ما قولكم فيمن يقول : نحتج بخبر الواحد في مسائل الأحكام ولا نحتج به في العقائد لإفادته الظن.؟ حفظ
السائل : بارك الله فيك ، هناك من يفرق في حجية الأخذ بحديث الآحاد بين العقائد والأحكام فيقولون نأخذ به في الأحكام الشرعية ولكن في المسائل الاعتقادية فلا يفيد إلا الظن فما ردكم على ذلك بارك الله فيكم ؟
الشيخ : ردنا في هذا طويل جدا ولنا رسالتان مطبوعتان ولكن لا بد من الجواب ولو بإيجاز ولا سيما أن السائل له حقان ، التفريق بين العبادة وبين العقيدة أيضا من محدثات الأمور سلفنا الصالح لا يعرفون هذا التفريق إطلاقا والوقائع التي تروى لنا في السنة الصحيحة في إرسال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الدعاة من أصحابه إلى العرب وإلى العجم يدل على بطلان هذا التفريق بين العقيدة وبين العبادة فالعبادة تثبت بحديث صحيح عندهم والعقيدة لا تثبت بالحديث الصحيح لا بد أن يكون هذا الحديث حديثا متواترا هؤلاء الحقيقة أنا أعتبرهم مرضى وبقدر ما أنزعج من خطأهم وضلالهم بقدر ما أشفق عليهم لمرضهم لأن المرض كما يكون ماديّا يكون أيضا معنويا فالكفر والضلال الذي يسيطر على كثير من العباد هو مرض ولذلك فيجب أن نعالج أمراض هؤلاء بالدعوة إلى الله كما قال تعالى (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة )) كلنا يعلم لا فرق بين عالم وطالب علم وبين مثقف وبين عامي كلنا يعلم أن الإسلام ما انتشر في أول الزمان وفي آخر الزمان إلا بدعاة من الأفراد يعني ما كان يفعل السلف الأول كما يفعل الخلف اليوم يخرجون بالعشرات إلى أين ؟ قالوا إلى الدعوة وهم بحاجة إلى من يدعوهم فيخرجون دعاة وهم لا يحسنون الدعوة وهم لا يعرفون الدعوة ولا يعرفون الدليل من الكتاب والسنة وأظنكم لستم بحاجة إلى التصريح بمن أعني بهذا الكلام فالكلام واضح جدا لم يكن عمل السلف أن يخرج جماعة فيهم واحد متفقه قليلا والجماعة من عامة المسلمين إلى أين إلى القبائل العربية الجاهلة لتعليمهم إلى المشركين من يهود ونصارى ما كان هكذا عمل السلف ولا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل هكذا من أفراد وإنما يرسل من نخبة أصحاب الرسول عليه السلام علما وأخلاقا وعبادة ومن أشهر هؤلاء علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وأبو موسى الأشعري وأبو عبيدة بن الجراح ونحو هؤلاء من كبار الصحابة ، فمعاذ بن جبل ذهب يدعو إلى اليمن إلى ماذا دعا ، دعا إلى العبادة وترك الدعوة إلى العقيدة هذا مش معقول وبخاصة إنو الرسول عليه السلام حينما أرسل معاذا كان أول ما وصّاه به أن قال له إنك تذهب إلى قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فإن هم استجابوا لك فأمرهم بالصلاة إلى آخر الحديث إذًا معاذ بن جبل أولا ائتمارًا منه بأمره عليه السلام إنما بدأ بالعقيدة وتطبيقا أيضا هو فعل ذلك ، كيف يقال إنو خبر الواحد لا تثبت به عقيدة ورسول الله ما كان يرسل إلا آحادا معاذ لوحده أبو موسى لوحده أبو عبيدة بن الجراح لوحده وهكذا ، وأذكر حديثا في صحيح البخاري أن أبا موسى زار أخاه في منزله في اليمن وإذا برجل مغلّل لما نزل أبو موسى سأل ما بال هذا قال ارتد عن دينه قال والله لا أجلس إلا أن يطبق فيه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( من بدّل دينه فاقتلوه ) فقتل وجلس ، أي إن هذا الصحابي الجليل بلّغ هذا الحكم ونُفّذ فورا وهو آتٍ من بلد كان يدعو إليها وهو وحده فإذًا كيف يقال في آخر الزمان إنو الأحاديث الصحيحة لأنها غير متواترة لا تثبت بها عقيدة وأنا نكّتُّ يوما بأمثال هؤلاء بنكتة حقيقة هي ليست نكتة هي علم لو كانوا يعلمون ، قلت زعموا أن أحد هؤلاء الذين يقولون بأن العقيدة لا تثبت إلا بعدد التواتر ذهب أحد هؤلاء إلى اليابان يدعو إلى الإسلام وحسب القاعدة المتبعة لدى جميع المسلمين وكما فعل معاذ بدأ بالعقيدة ، اليابان ماذا يعلمون من الإسلام لا شيء فإذا هو بدأ بالعقيدة لكن من العقيدة عندهم مع الأسف الشديد أن لا يؤخذ بحديث الآحاد في العقيدة فكان هناك في المجلس شاب كيّس فطن في زاوية من المجلس وقديما قيل في الزوايا خبايا فرفع اصبعو وقلّو يا أستاذ أنت بتقرر أن من العقيدة الإسلامية أن العقيدة لا تثبت بخبر الواحد ونراك أنت تقرر علينا عقيدة الإسلام كذا وكذا وكذا لكني أراك متناقضا حسب دعوتك هذه يجب أن تعود إلى بلدك وتأتي بجماعة التواتر كلهم ويشهدون معك أنو هذا هو الإسلام حتى نقبله منك لأنك تقول أن العقيدة لا تثبت بخبر الواحد وأنت واحد وأنت واحد ، الحقيقة هم يخربون بيوتهم بأيديهم فضلا أنهم يخالفون دعوة الإسلام الحق فهم متناقضون يدعون إلى الإسلام وهو فرد من الأفراد لهذا نقول كل مسلم ورَدَه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بطريق صحيح أنه أخبر خبرا غيبيا أو أخبر خبرا تشريعيا فيجب فورًا أن نصدق به إن كان عقيدة تبناه وإن كان حكما تبنّاه عملا وفعلا وهكذا ، لا نفرق بين حديث الرسول عليه السلام ما كان منه عقيدة وما كان منه حكما كله من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى هذا جرى السلف الصالح وأختم هذه الكلمة جوابا بما سبق أن قلت وهذا ليرسخ في أذهانكم قول العلماء : "
وكل خير في اتباع من سلف *** وكل شر في ابتداع من خلف "
، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.