أفضل من الرد لكن بشرط أن تعلم أو يغلب على ظنك أنه أهداها طوْعا لا خجلا، فإن علمت أو غلب على ظنك إنه أهداها خجلا فلا تقبل.
وهل قَبولها حينئذ واجب أو سنّة؟ اختلف في هذا العلماء فالمشهور من مذهب الحنابلة أن قبولها واجب إلا إذا كان حياء أو خجلا فقَبولها حرام.
واستدلوا للوجوب بأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال لعمر: ( ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تُتبعه نفسك ) .
واستدلوا أيضا بأن الهدية سبب للمودة، والمودة بين المسلمين واجبة، وما كان سببا لواجب فهو واجب.
وفي هذا دليل على جواز صدقة المرأة من مالها بلا إذن زوجها. وجهه أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يسألها هل استأذنت زوجها أم لا؟ وهذا هو الأصل، الأصل أن المرأة الحرّة تتصرّف في مالها كما تشاء.
وفيه دليل على العمل أو الكسب بعمل اليد لأن هذه المرأة هي التي نسجتها، وهذا هو الذي يقتضيه الإسلام من أبنائه أن يكون أبناء الإسلام أبناء جد وعمل وكسب لأن الإنسان كما قال بعضهم: إما أن يشغل نفسه بالحق، وإما أن تشغله بالباطل، إن شغل نفسه بالحق والنفع والانتفاع كسِب من الوقت وكسب من عمله ونشاطه وقوته، وإلا كان الأمر بالعكس.
وفيه دليل على حسن خُلُق النبي صلى الله عليه وسلّم وذلك بإعطائه هذا السائل لهذه البردة التي لبسها عليه الصلاة والسلام من فوره.
وفيه دليل على جواز لوم الإنسان إذا فعل ما ينبغي أن لا يفعله لأن الصحابة لاموا هذا الرجل كيف يسأل النبي عليه الصلاة والسلام هذه البردة وقد علم أنه صلى الله عليه وسلّم لا يرد سائلا.
وفيه دليل على جواز إعداد الكفن. انتبهوا لهذه الفائدة، هل تؤخذ من الحديث؟ نعم؟
السائل : ... .
الشيخ : الظاهر إنها لا تؤخذ، لأن هذا إنما طلبها من أجل التبرّك بالنبي صلى الله عليه وسلّم لأن الرسول خرج وهي إزاره.